العدوان علی الیمن وکرة اللهب المتدحرجة
الحرب اليمنية والتي دخلت شهرها الثالث حملت الكثير من المتغيرات فالبداية كانت مقتصرة على قرارات الطرف السعودي الذي كان مستأثراً¬ بزمام المبادرة من خلال سلاح الجو الذي كان يقصف الأراضي اليمنية دون أي رادع، ولكن سرعان ما انقلبت الطاولة وتبدلت قواعد اللعبة فالحرب التي كان من المتوقع أن لا تتجاوز الحدود اليمنية السعودية، زحفت الى داخل الأراضي السعودية وتغلغلت فيها ووقع مالم يحسب له حساب.
المفاجأة كانت بدخول أنصار الله والجيش اليمني الى الأراضي السعودية فوفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية تعرض في الفترة الأخيرة اكثر من ٢٧ موقع عسكري سعودي داخل الأراضي السعودية الى هجمات من قبل القوات اليمنية، كما أكدت الوكالة أن ما لايقل عن ٨٠ جندي سعودي قتلوا اضافة الى ٣٥ جندي وقعوا أسرى لدى أنصار الله، وكذلك فإن الكثير من المعسكرات السعودية سقطت بيد اليمنيين ومن أبرزها معسكر “عين الحارة” الذي سقط بكامل عتاده، بالاضافة الى الكثير من المواقع الاخرى التي سقطت والتي يتبع بعضها الى الحرس الوطني كالفرقة السابعة في محافظة جازان، هذا وبثت قناة “المسيرة” اليمنية مشاهد لاقتحام عناصر من الجيش واللجان الشعبية لموقع “تويلق” السعودي في جيزان وفرار العسكريين السعوديين منه.
التحولات الميدانية التي شهدتها الساحة اليمنية جاءت خلاف نظر الكثير من الخبراء العسكريين الذين توقعوا أن حركة أنصار الله ستكون في هذا العدوان هي الحلقة الأضعف، فالقصف الجوي سيعيق حركتها وانتشارها في الأراضي اليمنية وسينهكها، وعندها سيكون تنظيم القاعدة الارهابي قادر على نزع ما تبقى من روحها ولكن الأيام الماضية أثبتت خلاف هذا الكلام، فالحرب لم تمنع أنصار الله من مجابهة تنظيم القاعدة التكفيري والتغلب عليه في كثير من المناطق، والتي كان آخرها منطقة “الشعف” في محافظة “جوف” وذلك بعد أن قتل أنصار الله أكثر من ٤٠٠ عنصر من تنظيم القاعدة الارهابي وهذا ما أفشل مشروع سعودي كان يقضي بفتح جبهة شمالية ضد العاصمة صنعاء لإنهاك مقاتلي أنصار الله.
لم تقتصر المفاجئات التي اكتنزها أنصار الله في جعبتهم على صمودهم في وجه تنظيم القاعدة الارهابي رغم استهداف الطيران السعودي لهم، فأنصار الله وكذلك الجيش اليميني والقبائل استطاعوا التقدم والتوغل في الأراضي السعودية في ما يُسجَّل كنصر ميداني، والحرس الوطني الذي كانت السعودية قد أعلنت عن تحرصه للمشاركة بالعدوان على اليمن بناءً على أمر الملك سلمان بن عبد العزيز الذي صدر في ٢١ نيسان من العام الجاري والذي عقب عليه وزير الحرس الوطني متعب بن عبد الله بن عبد العزيز بتأكيده على”الجاهزية التامة والاستعداد المتكامل لكافة قوات الحرس الوطني”، لم يستطع منع اليمنيين من التقدم بل سقطت معسكرات تابعة له (كالفرقة السابعة في محافظة جازان).
واللافت أن السعودية تدرك جيداً الوضع المتأزم في حدودها وما وصلت اليه الأوضاع، وهي تذعن ضمنياً بضعف جيشها، وهذا ما أشار اليه تقرير سابق لراديو “أوستن” الأوروبي جاء فيه أن السعوديون متوجسين من حرب برية تندلع على حدودهم وأكد التقرير أن قبول السعودية لـ(٢١٠٠) جندي سنغالي للقتال معهم في العدوان على اليمن، يعكس قلقاً كبيراً لدى القيادة السعودية من العجز على مواجهة برية مع اليمنيين، كما كانت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية قد أشارت الى أن “السعودية سعت جاهدة لكسب دعم حلفائها من أجل المساعدة في تنفيذ هجوم بري”، وهذا مايؤيد المقولة التي تعتبر أن تأكيد السعودية على جهوزية حرسها الوطني ليس الا حرباً نفسية لزرع الخوف في قلوب اليمنيين، ومنعهم من التفكير بمهاجمة المعسكرات داخل الأراضي السعودية.
الهوس السعودي من المواجهة البرية لإدراكهم ضعف جيشهم ومحاولة التغطية على ذلك لم يمنع حصول مايخشونه ولم يقف حيال تدحرج كرة اللهب وانتقال الحرب الى داخل الأراضي السعودية، فأنصار الله يتقدمون في الأراضي السعودية ويستولون بالمشاركة مع الجيش اليمني والقبائل على العديد من المعسكرات السعودية بعد فرار الجنود السعودين منها أو ملاقاتهم أحد المصيرين، إما القتل خلال المواجهة أو الأسر بعدها، وهذا ماقلب طاولة الحرب على السعودية التي باتت لاتملك الا سلاح الجو الذي لايشبع ولايغني من جوع.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق