هل يمكن تسوية الأزمة السياسية الثانية في أفغانستان عن طريق التفاهم السياسي؟
منذ عدة أيام، ومع اقتراب موعد انتهاء المدة القانونية لعمل البرلمان الأفغاني وعدم إجراء الانتخابات البرلمانية من جانب حكومة الوحدة الوطنية في هذا البلد تصاعدت حدة الحديث عن هذا الموضوع نظراً لوجود اختلافات في وجهات النظر بين قادة الحكومة حول تشكيل “لجنة الإصلاحات الانتخابية”.
وهناك جدل شديد بين الاطراف السياسية المؤثرة في البلد بشأن مواصلة البرلمان أعماله من الناحية القانونية بعد فشل الحكومة في إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرر.
ومن أجل اقناع الرأي العام في البلاد بشرعية استمرار البرلمان بعمله وضع الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني نوعين من الحلول على جدول أعماله لحل هذه الأزمة يمكن تلخيصهما على النحو التالي:
الأول: عقد اجتماع شامل مع جميع زعماء أفغانستان عبر الدائرة الفيديوية المغلقة وأخذ رأي الشعب الأفغاني حول كيفية مواصلة عمل البرلمان.
الثاني: إحالة اتخاذ قرار بشأن مواصلة عمل البرلمان إلى المحكمة العليا الأفغانية.
ووفقا للأخبار والتقارير التي أوردتها وسائل الإعلام الأفغانية يبدو أن هناك قلقاً شديداً لدى الشعب الأفغاني من امكانية تكرار الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد العام الماضي والتي نجمت عن عدم حسم نتيجة الانتخابات الرئاسية التي استغرقت زمناً طويلا، خصوصاً وان الشعب لم يلمس أي تحسن واضح في أداء حكومة الوحدة الوطنية لتحقيق تطلعاته بعد تشكيل الحكومة على أساس التفاهم السياسي بين فريقي المرشحيْن أشرف غني وعبد الله عبد الله. كما أدى ظهور مشاكل أخرى إلى ارتفاع مستوى التشاؤم لدى الشعب ازاء جميع التفاهمات السياسية التي حصلت بين الفريقين.
ومن خلال هذا الاستقراء يبدو جلياً أن استمرار عمل البرلمان عبر التفاهم السياسي لايحظى بقبول الشعب الأفغاني، ولذلك يعتبر عقد اجتماع لزعماء البلاد عبر الدائرة الفيديوية المغلقة مجرد محاولة لإقناع الرأي العام بجدوى هذا الحل من الناحية النفسية.
والطريق الآخر الذي اختاره قادة حكومة الوحدة الوطنية لاسيما الرئيس اشرف غني لإصباغ الصبغة القانونية على مواصلة عمل البرلمان يتمثل بإحالة اتخاذ قرار بهذا الشأن إلى المحكمة العليا في البلاد، وهذا الطريق في الحقيقة لا يحظى أيضاً بموافقة الجميع على الرغم من وجود مؤيدين له في الأوساط الرسمية والشعبية.
أمين البرلمان الافغاني عبدالرؤوف أنعامي وخلال جلسة علنية للبرلمان أوضح ان إجراء انتخابات حرة ونزيهة في الوقت المناسب يعد من المهام الرئيسية للحكومة. موجهاً انتقاده الشديد لهذه الحكومة لتأخرها في إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرر، وطالبها بتوضيح سبب هذا التأخير امام البرلمان.
وأشار أنعامي إلى أن حكومة الوحدة الوطنية اعلنت مراراً عبر وسائل الاعلام أنها غير قادرة على اجراء الانتخابات في الموعد المقرر ولايمكنها الاعتماد على عمل اللجنة المستقلة للانتخابات في هذا الشأن. ولهذا لم تُجر الانتخابات لحد الآن ولا زال البرلمان يواصل أعماله.
وقال أمين البرلمان الافغاني ان استمرار عمل البرلمان يتطلب اتخاذ قرار قانوني والحصول على إجماع سياسي بين قادة حكومة الوحدة الوطنية، مؤكداً ان البرلمان سيلتزم بتنفيذ أي قرار قانوني بهذا الشأن لكنه يرفض في الوقت نفسه مواصلة عمله عن طريق التفاهم السياسي.
وأضاف ان منظمات المجتمع المدني لايمكنها التدخل بعمل البرلمان واتخاذ قرار بشأنه بإعتباره مؤسسة قانونية، مشيراً إلى أن قادة حكومة الوحدة الوطنية يعتزمون سلب صلاحية البرلمان الرقابية من خلال إثارة هذا الموضوع، منوهاً في الوقت ذاته إلى ان قادة الحكومة تسلموا مناصبهم عبر التفاهم السياسي وهم يسعون الآن لمنح المشروعية للبرلمان على هذا الاساس.
من جانبه أكد رئيس البرلمان عبد الرؤوف إبراهيمي ان اعضاء البرلمان لا يرغبون بمواصلة أعمالهم بشكلٍ غير قانوني، مشيراً كذلك إلى ان الحكومة تشكلت على اساس التفاهم السياسي وهي ترغب الآن بأن تتشكل المؤسسات الحكومية الأخرى على هذا الأساس وتواصل عملها بشكل قانوني.
وانتقد إبراهيمي تأخر الحكومة في اجراء الانتخابات، متهماً إياها بتجاهل الدستور والتهرب من العمل ببنوده في هذا المجال.
من جهته أبدى مجلس الشيوخ الأفغاني اعتراضه على مواصلة البرلمان اعماله دون غطاءٍ قانوني، ما أدى إلى حصول توتر بين المجلس والبرلمان الاسبوع الماضي.
وتجدر الاشارة إلى ان المدة القانونية لعمل البرلمان ستنتهي بعد يومين فقط في وقت لا تزال الأزمة قائمة بشأن مشروعية استمراره بعمله، والأيام القادمة هي التي ستكشف ما اذا كان التفاهم السياسي هو الذي سيضع حداً لأزمة البرلمان كما حصل في تشكيل الحكومة أم أن هناك طريقاً آخر سيتم التوصل اليه لتسوية هذه الازمة.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق