تجار وأثرياء من دول مجلس التعاون يمولون جماعات ارهابية في باكستان
من التساؤلات التي تثير انتباه المتابع لتحركات الجماعات الإرهابية تلك التي تدور حول مصادر تمويل وتسليح هذه الجماعات لتنفيذ عمليات إجرامية. ويتركز الكلام في هذه السطور على الجماعات الإرهابية في باكستان وفي مقدمتها جماعة “طالبان الباكستانية” و”القاعدة” وما يسمى “جيش الصحابة” بالإضافة إلى تنظيم “داعش” الإرهابي.
في البداية لابد من الإشارة إلى ان هذه التساؤلات برزت بشكل واضح في الآونة الأخيرة بعد الاجراءات التي اتخذتها حكومة اسلام آباد لتجفيف منابع الإرهاب والحد من قدرة العناصر الإرهابية على استحصال الاموال والسلاح والتي تشير الشواهد والقرائن المتوفرة إلى عدم فاعليتها لأسباب سنأتي على ذكرها فيما بعد.
وعودة للتساؤل المثار حول مصادر تمويل الإرهاب في باكستان نقول:
1 – سعت الجماعات الإرهابية إلى فرض ما تسميه “الخراج” على المزارعين والفلاحين واستقطاع جزء من منتجاتهم، وذلك من خلال الإيحاء بأن ذلك يدخل في إطار إجراء الاحكام الشرعية المتعلقة بالزكاة وتهديد كل من لا يلتزم بتنفيذها بأقسى العقوبات.
2 – مد جسور مع بعض الشخصيات في الدول العربية بمجلس التعاون والتنسيق معها من أجل جمع الزكاة ومن بينها زكاة الفطرة وإرسالها إلى باكستان عن طريق أشخاص محددين لهذا الغرض لتأخذ طريقها بعد ذلك إلى قيادات الجماعات الإرهابية للاستفادة منها في تنفيذ الاعمال الإرهابية.
3 – استحداث مشاريع وهمية أو مشاريع تعمل تحت يافطات مدنية وحقوقية وخيرية لاستقطاب أموال المتبرعين بذريعة الاستفادة منها في خدمة المحتاجين أو بناء مؤسسات خدمية أو ترفيهية، ولكن الحقيقة ان هذه الاموال تذهب إلى جيوب قادة التنظيمات الإرهابية كي توظف لتنفيذ عمليات إرهابية.
4 – جمع الاموال عن طريق المواقع الالكترونية في شبكة الانترنت من خلال نشر اعلانات تحمل مضامين دينية أو خيرية وبطريقة تجعل من الصعب إكتشاف كذب أصحابها.
في نفس السياق ذكر مدير مؤسسة السلام في باكستان “محمد عامر رانا” ان الجماعات الإرهابية قامت بتأسيس مدارس تحمل عناوين دينية لخداع الرأي العام من أجل جمع الاموال بحجة انفاقها على هذه المدارس، في حين تم إلقاء القبض على عدد من القائمين على شؤون هذه المدارس وثبت من خلال التحقيق بأنهم ينفذون أجندات إرهابية تحت غطاء ديني.
واشار هذا المسؤول إلى ان عدداً من التجار والأثرياء في دول مجلس التعاون يرسلون أموالاً طائلة إلى تلك المدارس لأسباب مذهبية وطائفية، في حين أن القسم الاعظم من هذه الاموال يُسخر لتمويل وتسليح الجماعات الإرهابية والمتطرفة في باكستان وأفغانستان والهند وبنغلاديش من حيث يشعر أولئك التجار والأثرياء أو لايشعرون.
وذكرت مصادر حكومية باكستانية ان الاموال التي تمت مصادرتها من بعض العناصر الإرهابية وصلت إلى أكثر من 10 ملايين دولار في شهري شباط وآذار فقط من العام الجاري.
ووفق المعلومات المتوفرة يقوم الكثير من عناصر الجماعات الإرهابية بالقيام بنشاطات سياسية كالتي تحصل في المواسم الانتخابية للحصول على الاموال دون أن تتمكن السلطات من التعرف على حقيقتهم كونهم يعملون ضمن أطر لا تتعارض مع القوانين المعمول بها في البلد.
اما اسباب عدم فعالية الاجراءات التي اتخذتها الحكومة الباكستانية لتجفيف منابع الإرهاب فيمكن تلخيصها على النحو التالي:
1 – الكثير ممن يعملون في الجهات الرسمية المعنية بمكافحة الإرهاب لايتحلون بالنزاهة والثقة نتيجة العوز المادي، ولهذا يتعاونون مع العناصر الإرهابية أو يتسترون عليها من أجل الحصول على الاموال.
2 – بعض الشخصيات الحكومية التي تنشط في مجال مكافحة الإرهاب تعرضت للتهديد المباشر بالقتل أو الاختطاف من قبل الجماعات الإرهابية، ولهذا يمتنع الكثير من هذه الشخصيات عن أداء دور فعّال في هذا المجال خوفاً على نفسه من القتل أو الاختطاف.
3 – هشاشة القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب والتي ينص بعضها على فرض غرامات مادية على من يثبت تعاونه مع الإرهابيين، وهذه القوانين لاتمثل اجراءات رادعة للقضاء على ظاهرة الإرهاب المتفشية في الكثير من مناطق البلاد كولاية البنجاب.
وأخيراً لابد من الإشارة إلى ان الجماعات الإرهابية تقوم بخطف الاشخاص من أجل قتلهم والمتاجرة بأعضائهم، اضافة إلى أن بعض هذه الجماعات تقوم ببيع الاطفال والنساء بعد اختطافهم للحصول على المال وإنفاقه في شراء السلاح لتنفيذ عمليات إجرامية.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق