التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

الجيش اللبناني وصفقة الصواريخ الفرنسية المشبوهة 

مر زمن طويل منذ ما قبل الحرب اللبنانية مع الكيان الإسرائيلي وحتى اليوم والجيش اللبناني يعاني عجزاً دائماً في القدرة التسليحية، ويستجدي السلاح من الأمريكي المهيمن سياسيا على قرار شراء السلاح. ومرت حرب قبل أربع وعشرين عاما في الجنوب اللبناني واليوم حرب مع المجموعات الإرهابية في الشرق على الحدود مع سوريا، ولا يزال الجيش اللبناني لا يملك سوى أسلحة خفيفة لا تكفيه شيئا في التحديات التي تواجهه.

 

 وخلال السنوات الأخيرة حيث لبنان يرضخ للضغوط التي تمنعه من الحصول على التسليح الذي يحتاجه وبقوة، وصلت أخيرا هبة التسليح السعودية لمراحل التنفيذ، وأنجزت المرحلة الأولى من عملية شراء السلاح الفرنسي في احتفال رسمي ما لبث أن تلاه الحديث عن جدوى الأسلحة المقدمة للجيش اللبناني في حربه مع الإرهاب، إضافة إلى صلاحيتها بعد أن تسربت أخبار قدمها وفساد جزء منها بسبب سوء التخزين، لكن الواقع أن وراء الأكمة أكبر وأفظع بكثير.

فمنذ أربعة أعوام والمماطلة والضغط على لبنان مستمران لمنعه من تسليح جيشه، وذلك بعد أن تفاقمت أزمة حاجته للمزيد من السلاح بسبب خطر الوجود التكفيري على حدوده، والمنع لم يقتصر حتى على شراء السلاح من الروسي أو الصيني أو الأسواق غير المقربة للأمريكي بل حتى منعه من قبول الهبات العسكرية المتعددة والتي عرضت لمرات عدة من الجانب الإيراني، ومنذ حوالي سنتين والأخذ والرد مستمران بشأن استلام لبنان للهبة السعودية التي عرضت في حينها على ما يبدو منعا لقبول لبنان للهبة الإيرانية، تلك الهبة التي سببت الكثير من الإحراج للأطراف السياسية اللبنانية الرافضة لأي تعاون مع الطرف الإيراني وذلك بعد أن عرض الإيرانيون هبة مدروسة بعناية تزيل كل الحجج السابقة للرفض، ومن حينها وحتى ما قبل أيام تم تسليم الدفعة الأولى من الهبة السعودية والتي اتفق مؤخرا أن تقدم على مراحل عبر شراء السلاح من الطرف الفرنسي.

وكان لبنان قد استلم في الدفعة المقدمة ٨ منصات لإطلاق صواريخ ميلان المضادة للدروع مع ٤٨ صاروخاً بمعدل ستة صواريخ لكل منصة، وتجدر الإشارة إلى أن صواريخ ميلان هي صواريخ تخترق ٤٠٠ ملم من الدروع ما يجعلها غير قادرة على التعامل مع الدبابات الحديثة التي يتجاوز تدريعها الـ١١٠٠ ملم، وهذا يعني ان الصاروخ لن يكون فعّالاً لمواجهة دبابات الميركافا التابعة للكيان الإسرائيلي وهو اكبر من حاجة الجيش في المواجهة مع الجماعات التكفيرية نظرا لثمنه المرتفع قياساً بصواريخ أخرى كالكورنيت الذي يعتبر من الجيل الرابع ويصل مداه في طرازه اي إم إلى ٢ الى ١٠ كلم نهاراً، وقدرة الكورنيت الهائلة في اختراق دروع تصل الى ١٤٠٠ ملم، حيث ان اعتماد الجماعات التكفيرية هو على سيارات الدفع الرباعي غير المصفحة والتي يمكن التعامل معها وتدميرها بالاسلحة الرشاشة الثقيلة بما يتجاوز مدى صواريخ الميلان وبكلفة اقل بكثير، ما يعني أن ما قدم للبنان قد اختير بعناية بالغة بحيث يمنعه من مواجهة الكيان الإسرائيلي من جهة ويلزم لبنان على تقديم ثمن باهظ مقابل سلاح يفوق حاجته بكثير في مواجهته مع الجماعات التكفيرية.

وللإشارة أيضا فإن وفداً رفيعاً من الدبلوماسيين والعسكريين الفرنسيين زار الكيان الإسرائيلي في فلسطين المحتلة منذ سنة والنصف تقريبا لأخذ الرأي الإسرائيلي في صفقة السلاح التي تحضر، وفعلياً فقد تم إنجاز الصفقة وفقا لمعايير تضمن عدم تأثير السلاح المقدم في أي صراع قادم بين لبنان والكيان الإسرائيلي. وحتی في المرحلة القادمة من الصفقة والتي سيقدم فيها طوافات كوجار سوبر بوما فإن ما ينطبق على صواريخ الميلان ينطبق ايضاً على الطوافات، وهي عبارة عن ست طوافات ستسلّم في نيسان ٢٠١٧، ومن مواصفاتها أنها خالية من اجهزة الملاحة والاتصال الحديثة. لكن هذه المرحلة الثانية معرضة للتوقف النهائي، ففي تطور مشبوه في الوسط السياسي السعودي، يتم الحديث عن إلتباسات كبيرة في المرحلة الأولى من الهبة والتي تنبئ بعملية سرقة كبيرة تمت بشراكة ما بين المندوب السعودي والجانب الفرنسي وأطراف لبنانية، نتج عنها حصول لبنان على أسلحة ذات قيمة أقل بكثير من تلك المعلنة في الصفقة.

وفي الخلاصة إن ما جرى ويجري يبرز نوايا أخطر وأكبر من مجرد تحديد المصادر المسموح التسلح منها، بل فعليا هي ضغوط جدية لمنع تسلح الجيش اللبناني نهائيا أو أقلها عدم حصوله على أسلحة استراتيجية يمكن أن تساهم في رفع مستواه القتالي في وجه الإرهابيين، أو مستقبلياً في وجه الكيان الإسرائيلي عدوه الأزلي، وذلك خدمة لسياسة الطرفين السعودي الحليف لبعض الجماعات الإرهابية والأمريكي حليف الكيان الإسرائيلي، والسؤال هو إلى متى سيتحمل الجيش اللبناني وضع تسلحه المتردي؟

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق