التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

العلويون في سوريا: نفوذٌ سياسي وإجتماعي، وسعيٌ للحفاظ على الدولة لجميع أبنائها 

 تعيش سوريا اليوم أزمة تتخطى العنوان السياسي، لتكون أزمة إنسانية دمرت البلاد وجعلت الشعب السوري يدفع الكثير ثمناً للعيش الكريم والمُستقر. ولأن الطائفة العلوية شكلت وما زالت تشكل طرفاً أساسياً في الحياة السياسية والإجتماعية في سوريا، لا بد من الإضاءة على هذا الدور. فكيف يمكن وصف العلويين في سوريا؟ وما هو وضعهم الحالي نتيجة الأزمة السورية؟

لمحة تاريخية سريعة:

عندما هيمنت الإمبراطورية العثمانية على بلاد الشام في 1516، قام العثمانيون بإرتكاب مجازر عديدة بحق العلويين راح ضحيتها الآلاف. ومع سقوط الإمبراطورية العثمانية واستبدالها بالإنتداب الفرنسي على سوريا ولبنان، قامت الحكومة الفرنسية بتقسيم سوريا إلى دويلات ذات حكم ذاتي، بهدف إضعاف البلاد وتسهيل قمع حركات التمرد، فمنح الفرنسيون حكماً ذاتيا للعلويين. إلا أن ذلك لم يستمر إذا قام الإحتلال الفرنسي بالتنكيل بهم عندما قرر توحيد سوريا. وقد ذكر التاريخ حجم المعاناة التي عانى منها العلويون، الى جانب قيام الثورات ضد الإحتلال الفرنسي. فقد عانى العلويون ما عانوه من الإحتلال، واستشهد الكثير من الثوّار العلويين بقيادة الشيخ صالح العلي قائد الثورة العلوية ضد الإستعمار الفرنسي، والتي اعتبرت حينها من الثورات التاريخية ضد الظلم والإحتلال.

عقب قيام الجمهورية السورية، حدثت الكثير من الصراعات والإنقلابات على السلطة في سوريا والتي كان للواقع الذي أرسته فرنسا دور كبير بها. وعند وصول حزب البعث الى السلطة، ساهم في صعود الطائفة العلوية كنخبة حاكمة، حيث جذب بأفكاره العلمانية جموع العلويين من الفلاحين وأهالي الأرياف، الذين عانوا من التمييز وكانوا يعيشون في حال من الفقر المُدقع، كما أسهمت هجرة أهل الريف إلى المدن في تعزيز هذه الظاهرة، إضافة الى انتقال أبناء الريف الى المدن للدراسة، فانضم العلويون بأعداد كبيرة إلى صفوف حزب البعث، لاسيما في فرع الحزب باللاذقية وفي فروع جامعتي دمشق وحلب. كما لعب العلويون دوراً مهماً في انقلاب مارس 1963، وانقلاب 1966، لكن نفوذهم الأساسي تجلى مع انقلاب الذي قام به الرئيس حافظ الأسد سنة 1973.

النفوذ العلوي في سوريا:

يتواجد أكثر من 70% في مناطق جبلية تقابل الساحل السوري، وبعد تولّي الرئيس حافظ الأسد عام 1970 رئاسة البلاد انتقل عدد أكبر منهم إلى العاصمة دمشق وحمص ومدينتيّ اللاذقية وطرطوس، وللعلويون النفوذ الأكبر في قطاعي الجيش والأمن الى جانب تأثيرهم على مفاصل الدولة الإقتصادية. أما حالياً، فعلى الرغم من أنه يُنظر إلى الطائفة العلويّة من منطلق أنها “جوهر النظام السوري”، إلا أن الصورة من الداخل تبدو مختلفة الآن وخصوصاً بعد دخول الصراع السوري عامه الخامس. وقد دفعت الطائفة العديد من الشهداء في الأزمة السورية، دفاعاً عن النظام والدولة. وبحسب صحيفة الديلي تليغراف، فقد دفع العلويون ما يصل إلى ثلثِ شبابهم في المعارك.

الأزمة السورية والوضع المعيشي:

يعيش أغلبية العلويين في حالة فقر، بسبب الأزمة الأخيرة التي زادت من معاناتهم في قراهم، مع غلاء المواد الغذائية والوقود المطّرد وقلة المُعيل وانحسار الدعم الحكومي، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء لأوقات طويلة. ويواجه النظام في سوريا اليوم أكبر تحدٍ داخلي، بدأ بقرار الرئيس السوري بشار الأسد، التخلص من نظام الحزب الواحد، وقيام نظام سياسي تعددي جديد يضمن إجراء إنتخابات حرة، تمثل بصورة حقيقية ما يريده المجتمع السوري اليوم، وتعكس تطلعاته نحو حياة سياسية حرة وعادلة. لكن الحرب على الإرهاب تبقى المشكلة الأكبر التي تعاني منها سوريا اليوم. وبالتالي فهي تشل العمل على الأصعدة الأخرى، إذ تعتبر محاربة الإرهاب من الأولويات.

الخاتمة:

تعتبر الطائفة العلوية طائفة لها دور في التركيبة السياسية السورية. وهي تعمل على الحفاظ على وجودها واستمرارها، في ظل نظام سياسي محسوب عليها، وتخشى من الحرب المذهبية الطاحنة وترفضها. إذ يؤمن العلويون أن أزمة كهذه، تهدد مستقبل سوريا أجمع. وتدرك الطائفة العلوية، معنى المعاناة والتمييز، لذلك تسعى جاهدةً اليوم لبناء لُحمةٍ إجتماعية في ظل وضعٍ سوريٍ صعب، يبقى فيه الإرهاب الخطر الأكبر.

المصدر – الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق