التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

هرمجدون والملحمة… أدلة وفروقات 

كثر الكلام في الآونة الأخيرة بشكل متزايد عن معركة هرمجدون في وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية، هرمجدون كلمة عبرية وهي تنقسم إلى قسمين، هار وتعني الهضبة ومجيدو وهي المنطقة التي تقع على بعد ٩٠ كلم شمال القدس والتي كانت مسرح حروب ضارية في الماضي، هم يعتقدون بأنها المعركة الفاصلة بين الخير والشر التي ستدور في المستقبل وتكون على اثرها نهاية العالم. المسلمون أيضا يؤمنون بمعركة كبرى هائلة تقع في آخر الزمان محورها الخير والشر يكون النصر فيها للمسلمين على الصهيونية وأعداء الدين وتسمى المعركة بـ”الملحمة”، والفكرة وإن كانت واحدة في الظاهر إلا أن الإختلافات كثيرة، فما هي أدلة المسلمين على “الملحمة” وإدعاءات الصهيوينة على هرمجدون؟ وأين تكمن الفروقات بينهما؟

 

إدعاء الصهيونية:

يعتقد اليهود انهم شعب الله المختار، ويرجع اهتمام الغرب قادة وعلماء بهذه الكلمة لأنها وردت في موضع من الإنجيل في سفر الرؤيا والنص كالتالي: “ثم سكب الملاك السادس جامه على النهر الكبير، الفرات، فنشف ماؤه لكي يعد طريق الملوك الذين من مشرق الشمس، ورأيت من فم التنين ومن فم الوحش ومن فم النبي الكذاب ثلاثة أرواح نجسة شبه ضفادع فإنهم أرواح شياطين صانعة آيات تخرج على ملوك العالم وكل المسكونة لتجمعهم لقتال ذلك اليوم العظيم يوم الله القادر على كل شيء، ها أنا آت كلص، طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه لئلا يمشي عريانا، فجمعهم إلى الموضع الذي يدعى بالعبرانية هرمجدون”.

فمن الأزمات التاريخية لليهود إلى احتلالهم أرض فلسطين أرادوا من هذا المصطلح نشر فكرهم التلمودي المزيف والمتناقض مع القيم والمبادئ الإنسانية، ولهذا يسعى ساسة الغرب إلى تثبيت هذا الفكر وهذه المعركة من وجهة نظرهم لما يخدم المآرب الصهيونية، فهم يأخذون من فكرة قرب نهاية العالم ومعركة المستقبل حجة لقتل الأبرياء ومن يخالفهم والإهتمام بالتسلح النووي واحتلال الأراضي وما شابه ذلك من اعمال وحشية تعسفية ضد الإنسانية.

الرؤية الإسلامية:

يرى المسلمون أن هذه المعركة ستتلازم مع ظهور منقذ البشرية الذي سينشر العدل ويقضي على الظلم، وفي حديثهم عن “الملحمة” استشهدوا بأدلة كثيرة نذكر بعضاً منها كالتالي:

– روي أبو داود والطبراني في كتابيهما حديثاً نقلاه عن جابر أن الرسول صلى الله عليه واله وسلم قال “ستصالحون الروم صلحا آمنا فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم فتنصرون وتغنمون وتسلمون ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب فيقول: غلب الصليب فيغضب رجل من المسلمين فيدقه فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة”(١). وأجمع المسلمون في تفسير الصليبية هنا أن المقصود منها المشركون والمعتدون على المسلمين، وهو ما يمكن تطبيقه على الصهيونية وداعميها.

– وروى مسلم في صحيحه حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: “لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا تصافوا قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ويفتتح الثلث لا يفتنون أبدا، فيفتتحون قسطنطينية فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان إن المسيح قد خلفكم في أهليكم فيخرجون وذلك باطل فإذا جاؤوا الشام خرج، فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فأمهم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو تركه لانذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته”.(٢)

الفروقات بين النظرة الإسلامية والنظرة الغربية والصهيونية:            

– مصطلح هرمجدون يقابله في المفهوم الإستسلام لليهود الغاصبين على أنه أمر حتمي وأن ضياع فلسطين وهدم القدس وبناء الهيكل المزعوم أمر صائر لا مناص منه، فيما يرى المسلمين أن “الملحمة” هي معركة انتفاضة أهل الحق على أهل الباطل بهدف صون الإنسانية والمعتقد.

– “هرمجدون” في الفكر الصهيوني نتائجه سيادة الصهيونية على العالم، فيما “الملحمة” نتائجها نشر العدل والأمان بين ابناء البشرية جمعاء.

– “الملحمة” ثابت بالروايات عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهي الروايات الثابتة التي لم تتغير ولم تتبدل من قديم إلى جديد، فيما “هرمجدون” لا ذكر لها في النسخ القديمة للتوراة بل ذكرت في النسخة الجديدة مرة واحدة.

– “هرمجدون” في الإدعاء الصهيوني هو معركة انتصارهم، و”الملحمة” هي معركة انتصار المسلمين على اعداء الديانات السماوية.

– يحدد المروجون لـ “هرمجدون” ان المعركة ستقع في رأس الألف سواء الأولى أو الثانية، وباعتبار أنها لم تقع فيهما فهم سينتظرونها في الالف الثالثة، فيما يعتقد المسلمون أن توقيتها أمر غيبي لكنها شرط من شروط الساعة.

تجمع الديانات على أن نهاية العالم لا تكون إلا بانتصار اهل الحق على الباطل، وأن العالم سيسوده العدل والأمن والخير وستنتشر تعاليم الإنسانية التي دعا لها الرسل أجمع، ولا مكان على وجه الأرض للمدعين بالتسلط على البشرية.

 

المصادر:

[١] – كتاب الملاحم – سنن ابي داود- باب ما يذكر من ملاحم الروم- رقم الحديث ٣٧٤٣.

[٢] – كتاب الفتن وأشراط الساعة – صحيح مسلم – باب في فتح القسطنطينية وخروج الدجال ونزول عيسى ابن مريم – رقم الحديث ٢٨٩٧.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق