التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

الطائفة الدرزية.. من المنشأ إلى المصير(الجزء الأول) 

 الدروز أو الموحدون الدروز، إحدى الطوائف الإسلامية التي تأسست في مصر عام 1021 وانتقلت إلى بلاد الشام (سوريا-لبنان-فلسطين المحتلة) في مرحلة لاحقة. يشيرون الى انفسهم بالـ”الموحدين” نسبة الى عقيدتهم الأساسية القائمة على توحيد الله تعالى، أو بني معروف نسبة إلى القبيلة التي اعتنقت هذه الديانية في بداياتها. أما تسمية الدروز فتعود الى “نشكتين الدرزي” الذي  يعتبرونه زنديقا ومحرفا للحقائق، كما أنهم يعتبرون هذا الاسم غير موجود في كتبهم المقدسة، ولم يرد تاريخياً في المراجع الخاصة بهم.

الأصل والنشأة

يعتبر محمد بن إسماعيل الدرزي المعروف بأنوشتكين، الذي لقب بالدرزي نسبة إلى (أولاد درزة) أي صانعي الثياب، مؤسس الطائفة الدرزية التي ظهرت في القرن الحادي عشر في عصر سادس الخلفاء الفاطميين أبي علي المنصور الفاطمي الملقب بـ “الحاكم بأمر الله”(589-1021)، الذي تولى حكم مصر في القرن السادس الهجري [1] .

يعتبر التنوخيون أصل الدروز، إلا أنهم عرفوا في العهد الإسلامي بالأنصار والمؤمنين، ثم عرفوا بالشيعة العلوية، ثم شيعة آل محمد، ثم شيعة جعفرية، ثم إسماعيلية، ثم موحدون، ثم قرامطة، ثم فاطميون، ثم دروز، وهذا الاسم قَبِلَه الدروز على مضض، فهم يفضّلون تسميتهم بالموحدين أو ببني معروف .

الدروز هي إحدى “الطوائف الباطنية التي انشقت عن الإسماعيلية، واتخذت لها مبادئ مخالفة في ظاهرها لمبادئ الإسماعيلية، وإن كانت لم تخالفها في جوهرها. وتقيم هذه الطائفة في مناطق عديدة من بلاد الشام، فمنهم من يقيمون في الشوف بلبنان، وقسم آخر يقيمون بجبل الدروز في جنوب سوريا، وكذلك في هضبة الجولان المطلة على فلسطين، وآخرون يقيمون في شمال فلسطين” [2] .

عقائد الدروز

رغم أن الطائفة الدرزية أخذت جل عقائدها من الإسماعيلية، إلا أن عقائدها خليط من عدة أديان وأفكار. يعتقد الدروز أن الله واحد أحد لا إله إلا هو ولا معبود سواه وهو الحاكم الفعلي والأزلي للكون وممثوله في القرآن (على العرش استوى) و(أحكم الحاكمين) هو الحاكم المنزه عن عباده ومخلوقاته، كما أنها تؤمن بسرية أفكارها، فلا تنشرها على الناس، ولا تعلمها لأبنائها إلا إذا بلغوا سن الأربعين.

تشتمل عقيدة الدروز على الوصايا السبع: صدق اللسان- حفظ الإخوان- ترك عبادة العدم والبهتان-البراءة من الأبالسة والطغيان- التوحيد لمولانا في كل عصر وزمان- الرضى بفعل مولانا كيف ما كان- التسليم لأمر مولانا في السر والحدثان. ويعتبر ميثاق ولي الزمان مدخل ديانة التوحيد لدى الدروز وعهدهم الأبدي معها، وهو العهد أو القسم الذي به يصبح الدرزي درزياً.

كذلك يعترف الدروز بالقرآن لكنهم يفسرون معانيه تفسيراً باطنياً غير المعاني الواضحة في النص، ولهم كتاب آخر يسمى رسائل الحكمة (111 رسالة) من تأليف حمزة بن علي بن أحمد وهو تفسير للقرآن الكريم.

تفرض الطائفة الدرزية أسساً وشروطاً خاصة للزواج، حيث أنه لا يصح للدروز إلا أن يتزوجوا من بعضهم، والزواج يجب أن يكون مبنيا على المحبة، الائتلاف، الإنصاف، العدل والمساواة؛ لذلك منع تعدد الزوجات لأن ذلك يقضي على الإنصاف والعدل والمساواة. ولكلا الزوجين الحق في طلب الطلاق، وبعد حدوثه لا يحق لهم الزواج من بعضهما مرة أخرى.

أما حول قواعد مذهبهم الإعتقادي فيوضح الدكتور أحمد الخطيب في كتاب “الحركات الباطنية في العالم الإسلامي:(عقائدها وحكم الإسلام فيها)” أن أهمها التالي:

أولاً التقمص والتناسخ: يؤمن الدروز بعقيدة التقمص بمعنى أن الإنسان إذا انتهت حياته وصعدت روحه فإنها لا تذهب إلى الحياة البرزخية، ولكنها تتقمص مولودا جديدا .

 

 

 

ثانياً النطق: النطق هو أن الروح حين تنتقل من جسد إلى جسد تحمل معلومات عن دورها في الجيل السابق، يعني في الجسم الذي كانت تتقمصه قبل قميصها الحالي، وفي هذه الحالة تتحدث أو تنطق بما تذكره من وقائع عن حياتها السابقة .

 

 

 

ثالثاً الثواب والعقاب: يكون الثواب والجزاء بمقدار ما تكتسب النفس من المعرفة والعقيدة في أدوار تقمصها المتعاقبة، وانتقالها من جسد إلى جسد .

 

 

 

رابعاً يوم الدين: يوم الحساب في العقيدة الدرزية ليس يوم قيامة، بل إن يوم الحساب أو الدينونة نهاية مراحل الأرواح وتطورها، إذ يبلغ التوحيد- حسب العقيدة الدرزية- غايته من الانتصار على العقائد الشركية، وينتهي الانتقال والمرور في الأقمصة المادية لتتصل الأرواح الصالحة بالعقل الكلي كل على قدر تكاملها.

 

كذلك يضيف غالب عواجي في كتابه “فرق معاصرة”، إلى هذه الاعتقادات المذكورة، إنكار الدروز لمجموع التكاليف الشرعية، حيث تكفي معرفة الباري وتنزيهه عن جميع الصفات والأسماء، ثم معرفة الإمام قائم الزمان وهو حمزة بن علي بن أحمد وتمييزه عن سائر الحدود (أي كبار دعاتهم)، ووجوب طاعته طاعة تامة، ثم معرفة الحدود بأسمائهم وألقابهم ومراتبهم ووجوب طاعتهم، فإذا اعترف الإنسان بهذه الفرائض التوحيدية الثلاثة أصبح موحدا، وليس عليه أن يقوم بتكاليف أي فريضة من الفرائض [3] .

 

 

المجتمع الدرزي

ينقسم المجتمع الدرزي عمومًا إلى قسمين: روحانيون وهم رجال الدين، والجثمانيون هم الذين يعتنون بالأمور الدنيوية. الروحانيون هم العارفون بأصول المذهب الدرزي، لا يدخنون ولا يشربون الخمر، ويطلقون لِحاهم، ولهم أماكن خاصة للعبادة تعرف بالخلوات. وينقسم الروحانيون إلى ثلاثة أقسام: الرؤساء هم الذين بيدهم جميع الأسرار الدينية، والعقال بيدهم الأسرار التي تتعلق بالتنظيم الداخلي للمعتقد الدرزي، والأجاويد بيدِهم الأسرار الخارجية التي تختص بعلاقة المعتقد الدرزي بغيره من الأديان .

أما الجثمانيون، ويسمون أحياناً “الشراحين”؛ لأنهم لا يسوغ لهم الاطلاع على رسائل الدروز، فينقسمون بدورهم إلى قسمين: الأمراء وهم أصحاب الزعامة الوطنية، والجهال سائر أفراد جماعة الدروز، ويُرخص لهم الاستمتاع بكل الممنوعات والمحرمات من تدخين وشرب خمر وترف في المعيشة، وليس لهم زي يعرفون به .

أما النساء فينقسمن إلى قسمين: عاقلات اللاتي يلبسن النقاب وثوباً يسمى عندهم بـ”الصاية “.  وجاهلات وليس لهن زي يعرفن به .

خلاصة

بعد أن قدّمنا في الجزء الأول نبذة عن نشأة الدروز وأهم عقائدهم، إضافةً إلى طبيعة المجتمع الدرزي، سنتطرق في الجزء الثاني إلى التوزيع الديموغرافي للطائفة الدرزية، ومن ثم نبذة قصيرة عن أبرز الشخصيات الدرزية في العصر الحديث.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق