التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

أمريكا والسلاح النووي: بين نقض المعاهدات، والمأزق الدولي والسياسي الجديد 

تنتهك واشنطن القوانين والمعاهدات الدولية، لا سيما ما يتعلق بالشأن النووي، وتدَّعي أنها تسعى لجعل العالم بعيداً عن السلاح النووي، فيما تقوم بحماية ترسانة الكيان الإسرائيلي، وتحاول الضغط على إيران. وهنا يأتي الحديث عن التصريحات الروسية التي صدرت مؤخراً، الى جانب مجريات المؤتمر الذي عُقد في نيويورك، لمراجعة معاهدة عدم الإنتشار النووي والذي عارض الغرب مقرراته لا سيما أمريكا. فماذا في انتهاك واشنطن لمعاهدة الإنتشار النووي؟ وكيف تُعتبر القضية النووية قضية مهمة عالمياً وعربياً؟

 

 

واشنطن تنتهك معاهدة حظر انتشار السلاح النووي

أعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيانها الخميس المنصرم، أن ما يسمى بالبعثات النووية المشتركة التي تنظمها واشنطن وحلفاؤها في الناتو، تنتهك بشكل خطير معاهدة حظر إنتشار السلاح النووي. مشيرةً إلى أن مشاركة دول أوروبية غير نووية في مختلف الأنشطة المتعلقة باستخدام الأسلحة النووية تتعارض مع المعاهدة روحاً ونصاً. وطالب البيان بإعادة كافة الأسلحة النووية الأمريكية غير الإستراتيجية إلى الأراضي الأمريكية، وحظر نشرها في الخارج وتدمير البنى التحتية التي تسمح بنشر هذه الأسلحة بسرعة والتخلي عن التدريبات النووية بمشاركة دول غير نووية. كما ذكر البيان أن موقف واشنطن بشأن اتفاقية الحظر الشامل للتجارب النووية، لا يساعد على تعزيز نظام عدم الإنتشار النووي، مشيرأ إلى أن مماطلة أمريكا في توقيع الإتفاقية المذكورة تعرقل تحولها إلى آلية قانونية دولية فاعلة.

 

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد نشرت في ٥ حزيران تقريراً تحت عنوان “حول الإلتزام بالإتفاقيات الدولية في مجال الرقابة على الأسلحة ونزع الأسلحة وعدم إنتشارها في عام ٢٠١٤”، وأورد هذا التقرير عدداً من الإعتراضات على ما اعتبرته واشنطن انتهاكات للإتفاقيات المذكورة من جانب روسيا. وهو الأمر الذي ردت عليه الخارجية الروسية في بيانها الخميس، مشيرةً إلى أن واشنطن تواصل لعب دور “حاكم” يُقيِّم تنفيذ الدول التزاماتها في مجال الرقابة على الأسلحة وعدم انتشارها. مضيفة أن ذلك يهدف قبل كل شيء إلى خدمة مصالح أمريكا. ووصفت الخارجية التقرير الأمريكي بأنه غير موضوعي ومُنحاز ويتضمن الكثير من تجاوزات ومعلومات خاطئة ومزورة.

 

أهمية قضية الأسلحة النووية وتحليلها:

قضية الأسلحة النووية في الشرق الأوسط والعالم، كانت من الأمور التي تأخذ جدلاً واسعاً وبالتحديد حين يأتي الحديث عن الأمن القومي العالمي والعربي. وهنا من الضروري الإطلالة على المؤتمر الأخير الذي عُقد في نيويورك في الفترة الممتدة بين ٢٧ نيسان وحتى ٢٢ أيار، تحت عنوان “مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الإنتشار النووي”. وقد شهد معظم شهر أيار المُنصرم نقاشاً مستفيضاً في المؤتمر خصوصاً بشأن قرار الأمم المتحدة لسنة ١٩٩٥ الخاص بإخلاء المنطقة من الأسلحة النووية، في ضوء معاهدة حظر الأسلحة النووية ١٩٧٠، والوثيقة التي قدمتها مصر والعرب للمؤتمر الأخير في نيويورك.

 

وقد وافقت الغالبية الساحقة من الدول، وعددها ١٩٠ دولة، على المبادرة العربية لإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في مشروع البيان الختامي، فيما اعترضت على جزء منه فقط ثلاث دول وهي أمريكا، كندا وبريطانيا، وذلك بحسب المحللين خدمةً لترسانة الكيان الإسرائيلي النووية. وقد ساقت هذه الدول مبررات أفشلت جهود المؤتمر، عكست سياسة التسلط والهيمنة الأمريكية.

 

وقد استغرب المحللون، كيف أن دول العالم كله الممثلة في المؤتمر، وافقت على اقتراحات مصر بضرورة تنفيذ قرار ١٩٩٥ لإحياء الإتفاقية، ولإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، إلا أن أمريكا وكندا وبريطانيا، وقفت ضد الإقتراح وأجلته كالعادة في كل المؤتمرات المعنية بهذا الأمر. على الرغم من أنها تضغط بكل ما تستطيع على إيران لوقف مشروعها أو برنامجها النووي السلمي، ولا تعبأ بمئتي رأس نووي عند الكيان الإسرائيلي. لقد غاب هذا الكيان دوماً عن تلك المؤتمرات، كما أنه لم ينضم إلى المعاهدة التي تضم ١٩٠ دولة. وكل ذلك دعماً من سياسة الکيل بمكيالين التي تُجيدها أمريكا، وهي التي تقود الغرب وتسعى لتفريغ الدول العربية خصوصاً على الحدود مع فلسطين من أي أسلحة، الى جانب إنهاكها بشتى الطرق في الصراعات. وفي مقدمة الأهداف، فرض استيراد الأسلحة بالمليارات، لا لمحاربة الأعداء الحقيقيين، بل لمحاربة الشعوب بعضها البعض، وإنهاك الإقتصادات العربية حتى في الدول النفطية. كل ذلك يمكن تأكيده، من خلال الوثيقة التي تم نشرها في مطلع شهر اذار ٢٠١٥، والتي تحدثت عن إتفاقٍ أمريكيٍ إسرائيلي مؤرخ في نيسان ١٩٨٧، يتحدث عن وجود تعاون مع الكيان الإسرائيلي ساهم في إنتاج الأخير لقنبلة حرارية نووية.

 

كالعادة تسعى واشنطن لفرض سياستها على الجميع. لكن المشكلة اليوم هي أن المسألة النووية تُشكل بحد ذاتها أمراً خطيراً يجب الوقوف عنده. فأمريكا لم تعد قادرة على إخفاء حقيقة أنها تسعى لفرض شروطٍ على دولٍ دون أخرى. لكنها في الوقت نفسه الذي تضغط فيه على إيران، تسعى للجلوس معها خدمةً لمصالحها. وهو الأمر الذي يبيِّن حالة الضعف الأمريكية والتي أصبحت اليوم أمام واقعٍ جديدٍ رافضٍ لسياساتها على الصعيد العالمي، تقوده روسيا والصين. وهو ما يشكل بحد ذاته خطراً على الأمن القومي الإسرائيلي الذي سعت واشنطن دوماً لحمايته، مما أدخلها في مأزقٍ دولي وسياسي جديد.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق