التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

الأزمة اليونانية، سياسية الأسباب والنتائج 

منذ العام ٢٠٠٦ بدأت الأزمة الإقتصادية العالمية تؤثر على دولٍ مركزية في حركة الإقتصاد العالمي، بعد إنهيار الأسواق في أمريكا. وفي عام ٢٠٠٨ عندما أعلنت واشنطن عن إفلاس بنك “ليمان برازرز”، زادت الأزمة من تأثيراتها لكونه البنك الرابع أمريكياً، مما أدى الى وجود تبعاتٍ كبيرة على الإقتصاد العالمي. ومع مرور الزمن إنتقلت الأزمة الى أوروبا، لتضع الإتحاد الاوروبي أمام تاثيرات الأزمة العالمية. وهنا يأتي الحديث عن ازمة اليونان التي تعتبر الأخطر على الإتحاد الأوروبي بحيث أنها تمس منطقة اليورو برمتها إقتصادياً وبالتالي سياسياً. فما هي منطقة اليورو وكيف يمكن وصف أزمة اليونان؟ وما هي أسبابها المطروحة والسيناريوهات المحتملة؟

منطقة اليورو عموماً:

في عام ١٩٨٨ وبعد أن تبنت اللجنة الأوروبية ما يُسمى بتقرير ديلورس، وُضع الحجر الأساس لتوحيد العملة الأوروبية في منطقة اليورو التي تتكون تحديدًا من ١١ دولة أوروبية وهم: أيرلندا، ألمانيا، فرنسا، فينلندا، أسبانيا، البرتغال، لاكسمبورج، وبلجيكا. واليوم، تعتبر اليورو واحد من أقوى العملات في العالم، وتُستخدم عملة اليورو بين ٣٢٠ مليون أوروبي في ٢٣ دولة مختلفة.

كيف يمكن وصف أزمة اليونان؟

بدأت الشرارة الأولى لأزمة اليونان في عام ٢٠٠٤ عندما تم الإعلان بأن البيانات الإقتصادية التي أُعطيت حول اليونان من قبل الحكومة اليونانية للجهات الأوروبية المسؤولة في الإتحاد الأوروبي، تم تزويرها وعكست معلومات خاطئة عن صحة أداء الإقتصاد اليوناني. ليتأكد ذلك على لسان الحكومة الجديدة عام ٢٠٠٩ والتي اعترفت بأن الحكومة السابقة زيَّفت الحسابات القومية، وأن الحكومة الحالية تعاني من عجز في الموازنة يصل إلى ١٣% من الناتج المحلي وهذا يمثل خمسة أضعاف ما هو مسموح به في منطقة اليورو.

أما اليوم تدين اليونان لصندوق النقد الدولي بحوالي ٥% من ناتجها القومي، وبحوالي ٧٠% للصندوق الأوروبي، وبالتالي فالجزء الأكبر من ديونها لصالح المؤسسات الرسمية للإتحاد الأوروبي. كما يُشار إلى أن اليونان يمثل ١% من الناتج الأوروبي بالإضافة إلى ٢% من الصادرات الأوروبية. وبالتالي فإن الناتج المحلي الإجمالي لدولة اليونان يُشكل ٣% من الناتج القومي لمنطقة اليورو. كما أن المصارف الخاصة ومنذ فترة، تعتبر اليونان بشكل واضح دولة مُفلسة وتتجنب التعامل معها.

الأسباب الرئيسية لأزمة اليونان سياسية:

صرح وزير المالية الألماني “فولفانغ شوبيليه”، في آذار الماضي، قائلاً: “وحدها اليونان المسؤولة، والقادرة على اتخاذ القرار، وبما أننا لا نعرف ما يقوم به المسؤولون اليونانيون فإننا لا نستبعد خروج اليونان من منطقة اليورو”. وهنا نقول، إن أحد أبرز المشاكل التي تعاني منها اليونان كدولة في الإتحاد الأوروبي، أن الإتجاه السياسي الإشتراكي للدولة اليونانية، يؤثر على السياسيات الإقتصادية الخاصة بها، وهو الأمر الذي يخالف الرؤية الإقتصادية للعديد من الدول الأوروبية، لا سيما ألمانيا. فنظرة ألمانيا التي تريد تطبيقها قائمة على سياسة التقشف الإقتصادي، وهي لا تريد لأي دولة الخروج عن الخطة المحكمة للتقشف واستغلال كل الموارد المتاحة للتقدم على أساس الديمقراطية الإقتصادية وليس على أساس الاشتراكية الديمقراطية التي تطلبها اليونان وبعض الدول الأخرى. وقد فشل تطبيق ذلك في اليونان نتيجة الإنتخابات الأخيرة التي أيدت الإتجاه الاشتراكي ورفضت المزيد من سياسات التقشف. وهنا صرح محللون بأنه ونيجة ذلك، يمكن القول أن أسباب التهديدات الألمانية والأوروبية بخروج اليونان، تعد سياسية بشكل أساسي قبل أن تكون اقتصادية.

النتيجة والسيناريوهات المطروحة:

لا يمكن لأحدٍ التنبؤ بالسياسات التي يمكن أن تلجأ اليها الحكومة اليونانية في التعاطي مع الأزمة، خصوصاً أنها تقف بين الخيار الشعبي الداخلي المُنادي بالإشتراكية الإقتصادية، وبين الخيار الأوروبي المُنادي بالديمقراطية الإقتصادية. كما أن خروج اليونان نهائياً من منطقة اليورو، لن يُفيد أوروبا كثيراً، فحينها لن تكون اليونان مُلزمة بتسديد ما عليها من ديون، وبالتالي فالأفضل لأوروبا مادياً عدم خروج اليونان على الأقل في الفترة الحالية.

لكن من الأمور التي يجب الإلتفات لها، هو أنه قد تلجأ اليونان إلى مساعدة من روسيا. وبالتالي فقد تفوز روسيا المنافس الأول للأوروبيين، بحليف سياسيٍ جديد من الإتحاد الأوروبي. كما أن الصين تستطيع تقديم المساعدة الإقتصادية لليونان للتعافي من أزمتها، وهو ما يزيد من قوة الصين الإقتصادية عالمياً.

لذلك يمكن القول أن إنعكاسات الأزمة اليونانية، وإن كانت إقتصادية المظهر، فإنها تأخذ مناحٍ سياسية عديدة، من ناحية الأسباب والنتائج. وبالتالي سيكون لها الأثر الكبير على العلاقة بين اليونان والإتحاد الأوروبي، الى جانب إمكانية إغتنام الطرفين الروسي والصيني، لفرصة الدخول الى أوروبا، عبر الدولة الأضعف حالياً.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق