بعد الوعود بتقليص ترسانتها من الأسلحة النووية، أمريكا تنفق المليارات لتطويرها
على الرغم من أن العالم لم يشهد حربا نووية بين دولتين حتى يومنا هذا الا أن مجرد متابعة تصريحات الدول النووية الكبرى يثير القلق في نفوس من قرأوا أو سمعوا عن قنبلتي نكازاكي و هيروشيما و رأوا آثارها التي استمرت أعوام طويلة مع ما خلفته من دمار هائل و ضحايا بعشرات الآلاف. و تسعى الدول الكبرى الموقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في الظاهر الى تقليص ترسانتها النووية و من تلك الدول أمريكا، أول الدول التي سعت لتطوير هذا السلاح الفتاك، الا أن الواقع يشير الى عكس ذلك خصوصا مع التصريحات الرسمية الأمريكية أخيرا و التي تقر بأن أمريكا ستخصص ميزانيات بمليارات الدولارات لاعادة تأهيل الترسانة النووية الموجودة و تطويرها.
عام ٢٠٠٩، نال الرئيس باراك أوباما جائزة نوبل للسلام، تقديرا لجهوده بالسعي نحو عالم خال من الأسلحة النووية، والعمل الذي قام به في هذا الاتجاه، و تشجيعه على تقليص خطر السلاح النووي لدول العالم، و لكن كما يبدو على أرض الواقع فما كلام أوباما سوى ضرب جديد من ضروب المكر و الخداع التي اعتاد عليها رؤساء أمريكا منذ نشأتها. فقد صرح نائب وزير الدفاع الأمريكي بأن الحكومة الأمريكية أقرت مشروعا يمتد حتى عام ٢٠٣٥ بقيمة ٢٧٠ ملیار دولار بهدف تجديد و تكوير الترسانة الصاروخية النووية. تلك التصريحات لم تكن جديدة حيث ذكر تقرير سابق لصحيفة “نيويورك تايمز” بأنه يجري حاليا انشاء موقع ضخم جديد في كانساس سيتي، أكبر من مقر البنتاغون، يضم آلاف الموظفين، المزودين بتقنيات مستقبلية، يعملون على تحديث الأسلحة النووية باختبارها مستخدمين أنظمة متطورة لا تتطلب التفجير التحت-أرضي. و في لوس ألاموس، بـنيو مكسيكو، انطلق بناء موقع كبير جديد، لإنتاج البلوتونيوم من اجل الرؤوس النووية. وفي أوكريدج بولاية تينيسي، يتم انشاء محطة لإنتاج اليورانيوم المخصب للاستخدام العسكري. وقد تباطأت الأشغال، مع ذلك، لكون تكلفة المشروع في لوس ألاموس قد تضخمت خلال ١٠ سنوات من ٦٦٠ مليون دولار الى ٥.٨ مليار دولار، وتضخم مشروع أوكريدج من ٦.٥ إلى ١٩ مليار دولار.
و منذ تولي أوباما للرئاسة في أمريكا قدمت ادارته ٥٧ مشروعا لتحديث مواقع عسكرية نووية، وافق مكتب المحاسبة الحكومي على ٢١ منها، في حين يبقى ٣٦ في انتظار الموافقة. أحد المخططات الموافق عليها يتضمن بناء ١٢ غواصة هجومية نووية جديدة (بإمكان كل منها أن تقذف ما يصل إلى ٢٠٠ رأس نووي على أهداف عدة، فضلا عن ٢٤ صاروخا باليستيا)، ١٠٠ طائرة أخرى من قاذفات القنابل الاستراتيجية (كل منها مسلحة بحوالي ٢٠ صاروخا أو قنابل نووية) و٤٠٠ صاروخا باليستيا عابرة للقارات مع قاعدة ارضية (لدى كل منها رأس نووي ذو قوة عظمى، ولكن يمكنها دوما ان تتسلح برؤوس حربية مستقلة متعددة). وهكذا، انطلق برنامج أسلحة نووية جديدة على يد إدارة أوباما سيكلف حسب دراسة حديثة أجراها معهد مونتيري، قرابة ١٠٠٠ مليار دولار، وهو أعلى انفاق في الفترة ما بين ٢٠٢٤ و٢٠٢٩، سيدخل ضمن الإنفاق العسكري العام للولايات المتحدة، المكون من ميزانية البنتاغون (٦٤٠ مليار دولار عام ٢٠١٣) تضاف إليها أمور أخرى ذات طابع عسكري (الإنفاق على الأسلحة النووية، مثلا، تتحمله ميزانية وزارة الطاقة)، ليرتفع الى ما مجموعه ١٠٠٠ مليار دولار تقريبا في السنة.
و في المقابل نشاط روسي مضاد تمثل مؤخرا بما أعلنه الرئيس الروسي عن نية روسيا اضافة أربعين صاروخا بالستيا يحمل رؤوس نووية للترسانة العسكرية نهاية العام الجاري، كاشارة الى استمرار الحرب الباردة بين البلدين و التي لا يمكن لأحد أن يتوقع كيفية نهايتها و الى متى سيبقى التهديد على المنابر الاعلامية في ظل التطورات المتسارعة على الحدود الروسية المتمثلة بتضييق الخناق على الدب الروسي عبر قوات حلف شمال الأطلسي و استمرار النزاع مع أوكرانيا، و نشر الدرع الصاروخية في تركيا و أوروبا، ما تراه روسيا تهديدا مباشرا لها يدفعها للقيام باجراءات مضادة كنشر صواريخ بالستية عابرة للقارات على حدودها الجنوبية و الشرقة توازيا مع تعزيز حلف الناتو لتواجده قرب تلك الحدود ما يأزم الوضع أكثر و ينذر بعواقب وخيمة و حرب طاحنة لا تحمد عقباها.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق