محور سوريا العراق وإيران واستراتيجية التحالف والمواجهة
تتطور أحداث مناطق النزاع مع الإرهاب بشكل يومي وسريع والسبب لا يعود فقط لحجم وقوة المجموعات الإرهابية بل لصراع دولي أكبر وأوسع يشمل عدداً كبيراً من الدول التي تتوزع فيه ثلاث مجموعات، واحدة تدافع عن نفسها وتقاتله، وثانية تدعمه بكل ما تملك من قدرات الدعم، وثالثة تبحث عن استثمارات رابحة في صراعهما. ونظرا للحجم والعدد الضخم للدول الداعمة والمصدرة للإرهاب كان لا بد للدول التي تقاوم، وأهمها سوريا العراق وإيران، أن تتحد وتجابه وتنسق فيما بينها حتى ترفع من قوتها وصمودها، ومن هنا كانت اللقاءات المستمرة بين الأطراف الثلاثة وآخرها اللقاء الذي تقرر عقده في بغداد.
وكان قد عقد منذ فترة لقاء تنسيقي في التاسع من كانون الأول الماضي بين وزراء خارجية العراق وسوريا وإيران على هامش المؤتمر المنعقد في طهران حول العنف والتطرف آنذاك، أشار فيه وزير الخارجية الإيراني إلى أهمية التنسيق الثلاثي في مواجهة التحديات الصعبة في المنطقة، فقد أخذ هذا التنسيق بين الدول الثلاث شكلا جديدا خلال الفترة الأخيرة، بحيث لم يعد التواصل ثنائيا فقط، إذ يبدو أن تطور الأحداث أصبح ملزما لعمل منسق على شتى الصعد ومن هنا كان التحضير لإجتماع ثلاثي ثانٍ في العاصمة العراقية بغداد يستكمل ما بدأ به في طهران.
وكانت قد صدرت أيضا تصريحات على لسان مستشار قائد الثورة الإسلامية للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي بأن الأسابيع القادمة ستشهد تطورا مهما في العلاقات بين الدول الثلاث إيران وسوريا والعراق، كما وأكدت التصريحات على أهمية الاجتماع الثلاثي لوزراء الداخلية السوري والإيراني والعراقي في بغداد قريبا. وأضافت، تعليقا على الموضوع ذاته، المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، أن هذا الاجتماع يعتبر خطوة وتطورا نوعيا في العلاقات بين الدول الثلاث للإرتقاء بمستوى التعاون وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية ويتيح الفرصة للحوار والتعاون والاستفادة من الطاقات الموجودة لحل المشاكل والعراقيل الموجودة في المنطقة بما يخدم الأمن والاستقرار فيها.
كما وصرح ايضا وزير الخارجية الإيراني ظريف بعد الإجتماع الأخير أن الدول الثلاث كانت لديها نظرة مشتركة إزاء الإرهاب والتطرف منذ البداية، وقد صمدت في هذا المجال، ومن هنا فإن التعاون بينها أمر ضروري، وهو ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع، وفي العموم تشدد التصريحات الصادرة عن الدول الثلاث على أهمية التعاون والتنسيق، على الأخص في المجال الأمني والعسكري ومكافحة الإرهاب ومحاصرته حتى القضاء عليه، وهو في الواقع التحدي الأهم والأخطر بل فعليا هو من أوصل مستوى العلاقات إلى هذا الحد من التحالف العسكري السياسي والإقتصادي فيما بين هذه الدول. ولم يكن الوضع في السابق مختلفا كثيرا، لكنه كان ثنائيا، وبوضوح أكثر فالعلاقات العراقية السورية مرت بالكثير من فترات الفتور والبعد لأسباب مختلفة، أما في السنوات الأخيرة وبعد دخول البلدين الجارين في تحدٍ مشترك في مواجهة الجماعات الإرهابية، فعاد التواصل القوي من جديد.
وعمليا فالجانب الإيراني يواجه أيضا تحديات مشابهة وهجمة دولية من ذات الدول التي تغطي وتدعم وتوجه الجماعات الإرهابية، لذا كان المبادر في مقارعة الأعداء المشتركين لمحور الدول المقاومة، والمساند والداعم لمواجهتهم في المحافل السياسية وفي ميادين القتال. من هنا لعبت الجمهورية الإسلامية الإيرانية دورا محوريا وأساسيا، ومن دونه كان النصر لكل من العراق وسوريا حلما يكاد يستحيل تحققه.
فميدانيا من المستحيل فصل جبهات القتال بين سوريا والعراق، وأي هزيمة على الجانب العراقي يشكل اقتراباً للتهديد الإرهابي من الأراضي الإيرانية، وعسكريا بات واضحا أن شدة وضخامة الهجمة الدولية على الدول الثلاث جعلت من إيران الداعم الأول وشبه الوحيد للعراق وسوريا، عدا عن مشاركته في إدارة الصراع ونقل خبراته العسكرية إلى ميادين القتال. وعليه فعليا الجبهة واحدة وأي تهديد أو نصر أو هزيمة هو للجبهة كلها ويحتم على الجميع المواجهة بكل وسيلة ممكنة، وحتى خارج حدود الوطن الواحد. فحجم التهديد بات أكبر من أن يتوقف كل جند ليحمي حدود بلده فقط، بل عليه أن يكسر كل الحدود إن اضطره الأمر، ويبدو أن استشراس ووحشية الإرهاب ومَن ورائه سيحتم الذهاب لمن ورائه وعدم الإكتفاء بالقتال الميداني داخل العراق وسوريا.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق