الاستراتيجية الامريكية في سوريا..توازن القوى
الموقف الامريكي المتقلب من الأزمة السورية، من إعلان فقدان الشرعية للرئيس السوري الى دعم المسلحين، و من ثم قبول التفاوض مع الاسد و ثم تقليل الدعم للجماعات المسلحة دليل على سير السياسة الامريكية في سوريا، في اتجاه المحافظة على توازن القوى بين الجيش السوري و الجماعات المسلحة، من أجل إطالة عمر الازمة قدر الإمكان و إستنزاف كلا الطرفين، و الهدف هو تدمير سوريا تراثيا و ثقافيا و انسانيا من أجل خدمة مصالحها في المنطقة. سوريا هي عصب محور المقاومة و تدمير سوريا مما يعني تضعيف محور المقاومة الصامد في وجهة الكيان الصهيوني، والحفاظ على أمن الكيان الإسرائيلي. فماهي حقيقة هذه السياسة المتبعه في ظل الازمة في سوريا؟
السياسة الامريكية في سوريا
إن ما قامت به الإدارة الامريكية على أرض الواقع في ظل الازمة السورية هو إيجاد جماعات مسلحة معارضة للنظام السوري، وذلك بالتنسيق مع الحكومة التركية في فتح المعابر الحدودية و تقديم الدعم اللوجستي للجماعات المسلحة، و تلقي الدعم المالي من عدد من الدول العربية التي لها دوافع طائفية من أجل إسقاط النظام السوري المقرب و الحليف للنظام الإيراني. إن إيجاد جماعات مسلحة معارضة يعمل على إستنزاف و إضعاف القوة العسكرية للجيش السوري، الذي كان له مكانه لا يستخف بها و خصوصا على جبهة الكيان الاسرائيلي. و الدليل على ذلك، لماذا لم تقم الإدارة الامريكية بالتدخل مباشرا في الازمة على غرار ليبيا، بعد تصريحات صادرة من البيت الأبيض عن فقدان الرئيس السوري للشرعية و أن أيامه باتت معدودة. فمن خلال إعلان الادارة الامريكية تقديم الدعم الكامل للجماعات المسلحة المعارضة للنظام السوري، في خطوة تهدف لتضعيف الجيش السوري، وذلك عند التقدم الملحوظ على الارض للجيش السوري، حيث أعلنت امريكا و بالتنسيق مع تركيا على تقديم برنامج دعم و تدريب مقاتلين ضمن الجماعات المسلحة للمعارضة منذ قرابة السنة عندما كان الجيش السوري قريب من أحكام قبضته على مدينة حلب بشكل كامل وفرض حصار على المناطق الخاضعة للجماعات المسلحة. و العملية معاكسة تماما عند تقدم الجماعات المسلحة، فبعد سيطرة ما يسمى ب “جيش الفتح” على مدينة أدلب نجد ان الدوافع الامريكية في دعم الجماعات المسلحة بدأت بالتراخي، و هذا ظهر مؤخرا عندما أعلن الكونغرس بتخفيض الدعم المالي فيما يخص برنامج الدعم و التدريب. هذه السياسة تعمل على خلق توازن بين الجيش السوري من جهة و الجماعات المسلحة من جهة أخرى.
أهداف السياسة الامريكية
إن العمل على إنشاء مجموعات متطرفة تقاتل بعضها بعضاً، واستمرار العمل على إضعاف النظام من خلال زيادة الدعم للجماعات المسلحة تارة و تخفيض الدعم للجماعات المسلحة تارة أخرى، وهو ما يعني استمرار سياسة الاستنزاف الداخلي في سوريا لجميع أطراف الصراع لصالح إسرائيل . ففي حال إنتصار النظام السوري سيكون له دورا كبيرا في محور المقاومة في مواجهة الكيان الاسرائيلي لما اكتسبه الجيش السوري من خبرة قتالية على الارض و تمرنه على حرب الشوارع، و هذا ما سينعكس سلبا على المصالح الامريكية في المنطقة و على أمن الكيان الاسرائيلي على وجه الخصوص. أما في حال تقدم الجماعات المسلحة على الارض فهناك عدة أسباب لعدم دعم هذه الفرضية من قبل أمريكا، اولا عدم وجود قوة موحدة للجماعات المسلحة و المعارضة يمكن الاعتماد عليها في قيادة سوريا في المستقبل. ثانيا الخوف من انعكاس الرؤية السياسية للجماعات المسلحة بعد إنتهاء الصراع مع النظام السوري. ثالثا عدم القدرة على احتواء الجماعات الاسلامية المتشددة كتنظيم داعش الارهابي كما حصل مع تنظيم القاعدة. هذا ربما يغير من بوصلة الجماعات المسلحة يوما ما باتجاه الكيان الاسرائيلي مما يسير القلق لدى الادارة الامريكية.
جميع هذه الاسباب لا تخدم المصالح الامريكية في إيجاد دولة في سوريا موحدة و قوية، لذلك كانت السياسة الامريكية العمل على إضعاف كلا الطرفين، ومن خلال الحفاظ على التوازن بين الطرفين و تغذية الحرب في سوريا من أجل تدمير سوريا بشكل كامل وادخالها في صراعات طائفية و مذهبية و قومية. في النهاية هذه الحرب تخدم المصلحة الامريكية في المنطقة في إضعاف دول محور المقاومة مع إبقاء الامن و الامان للكيان الاسرائيلي.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق