الديوان السعودي يحقق مع التويجري في صفقة الـ 3 مليارات!
لبنان ـ سياسة ـ الرأي ـ
كشفت مصادر لبنانية في العاصمة الفرنسية ان الهبة السعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني عن طريق الفرنسيين باتت بحكم المجمدة حاليا، في ضوء التحقيقين الفرنسي من جهة والسعودي من جهة ثانية.
وقالت المصادر ان رئيس الديوان الملكي السعودي السابق خالد التويجري موضوع حاليا في ما يشبه الإقامة الجبرية وممنوع من السفر من السعودية، وهو يغادر منزله صباحا ويدخل الديوان من باب خلفي حيث يتولى يوميا عدد من موظفي الديوان استجوابه، بإشراف ولي العهد الثاني وزير الدفاع محمد بن سلمان، وأشارت الى أن الاستجواب يشمل كل موازنات ومصاريف الديوان في السنوات الأخيرة، داخليا وخارجيا بما فيها صفقة المليارات الثلاثة ومن هي الجهات التي استفادت لبنانيا وفرنسيا من العمولات.
وعلى ايقاع هذا التطور السعودي وغيره من التطورات، يحاول سعد الحريري تعزيز حيثيته السعودية بطريقة مختلفة نتيجة سياسة الأبواب الموصدة التي تواجهه هناك، خصوصا من جانب ولي العهد الأول الأمير محمد بن نايف. لذلك، قرر أن يستعير شيئا من «أدوار» والده الرئيس رفيق الحريري، عبر استخدامه، ما يسميه القريبون منه، «نفوذه الروسي» ضاربا عصفورين بحجر واحد: زيادة رصيديه السعودي والروسي في آن معا.
وإذا كان مفهوما حرص الحريري على زيادة الرصيد السعودي مع تبدل الإدارة السعودية ووصول الملك سلمان الى سدة الحكم مع فريق جديد أبرز وجوهه محمد بن نايف ومحمد بن سلمان، فان رئيس الوزراء اللبناني الأسبق يحاول الاستفادة من محاولات السعوديين توسيع هوامشهم الدولية بعد حرب اليمن، لذلك كانت زيارته الأخيرة الى روسيا، واجتماعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بمثابة محطة تحضيرية لزيارة الوفد السعودي الذي ترأسه ولي العهد الثاني وأفضت إلى توقيع العديد من الاتفاقيات.
وكان لافتا للانتباه أن الحريري شارك في أخذ موعد لوزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان مع الدبلوماسي الروسي ميخائيل بوغدانوف في مدينة كان الفرنسية مطلع الشهر الحالي، من دون أن يعرف ما اذا كان الجانب الأميركي راضيا عن الدور الذي يقوم به الحريري على خط موسكو ـ الرياض في الآونة الأخيرة.
ووفق مصادر لبنانية مقيمة في باريس، فان بوتين أبلغ الحريري أن موسكو هي التي منعت سقوط النظام السوري وليس طهران، وقال بوتين: «لم يكن الرئيس بشار الأسد صديقا لنا، بل هو أدار ظهره لنا عندما استلم السلطة وكان يراهن على انفتاحه على الغرب، وباشر بخطوات تطبيع سريعة، خصوصا مع الفرنسيين، ولكن مع اندلاع الأزمة في سوريا، تبين له أن لا أحد يمكن أن يحميه أفضل من روسيا».
وتقول المصادر نفسها ان بوتين نصح السعوديين، عن طريق الحريري، أن يسحبوا من قاموسهم نظرية إسقاط الرئيس الأسد، وقال لهم انه كلما تم التشبث بهذا الشعار ستكون موسكو وطهران معنيتين بإبداء العكس!
وبدا واضحا من خلال مجريات زيارة الحريري الأخيرة أنه حاول تقديم توضيحات للروس حول أسباب عدم مضيه بخيار تسليح الجيش اللبناني عن طريق روسيا، في ضوء «الفيتو» الذي وضعه الأميركيون على أية محاولة لتنويع مصادر تسليح الجيش اللبناني عبر اللجوء الى أسلحة روسية، كما أبلغهم أنه لن يتراجع عن قرار امداد قوى الأمن الداخلي والأمن العام اللبناني بأسلحة روسية بقيمة 22 مليون دولار أميركي، معتبرا أن توقيع وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق صار نافذا في انتظار إيجاد آلية تضمن تحويل الأموال للجانب الروسي، بعد فشل محاولات سابقة بسبب العقوبات الدولية المصرفية المفروضة على روسيا.
يذكر أن وزارة الخارجية الاميركية أبلغت الكونغرس في التاسع من هذا الشهر موافقتها على تزويد لبنان بما طلبه من معدات واسلحة بقيمة ٤٦٢ مليون دولار من أصل هبة المليار دولار وتشمل اسلحة ومدفعية وذخائر وطائرات «سوبر توكانو».
وكان لافتا للانتباه أن الأميركيين رفضوا أن تمر صفقتهم مع الجيش ضمن القنوات التقليدية التي اعتمدها الحريري في التعامل مع هبة المليار دولار، اذ تقضي قواعد برنامج صندوق «مبيعات الاسلحة الخارجي» الأميركي ان تقوم لجنة اميركية متخصصة تابعة للبنتاغون، بتحديد ماهية الشركات التي تتولى تزويد البلدان المنضوية في هذا البرنامج، وتنفيذ العقود معها، ومنها لبنان، سنويا، بعد الحصول على اللوائح المطلوبة، من دون تدخل الطرف المشتري، تأمينا للشفافية.
وكان الحريري قد اوحى للروس، حتى شباط الماضي، كما يقول مصدر معني، أن مبلغ ٢٧٠ مليون دولار سينفق على صفقة مع روسيا تشمل شراء مروحيات مقاتلة ومنظومة دفاع جوي و٢٥٠ صاروخ كورنيت و٤ منصات لإطلاقها و٦ راجمات صواريخ و٣٠ الف صاروخ يبلغ مداها ٤٠ كيلومترا، طلبها الجيش اللبناني.
كما أوقع الحريري نفسه في التباس مع الفرنسيين عندما أبعد ممثلوه في بيروت الشركات الفرنسية مثل «تاليس» و «ساجيم» و «المطبعة الوطنية» و «اوبرتور» عن مناقصتي الجواز «البيومتري» ونظام «ادفنس باسنجر انفورمايشن سيستم» لمراقبة دخول المسافرين عبر المراكز الحدودية البرية والجوية والبحرية، على قاعدة أن الفرنسيين أخذوا أكثر مما يستحقون من خلال حصولهم على هبة سعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار أميركي لمصلحة تسليح الجيش اللبناني.
وقد ثارت ثائرة الفرنسيين، وما تزال، خصوصا وأن المناقصة رست، في ضوء دفتر الشروط الذي وافقت عليه منظمة «الايكوا»، على شركة «جيمالتو» (75 % على أساس العرض التقني و25 % على أساس العرض المالي) وممثلتها اللبنانية شركة «انكريبت» المقربة من «تيار المستقبل» والتي فازت أيضا بنظام مراقبة الحدود.
وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ «السفير» ان العرض الذي قدمته «جيمالتو» يشمل جوازات السفر العادية والخاصة وجوازات سفر اللاجئين الفلسطينيين، وقد أجرى الأمن العام اللبناني، أمس، أول تجربة تبين أنها ناجحة وستؤهل لبنان لأن يكون في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال. كما أن السفارات والقنصليات اللبنانية في جميع أنحاء العالم ستكون موصولة بالنظام الجديد بحيث يمكن أخذ البصمة عبر جهاز خاص وترسل الطلبات عبر قرص مدمج في الحقيبة الديبلوماسية، ويتم الاستحصال على جواز السفر ضمن مهلة قصيرة في السفارات في الخارج (ثلاثة أسابيع على الأرجح).
يذكر أن وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان سيزور الاثنين المقبل السعودية، للتشاور مع قادتها في أمور تتعلق بالتعاون العسكري، ومن غير المستبعد أن يشمل البحث موضوع الصفقة اللبنانية المجمدة.انتهى