مؤتمر جنيف والسيناريوهات المرتقبة!
لم تعد تفصلنا سوى ساعات قليلة على الإنطلاقة الرسمية لمؤتمر جنيف في حال لم تظهر أي عراقيل جديدة، حيث من المقرّر أن تقلع بعد ظهر اليوم طائرة وفد صنعاء بحلّته الجديدة من جيبوتي بإتجاه جنيف.
الاحزاب المشاركة
خلطت التشكيلة الجديدة لوفد صنعاء بعد قرار التعديل الذي أجراه المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد أوراق وفد الرياض الآتي من السعودية، والذي يضمّ سبعة ممثلين وهم: وزير الخارجية المكلّف رياض ياسين والقيادي المنشق عن حزب المؤتمر الشعبي أحمد الميسري ووزير حقوق الانسان عز الدين الأصبحي والأمين العام لحزب الرشاد عبدالوهاب الحميقاني وأحد كبار شيوخ صعدة عثمان مجلي والأمين العام لحزب العدالة والبناء عبدالعزيز الجباري إضافة إلى وزير المياه فهد سليم كفاين. القرار الجديد للمبعوث الأممي تضمن إعادة تقسيم لأطراف التفاوض بحيث تصبح أربعة أطراف هي “أنصار الله” و”المؤتمر الشعبي العام” و”اللقاء المشترك” و”الحراك الجنوبي” بدلاً عن الصيغة السابقة. وقد ضمّت وفود صنعاء الأسماء التالية: وفد حركة “أنصار الله” وحلفائها والذي يضم مهدي المشاط وحمزة الحوثي وعلي العماد وعبد السلام جابر ممثلا الجنوب وكل من عمار مرشد وعبدالملك الحجري كممثلين عن حزب الكرامة. وفد المؤتمر الشعبي وحلفائه ويضم عارف الزوكا وأبو بكر القربي وقاسم سلام وعادل الشجاع وياسر العواضي وفائقة السيد وغالب المطلق من الحراك الجنوبي.
أما حزب البعث العربي الإشتراكي فيمثله محمد الزبيري، ويوفد حزب الحق حسن زيد ممثلا عنه، ومن حزب العدالة والبناء أيضا يحضر محمد أبو لحوم كمراقب للمفاوضات.
السيناريوهات المرتقبة:
تدرك مختلف الأطراف المشاركة في مؤتمر(حوار) جنيف، أن التعنّت لن يفضي إلى أي نتيجة تختلف عن الوضع الحالي، إلا أنه يمكن من خلال قراءة مجريات الأحداث الجارية حالياً على الأراضي اليمنية رصد سيناريوهين لنتائج هذه المحادثات.
رابح – رابح
يمتلك هذا السيناريو الحظ الأوفر حيث أنه بمجرد قبول الأطراف المشاركة بالإجتماع، يعني أن هذه المحادثات ستجري على قدم وساق للوصول إلى نتيجة مرضية للطرفين، وهذا الأمر ليس ببعيد عن اليمنيين إذ يعتبر إتفاق السلم والشراكة مثالاً يحتذى به للتفاوض بين مختلف الأطراف اليمنية تحت رعاية خارجية فقط، ومن دون أي تدخّل أو وصاية.
تقف أسباب عدة (سعودية ويمنية) وراء تعزيز فرصة نجاح المحادثات والتوصل إلى مخرج للأزمة اليمنية تضع حدّاً للعدوان السعودي على الشعب اليمني، أبرزها:
– هناك خشية سعودية من حدوث إنقلاب من داخل الأسرة الحاكمة على سلمان، حيث كشف مصدر مطلع عن محاولة حصلت في الآونة الاخيرة بتعاون بين ولي العهد سابقاً الأمير مقرن ورئيس الإستخبارات الأسبق بندر بن سلطان لعزل سلمان أثناء تواجد المحمدين(بن سلمان وبن نايف) في مؤتمر “كامب ديفيد”، إلا أن السلطات السعودية نجحت في كشف “المؤامرة” قبل تنفيذها، وهناك حديث يجري حالياً عن خضوع مقرن للإقامة الجبرية.
– كشف مصدر مطلع عن معلومات تؤكد وقوف الأمير بندر بن سلطان وراء التفجيرات التي حصلت في المنطقة الشرقية أخيراً، إلا أن السعودية أدركت هذا الأمر وعملت على معالجته كون بن سلطان يهدف لتأزيم الوضع الأمني في الداخل مستفيداً من إنشغال ولي العهد ونائبه في الحرب على اليمن.
– أدركت السعودية فشل عدوانها على الشعب اليمني في تحقيق أهدافه الموسومة رغم مرور حوالي ثلاثة أشهر عليه، كما أن أي إستمرار للعدوان يعرّض العمق السعودي للخطر حيث باتت المعارك تدور في الآونة الاخيرة على الحدود السعودية وداخل أراضيها، ولا شكّ في أن البيان الصادر عن قبائل نجران قبل ساعات من إنطلاقة المؤتمر في جنيف سيعزّز من فرص قبول سلطات الرياض بوقف العدوان.
– نجاح سلمان في وضع ابنه محمّد على سكّة العرش، وبالتالي تحقيق أحد أهم أهداف عدوان بلاده على الشعب اليمني، خاصةً أن إستمرار الحرب من دون القدرة على حسم المعركة لصالح قوات التحالف سيقضي على ورقة محمد الابن.
– تستطيع السعودية وقف عدوانها على الشعب اليمني عبر مخرج يحفظ ماء وجهها، فبإمكان سلطات الرياض الإستفادة من الشهر الفضيل(شهر رمضان) لإعلان وقف عدوانها على الشعب اليمني كونها “مملكة الخير”، وبالتالي تحسين صورتها عبر “شهر الرحمة”.
– حاجة وفد صنعاء لوقف العدوان بأي طريقة نظراً لمعاناة الشعب اليمني من جرّاء القصف الذي تتعرّض له البلاد، وهذا ما يفرض عليه تقديم بعض التنازلات التكتيكية خدمةً للإستراتيجية.
خاسر – خاسر
تعتبر العوامل المذكورة أعلاه من أهم الأسباب التي تعزّز فرص التوافق بين الأطراف اليمنية في مؤتمر جنيف، إلاّ أن هناك العديد من العقبات أيضاً التي قد تفضي إلى نتيجة مختلفة عنوانها “خاسر- خاسر”، أبرزها:
– يعتبر العدوان الحالي للسعودية هو أول حرب تشنّها خارجياً، كما أنها رفعت سقف مطالبها عالياً مع بداية عاصفة الحزم، لذلك يصعب على السعودية التي فشلت في تحقيق أي هدف حقيقي بدءاً من تغيير العاصمة وليس إنتهاءاً بـ”إعادة هادي وإنسحاب المسلحين من صنعاء ومختلف المحافظات”، أن تنهي عدوانها دون تحقيق مكاسب ميدانية تحفظ ماء وجه قواتها التي أنفقت عليها عشرات المليارات من الدولارات في الآونة الأخيرة.
– تمسّك وفد الرياض بتطبيق القرار الأممي ٢٢١٦، رغم إدراكهم المسبق موقف الاطراف اليمنية من هذا القرار الذي صدر برعاية أمريكية ومطالبة سعودية.
– لطالما سعت السعودية سابقاً لمنع أي حوار يمني-يمني، خاصةً أنها تكرّر دائماً مقولة إن أي حل يجب أن يرتكز على المبادرة الخليجية والقرار الأممي ٢٢١٦، متجاهلةً إتفاق السلم والشراكة.
– لن يقبل وزير الدفاع السعودي صاحب التجربة المتواضعة جداً محمد بن سلمان والذي يسيطر على زمام الأمور في السعودية بوقف العدوان، لأن الامور لن تكون في صالحه وخاصةً في ظل وجود العديد من الأمراء الذين خالفوه منذ بدء العدوان، ففي حال أوقف العدوان دون أي نتائج تذكر فذلك يعني القضاء على مستقبله في الحكم.
ختاماً، يبدو أن السعودية باتت بحاجة أكثر من أي وقف مضى لإنهاء عدوانها على الشعب اليمني بصورة تحفظ ماء وجهها، وقد تسعى الامم المتحدة لتمرير السيناريو الأول عبر تقديم كلا الأطراف تنازلات تفضي لإنهاء العدوان في شهر الرحمة، إلا أن الأمر الأكيد هو عدم قبول الطرفين بصيغة “رابح – خاسر”.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق