الانقسام بين اخوان الاردن .. الاسباب والتبعات
تحتفل حرکة الاخوان المسلمين في الاردن بالذكرى الـ ٧٠ لتأسيسها وهي في أسوأ حالاتها التاريخية حيث تعاني الحركة من انقسام داخلي وقد رأينا ظهور فريق جديد اسمه جمعية الاخوان المسلمين من بطن الاخوان المسلمين الأم، ويقال ان السلطات الاردنية هي التي تقف خلف ظهور هذه الجماعة الجديدة، فما هي اسباب الخلاف بين الاخوان المسلمين في الاردن؟ وما هو مستقبل هذه الجماعة ومستقبل سياساتها الداخلية والخارجية ؟
أسباب الأزمة
كانت جماعة الاخوان المسلمين تلعب قبل الآن دورا هاما في حفظ النسيج القومي الموحد في الاردن حيث يعلم الجميع ان سكان الاردن هم قسمان اوله الفلسطينيون الذين حصلوا على الجنسية الاردنية وهم يشکلون نصف سکان الاردن تقريبا وثانيه العشائر وقد انعکس هذا التقسيم السکاني داخل صفوف الاخوان المسلمين الذين کانوا يلعبون دورا هاما في الحفاظ على وحدة المجتمع الاردني وقد لعب هذا التقسيم السكاني دورا بارزا في الخلاف بين صفوف الاخوان المسلمين.
وکانت جماعة الاخوان المسلمين والسلطات الاردنية تنتفعان من العلاقة الموجودة بينهما ففي حين كان يتم منع جماعات الاخوان المسلمين من المشاركة في العملية السياسية في دول المنطقة كان الاخوان المسلمون في الاردن يشاركون بشكل رسمي في الانتخابات وقد شكل وصول عبدالله الثاني الى الحكم في الاردن نقطة مفصلية في العلاقات بين الجانبين ففي البداية ازداد التوتر بين الجانبين وفي عام ٢٠٠٧ تم اعتقال عدد من اعضاء البرلمان الاسلاميين وقد نشب خلاف بين صفوف الاخوان حول كيفية التعاطي مع السلطات ففريق كان يريد المواجهة وفريق كان يريد المصالحة.
ورغم ذلك يرجع سبب الخلافات الى ما قبل هذا، فالتيار الفلسطيني في الاخوان والذي كان يعارض سياسات السلطات تجاه القضية الفلسطينية ويعرف بالصقور كان يعارض التيار الاردني المسمى بالحمائم.
ومع انتخاب الفلسطيني “همام سعيد” كقائد لاخوان المسلمين الاردنية في عام ٢٠٠٦ اصبحت جبهة العمل الاسلامي هي المرجعية لاتخاذ القرارات في اخوان المسلمين لكن الخلافات الداخلية استمرت وقد قاطع الاخوان المسلمون الانتخابات البرلمانية في عام ٢٠٠٧ ومن ثم في عام ٢٠١٣ احتجاجا على قانون الانتخابات التي قالوا انه يضر بالاخوان وقد حاز حزب الوسط الاسلامي الذي يقال إنه على صلة بالمخابرات الاردنية في انتخابات عام ٢٠١٣ على ١٥٠ مقعدا في البرلمان ليشكل اكبر كتلة برلمانية.
ومع بدء الصحوة الاسلامية في البلدان العربية تغيرت سياسة السلطات ازاء الاخوان المسلمين كما ان الاخوان ايضا قد وضعوا الحذر جانبا وطالبوا باصلاحات واسعة الأمر الذي أقلق السلطات في حينه.
مبادرة زمزم، بدء الخلافات بين الاخوان المسلمين
مع ازدياد الخلافات في صفوف الاخوان المسلمين قام المسؤول السابق في جبهة العمل الاسلامي “رحيل غرايبة” الذي يقال إنه يحظى بدعم مالي وسياسي من قبل السلطات بطرح مبادرة سميت بمبادرة زمزم لحصر التيار الاسلامي في الاردن لكن مجلس الشورى في الاخوان المسلمين قد رفض المبادرة ومنع الانتماء الى الجماعة الجديدة ما زاد من الخلافات القائمة.
وتسببت الاطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي وانتهاء حكم الاخوان المسلمين في مصر بتضييق الخناق على اخوان الاردن وحصل خلاف ايضا في داخل الاردن بين المؤيدين للانقلاب في مصر والمعارضين له، وفي النهاية تشكلت جمعية الاخوان المسلمين الجديدة لكن الجناح المحافظ في الاخوان اعتبرتها انقلابا حكوميا ضد الاخوان.
التبعات
يعتقد المراقبون انه يجب عدم تجاهل دور السلطات في الخلافات التي نشبت في داخل صفوف اخوان الاردن كما ان هذه الخلافات ستؤثر على طبيعة تعامل الدول الاجنبية مع اخوان الاردن وقد قيل ان مصر ستتبع ايضا النموذج الاخواني لتفتيت الاخوان.
ورغم ذلك يعتقد المراقبون ان شعبية جماعة الاخوان المسلمين الأم ستبقى مرتفعة في الاردن ما ينذر بحدوث مشاكل امنية في البلاد ومن المحتمل ان تبادر هذه الجماعة الى العمل بشكل سري كما يتوقع ان يلتحق اعضاؤه بالجماعات السلفية المتطرفة في خارج البلاد.
أزمة الاخوان المسلمين والقضية الفلسطينية
– ان قسما كبيرا من اسباب الخلافات بين صفوف الاخوان المسلمين في الاردن له جذور في النزاع الفلسطيني الاردني فلذلك من الطبيعي ان الضرر اللاحق بجناح الصقور في اخوان الاردن سيزيد من القلق على القضية الفلسطينية ومسألة حق العودة والعلاقات مع حركة حماس.
– ان إضعاف دور الاخوان المسلمين في دعم القضية الفلسطينية سيطلق يد السلطات الاردنية في التعامل براحة اكبر مع الكيان الاسرائيلي وسيريح السلطات الاردنية من الضغط الذي كانوا يتعرضون له في هذا السياق.
– ان جمعية الاخوان المسلمين الجديدة سوف لن تحصل على دعم جماهيري كبير في الساحة الاردنية قياسا مع الاخوان المسلمين الأم حيث تشير الاستطلاعات ان فصائل المقاومة الفلسطينية وخاصة حركة حماس لديها شعبية كبيرة في الاردن.
– ان التوتر بين السلطات الاردنية والفرع المحافظ من الاخوان سيدفع السلطات الاردنية لممارسة المزيد من الضغوط على فصائل المقاومة الفلسطينية ما يزيد من احتمال وقوع صدامات بين الجانبين.
– ان النزاع الداخلي في صفوف الاخوان المسلمين في الاردن قد قلص الثقة العامة بالجماعة في الاردن وان هذا الخلاف يضع الجماعة امام اختبار مصيري في ظروف حساسة.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق