رفع القيود عن العمليات العسكرية، هل يعيد الأمن والاستقرار إلى أفغانستان؟!
بعد تدهور الوضع الأمني في أفغانستان خصوصاً في المقاطعات الشمالية من البلاد، اعلنت حكومة الوحدة الوطنية رفع القيود المفروضة على العمليات العسكرية ضد الجماعات المسلحة.
وقال رئيس العمليات المشتركة في الجيش الأفغاني الجنرال” قدم شاه شهیم” خلال تفقده للقطعات العسكرية في شمال البلاد ان قوات الجيش والاجهزة الأمنية ستنفذ عملياتها ضد الجماعات المسلحة دون قيود، مشيراً إلى أن ازالة هذه القيود سيشمل أيضاً العمليات الليلية.
وكان الرئيس الافغاني السابق حامد كرزاي قد فرض قيوداً على العمليات العسكرية ضد الجماعات المسلحة لإظهار حسن النية تجاه حركة طالبان في مسعى لإقناعها بإجراء مفاوضات سلام مع الحكومة من جانب، وتقييد القوات الاجنبية لمنعها من استخدام السلاح بشكل مفرط من جانب آخر، مبرراً ذلك بأن العمليات العسكرية التي تشنها القوات الأجنبية لاسيما الليلية لاتفرق بين عناصر طالبان والمدنيين ما يؤدى إلى وقوع الكثير من الضحايا في صفوف المدنيين والذي يؤدي بدوره إلى انعدام الثقة بين الشعب والحكومة.
وتجدر الاشارة إلى أن طالبان تمكنت مؤخراً من السيطرة على مناطق كثيرة في شمال البلاد لاسيما في ولايتي سربل وجوجان، كما تمكنت من قطع طرق مواصلات رئيسية في تلك المناطق.
والسؤال المطروح الآن: هل ستسهم الخطة العسكرية الجديدة التي اعلنتها وزارة الدفاع الافغانية في رفع مستوى الأمن والاستقرار في عموم البلاد والولايات الشمالية على وجه الخصوص؟ وهل يعني تنفيذ هذه الخطة التخلي عن الدبلوماسية السابقة التي اعتمدتها حكومة الوحدة الوطنية بهدف التوصل إلى تسوية سلمية مع طالبان؟
هذه التساؤلات وغيرها تبدو مهمة خصوصاً إذا ما عرفنا أن حكومة الوحدة الوطنية سعت منذ تشكليها وبشتى الطرق إلى انهاء النزاعات المسلحة بين الجيش والقوات الأمنية وبين الجماعات المعارضة وفي مقدمتها حركة طالبان، ما جعل المراقبين يعتقدون أن رفع القيود عن العمليات المسلحة ضد هذه الجماعات يرمز في الحقيقة إلى إنهاء حقبة المساعي السياسية التي اعتمدتها الحكومة الحالية والحكومة السابقة التي كان يرأسها حامد كرزاي، إضافة إلى ما يتضمه ذلك من انتقادٍ ورفضٍ لتلك السياسة التي لم تتمكن من إقرار الأمن في البلاد فحسب؛ بل فسحت المجال للجماعات المسلحة لتشديد هجماتها ضد القوات والمؤسسات الحكومية والمدنية.
وكانت القيود التي فرضتها حكومة كرزاي على العمليات العسكرية تتضمن منع استخدام الاسلحة الثقيلة ومنع اقتحام منازل المواطنين، الأمر الذي استغلته حركة طالبان لشن المزيد من الهجمات ضد الجيش والقوات الأمنية.
ويبدو ان الخطة الأمنية الجديدة للحكومة تستهدف ايصال رسالة إلى الشعب الافغاني بأن التسوية السلمية مع طالبان لايمكن أن تتحقق في ظل الدبلوماسية التي اعتمدتها حكومة كرزاي والحكومة الحالية ولابد من استئناف العمليات العسكرية ضد هذه الجماعة دون قيد أو شرط.
يأتي هذا في وقت أعلن فيه الكثير من المواطنين خصوصاً في المناطق الشمالية من البلاد استعدادهم لدعم الجيش والقوات الأمنية لمحاربة طالبان وباقي الجماعات المسلحة، إلاّ أن الحكومة لم تعِر إهتماماً لهذا الأمر ما خلق حالة من عدم الثقة بين المواطنين والحكومة.
في الختام لابد من القول إن الشعب الأفغاني الذي عانى الكثير من انعدام الأمن والاستقرار في بلاده ودفع ضريبة باهظة من دماء أبنائه وممتلكاته جراء العمليات التي تشنها الجماعات المسلحة لم يعد يحتمل هذا الوضع المرتبك والخطير، ولهذا أخذ يطالب الحكومة بإتخاذ اجراءات صارمة ضد تلك الجماعات، ولهذا يمكن اعتبار اعلان رفع القيود عن العمليات العسكرية بأنه يمثل استجابة ولو بعد حين لهذه المطالبات، ومن شأنه أن يعيد الثقة بين الشعب والحكومة، ويحد بالتالي من نشاط الجماعات المسلحة وتهديداتها المباشرة للأمن والاستقرار في البلاد.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق