التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

الكيان الإسرائيلي وامتلاك السلاح النووي: بين الغموض المفضوح والدعم الفرنسي 

في ظل ضغطٍ دوليٍ على إيران، نجحت طهران في التعامل معه، والإبقاء على حقوقها مع الإلتزام بالقوانين الدولية، يجري الحديث اليوم عن النفاق الذي يتصف به أغلب الدول التي تمتلك سلاحاً نووياً لا سيما أمريكا والكيان الإسرائيلي. وهو الأمر الذي يبدو جلياً، من خلال سياسة واشنطن تجاه المنطقة، الى جانب عدم توقيع الكيان الإسرائيلي لمعاهدة عدم انتشار السلاح النووي. وتعتبر فرنسا من الدول التي ساهمت في بناء ومساعدة الكيان الإسرائيلي في الموضوع النووي. فماذا في تاريخ انتشار السلاح النووي؟ وكيف يمتاز الكيان الصهيوني بإحتكار هذه السلاح؟ وكيف ساهمت فرنسا في ذلك؟

 

 

السلاح النووي: بين عدم الإنتشار وسياسة الإحتكار

تعتبر أمريكا الدولة الأولى في العالم التي امتلكت السلاح النووي، واستعملته في حربها ضد اليابان العام ١٩٤٥، وقد بذلت جهوداً كبيرة لاحتكاره، والحؤول دون انتشاره. بعدها إستطاع الإتحاد السوفياتي امتلاك هذا السلاح العام ١٩٤٩ وبريطانيا العام ١٩٥٢. خلال فترة الخمسينيات من القرن الماضي طور الإتحاد السوفياتي تقنية الصاروخ، واستطاع العام ١٩٥٧ إرسال أول قمر صناعي الى الفضاء الخارجي، وبذلك أصبح هذا الصاروخ قادراً على حمل رؤوس نووية، ما شكل تهديداً للأراضي الأميركية، التي لم تعد بمنأى عن أي هجوم سوفياتي محتمل. لحقت فرنسا بركب الدول النووية في شباط العام ١٩٦٠، ولحقتها الصين الشعبية العام ١٩٦٤، وبذلك اكتمل النادي النووي المؤلف من الدول الخمس الكبرى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، وصاحبة حق النقض (Veto) في مجلس الأمن الدولي، وقد حاولت الهند اللحاق بهذا الركب ايضاً، وأجرت أول تجربة نووية العام ١٩٧٤، ولكنها أبقيت خارج النادي الدولي النووي، غير أنها حرّضت شقيقتها اللدود الباكستان على العمل للحصول هي أيضاً على سلاحها النووي لإقامة التوازن الأمني مع الهند، لا سيما أن الحرب كانت ما تزال مستمرة بينهما في ذلك الوقت، وقد تم لها ذلك العام ١٩٩٨.

 

الإنتشار النووي

أدى إنتشار الأسلحة النووية الى تسعير حمى سباق التسلح، وشكّل مضامين خطيرة على جوهر السلام، خصوصاً مع إمكان وقوع قنبلة نووية بأيدي مجموعة عدوانية أو إرهابية. وبدعوى الحد من تزايد السعي للحصول على الأسلحة النووية، تـمّ التوقيـع على معاهدة للحد من انتشار الأسلحة النووية ومنعه (NPT= NON – Proliferation Treaty)، وذلك في الأول من تموز العام ١٩٦٨، والتي دخلت حيّز التنفيذ في ٥ آذار ١٩٧٠. وقد أوجدت هذه المعاهدة منظومة من التدابير للمراقبة والحماية. فالوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA – International Atomic Energy Agency) تضطلع بمسؤولية التحقق من أن المواقع النووية التي تراقبها لا تستعمل لأغراض عسكرية، وذلك من خلال تقرير الحكومات المعنية والموقعة على المعاهدة، كذلك من خلال التفتيش العملي في المواقع النووية المحددة. وقد التزمت دول المعاهدة تسهيل عمل الوكالة للوصول الى أي مركز أو منشأة نووية، أو ذات صلة، للكشف عليه، والتأكد من حسن تطبيق التدابير الضرورية للحماية. فيما بقي الكيان الإسرائيلي بعيداً عن هذه المعاهدات، وظلت مسألة سلاحه النووي في خانة الغموض.

لذلك لم يتجاوز عدد الدول الأعضاء التي تمتلك السلاح النووي رسمياً الخمسة، طوال الفترة ما بين ١٩٦٨ و١٩٩١، مع الإشارة الى تجربة الهند العام ١٩٧٤، وجنوب أفريقيا الى جانب الكيان الإسرائيلي.

 

الشرق الأوسط والنووي الإسرائيلي

يعتبر الكيان الإسرائيلي الجهة الوحيدة في الشرق الأوسط حالياً التي تمتلك أسلحةً نووية. فقد قطع برنامجها النووي مراحل متقدمة وانتج عشرات الرؤوس النووية وربما المئات، وتعتمد حكومة الكيان سياسة “الغموض الإيجابي” حول ملكيتها السلاح النووي، وعدده، وهي لم تنضم الى معاهدة عدم الإنتشار حتى اليوم، على الرغم من ضغوطات المجموعة العربية، والأمم المتحدة، حتى أن مشاريع جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل باءت بالفشل، وذلك لرفض الكيان الإسرائيلي إخضاع مفاعلاته النووية لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما أن واشنطن، لا تبذل جهداً للضغط عليها لقبول ذلك. وللإشارة فقد قام الكيان الصهيوني بضرب مفاعل “أوزيراك” في العراق العام ١٩٨١، ثم قامت أمريكا بعدها بإحتلال العراق وإسقاط نظامه تحت شعار إخفائه أسلحة دمار شامل، أو عدم السماح بالتفتيش عليها، العام ٢٠٠٣.

 

الدور الفرنسي في مسألة النووي الإسرائيلي

تتسم السياسة الإسرائيلية بالغموض حيال برنامجها النووي، لاسيما وهي لم تنف أو تؤكد حتى اليوم بشكل رسمي إمتلاكها لأي سلاح نووي، ومع ذلك فالجميع يعلم طبيعة برنامجها منذ بدأ بإنشاء مفاعل ديمونة بمساعدة فرنسية عام ١٩٥٨، وهي تمتلك طبقًا للتقديرات المختلفة حوالي ٧٥ – ٢٠٠ رأس نووي، تشمل القنابل ورؤوس الصواريخ والأسلحة غير الإستراتيجية.

في يونيو ٢٠٠٢، أعلن مسؤولون بوزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون لصحيفة واشنطن بوست أن الكيان الإسرائيلي وبمساعدة فرنسا تقدم في مجال السلاح النووي. كما أشار المسؤولون الى أن الكيان يمتلك ثلاث غواصات قادرة على حمل رؤوس نووية، وقد تعاقد مع شركتين ألمانيتين، هي ثيسن نوردتسفركه وهوفالدزفركه لبناء غواصات لصالح الجيش الإسرائيلي، تُعرَف بغواصات دولفين، ويبلغ طولها ٥٧.٣ مترًا، وتستطيع حمل ١٩٠٠ طن والوصول لسرعة ٢٠ عقدة (حوالي ٣٦ كيلومترًا في الساعة)، وقد تسلّم الكيان الإسرائيلي الغواصات الثلاث خلال عامي ١٩٩٩ و٢٠٠٠، وتكلفت الواحدة حوالي ٣٠٠ مليون دولار.

كما أن فرنسا غيَّرت في ترسانتها النووية منذ الستينيات إلى اليوم بشكل كبير، فيما يتعلق بعدد المواقع التي تخزّن فيها تلك الرؤوس. وهي تملك نوعين من السلاح النووي، صواريخ باليستية تطلق من الغواصات، وهي موجودة في قاعدة في بريتاني، وصواريخ أرض جو تحملها الطائرات، بالإضافة إلى ذلك، توجد منشأة لإنتاج الرؤوس النووية في فالدوك.

 

النتيجة:

إن مقولة عالم يسوده السلام، مقولة سياسية بإمتياز تهدف للترويج لمشاريع الدول الكبرى. أما الحديث عن عالم خالٍ من السلاح النووي، فقد أصبح خدعةً معروفة. فأمريكا التي كانت أول من امتلك هذا السلاح، تحمي الكيان الإسرائيلي، وسلاحه النووي. فيما تُعتبر فرنسا الدولة التي طالما نادت بالديمقراطية، بلداً ساهم في تطوير البرنامج النووي للكيان الإسرائيلي. لنقول هنا، لم يَعد غموض الكيان الإسرائيلي سوى من الماضي، كما أن الدور الفرنسي في ذلك، أصبح معروفاً لدى الجميع.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق