التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

مخيم داداب للاجئين الصومالين في كينيا… الكارثة الإنسانية 

تنتشر في العديد من بلدان العالم مخيمات للهاربين من مناطق الحروب، لا سيما تلك المندلعة حاليا في الشرق الأوسط، وتعد مخيمات لبنان والأردن للاجئين السوريين من أكثر تلك المخيمات مأساوية بعد أن سرقة الأضواء إعلاميا، في الفترة الأخيرة، من مخيمات اللجوء الفلسطينية، حيث باتت تلك المخيمات تعاني من حالات إنسانية مؤلمة لا سيما مخيم الزعتري في الأردن، ثاني أكبر مخيم للاجئين في العالم، لكن يبدوا أن مخيمات السوريين والفلسطينين وبالرغم من مأساوية الحياة فيهما، يعدان أفضل بكثير من مخيم داداب للاجئين الصوماليين في كينيا، الأكبر عالميا والأخطر من الناحية الأمن والأمان الإجتماعيين.

إذ يعيش في داداب شمال شرق كينيا، في مخيم هو فعليا مجموعة من المخيمات، لاجئين صوماليين أوضاعا إنسانية غاية في الصعوبة، وقد بدأت عمليات النزوح إليه فعليا منذ سقوط الحكومة المركزية في الصومال عام ١٩٩١ وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا دون أي مؤشر للتوقف بسبب استمرار انعدام الأمن في الصومال. وحاليا بات يتكون من ثلاث مخيمات هم إيفو وحكرطير ودكحلي، والتي باتت تضم حسب تصريحات نائب الرئيس الكيني وليام روتو، أكثر من ٦٠٠ ألف لاجيء صومالي في منطقة جافة ونائية، وقد تشكلت مجموعات اللاجئين على ثلاث مراحل أساسية، كان أولها وأبرزها اشتعال الحرب الأهلية، ثم الإجتياح الأثيوبي من العام ٢٠٠٦ وصولا إلى أخرها  في عام ٢٠١١ حيث ضرب الجفاف جنوب الصومال.

والمعانات داخل المخيم لا يمكن اختصارها بالحديث عن حانب واحد من الجوانب الإنسانية فصحيا بات ينتشر الكثير من الأمراض الجسدية مثل الملاريا والإسهال والربو، إضافة إلى الأمراض النفسية  والتي بات من الصعب الوقوف بوجه تمددها، ومن ناحية الغذاء فالمعونات الغذائية المقدمة لا تكفي ما يضطر أغلبية اللاجئين لبيع بعض ممتلكاتهم أو ما يقدم لهم من مساعدات للتمكن من الحصول على الغذاء وبعض الحاجات الضرورية للعيش، ويعتبر الأطفال من أكثر المتضررين من سوء قلة الغذاء وقد ظهرت على عدد كبير منهم عوارض سوء التغذية، وفعليا لا يتمكن أحد في المخيم من العيش بظروف مقبولة سوى قلة من مَن تصلهم بعض المساعدات من أقاربهم في الخارج.

ويضاف لتلك المعاناة الوضع الإستشفائي المزري، حيث يضطر العديد من اللاجئين إلى قصد بعض العيادات الخاصة في كينيا بدلا من قصد المستوصفات المنتشرة في المخيم أو المستشفى الوحيد فيه، نظراً لسوء التقديمات الصحية فيها. ومن ناحية التعليم يعاني أغلبية الأطفال الذين وصلوا سن الدراسة عدم الإلتحاق بالمدارس لأسباب مختلفة. وتقول منظمة يونيسيف إن أكثر من ١٥٦ ألف من الأطفال الذين بات يتوجب دخولهم المدرسة، يعيشون في مخيم داداب ما يقارب ثلثهم فقط يذهبون إلى المدارس.

وما فاقم الوضع مؤخرا ومنع عودة اللاجئين بل وزاد من أعدادهم، بمعدل تدفق يومي يقارب ال ١٣٠٠ لاجئ، هو ظهور حركات التطرف الديني وعلى رأسها حركة الشباب الإرهابية، والتي وصلت بإرهابها وأعمالها الإجرامية حتى إلى داخل مخيمات داداب في كينيا، حتى بات من الطبيعي الحديث بين الفترة والأخرى عن حالات خطف طالت حتى العديد من عمال الإغاثة الدوليين كان أخرها منذ عدة أيام فقط، ناهيك عن القتل والترويع للاجئين. حالات عملت الحكومة الكينية على مواجهتها بكل وسائل القوة التي تقدر عليها.

لكن تفاقم الأحداث في الفترة الأخيرة دفع بالحكومة الكينية إلى اتهام متشددين إسلاميين صوماليين بالاختباء في المخيم وكات كينيا قد أوقفت في السابع من نيسان تراخيص ثلالثة عشر وكالة صومالية في مجال تحويل الأموال في نيروبي في محاولة للحد من تمويل المسلحين، وهو أمر اضطرت له الحكومة الكينية لكنه يزيد من أزمة اللاجئين الصوماليين إذ يمنع وصول بعض الأموال التي تصل بعضا منهم من خاج كينيا.

وكانت حركة الشباب المتطرفة خلال الأعوام الماضية، قد قتلت داخل الأراضي الكينية أكثر من ٤٠٠ شخص، بينهم سبعة وستون قتلوا في حصار لمركز تسوق “ويستجيت” في نيروبي في عام ٢٠١٣. ما دفع بالحكومة الكينية مؤخرا إلى رفع طلب للأمم المتحدة تذكر فيه عدم قدرتها على تحمل وجود المخيم بأكمله على أراضيها وتطلب فيه وجوب نقل المخيم بمن فيه إلى داخل الأراضي الصومالية خلال مهلة ثلاثة أشهرة، كما وأعلمة اللاجئين بقرارها هذا. وهو أمر يعد بالغ الصعوبة والخطورة نظرا لما تشهده الصومال من عمليات قتل وإرهاب واغتيال لا يظهر أن هناك أفق قريب لتوقفها. ويبدوا أن الأجدى هو تجفيف منابع تمويل الحركات الإرهابية، على رأسها حركة الشباب، في الصومال وقطع يد ناشري الفكر الإرهابي في المجتمع الصومالي.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق