واشنطن والوهابية وصناعة الطاعون
كشف الهجوم الإرهابي الذي استهدف مؤخراً فندقاً في تونس وأدى إلى مقتل وجرح عشرات الاشخاص ان هذا البلد لم يعد آمناً ومستقراً كما كان قبل عام ٢٠١١.
والهجوم هو الاسوأ في تاريخ هذا البلد الذي كان قبل سنوات قليلة من أكثر بلدان المنطقة أمناً واستقراراً لكنه أصبح اليوم مرتعاً للجماعات الإرهابية والتكفيرية وأخذت تنطلق منه عناصر هذه الجماعات لتلتحق بتنظيم “داعش” الإرهابي لاسيما في العراق وسوريا.
وبعد الهجوم على الفندق الذي أعقبه تفجير استهدف سيارة للشرطة في مدينة “كف” قررت السلطات التونسية غلق ٨٠ مسجداً في مختلف أنحاء البلاد، محذرة من أن بعض هذه المساجد بات يُستغل من قبل الجماعات الإرهابية للقيام بأعمال اجرامية ضد المواطنين الابرياء.
وفي آذار/مارس الماضي أسفر هجوم إرهابي استهدف “متحف باردو” وسط العاصمة “تونس” عن مقتل ٢٠ سائحاً اجنبياً.
ومنذ عام ٢٠١١ وحتى الآن شهدت تونس الكثير من الاشتباكات المسلحة بين قوات الشرطة والجماعات المتطرفة، ما أدى إلى مقتل وجرح المئات من الاشخاص معظمهم من المدنيين. وفي عام ٢٠١٣ ارتفعت وتيرة العمليات الإرهابية في هذا البلد، ووصل الأمر إلى أن اثنين من السياسيين التونسيين تم اغتيالهم من قبل الإرهابيين في وضح النهار.
ورغم الاجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات التونسية عام ٢٠١٤ للحد من هذه الظاهرة الخطرة والتي أسفرت عن اعتقال عدد من الإرهابيين، إلاّ ان الجماعات الإرهابية ومن بينها تنظيم “القاعدة” لا زالت تنشط في هذا البلد.
ويعتقد المراقبون إن ما قامت به أمريكا في إطار مشروعها المسمى “الشرق الاوسط الكبير” والذي يهدف إلى تمزيق المنطقة والسيطرة على مقدراتها قد أسهم في خلق أزمات أمنية كبيرة في العديد من دول المنطقة، وأدى إلى ظهور جماعات متطرفة من بينها تنظيم “داعش” الإرهابي الذي شبّهه أحد الباحثين بمرض الطاعون.
ومنذ عدة سنوات تقوم واشنطن والدول الغربية الحليفة لها والأنظمة الرجعية الموالية لها في المنطقة بمد الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح لإشاعة الفكر الوهابي السلفي الذي يبيح قتل الآخرين بحجج واهية لاتمت للقيم الدينية والانسانية بصلة من أجل تشويه صورة الاسلام الحنيف وخدمة المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.
وسعت الدوائر الغربية بالتنسيق مع عملائها في المنطقة إلى إظهار الجماعات المتطرفة على انها جماعات معتدلة لتنفيذ أجندتها الخاصة، في حين اثبتت الوقائع الميدانية أن هذه الجماعات مستعدة لإرتكاب أفضع الجرائم بحق الابرياء العزل لتحقيق مآربها التي تصب في النهاية بخدمة المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.
وتشير الكثير من الدراسات المعنية برصد تحركات الجماعات الإرهابية إلى أن نسبة كبيرة من الإرهابيين الذين ينشطون في سوريا والعراق هم من حملة الجنسية التونسية، مؤكدة في الوقت نفسه إلى ان الجماعات المتطرفة تسعى إلى اشاعة الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار في تونس لتمهيد الارضية لاسقاط نظام الحكم في هذا البلد.
ويرى المحللون ان الادارة الامريكية سعت ولازالت تسعى لتوظيف ظاهرة الإرهاب في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا لنشر قواتها العسكرية في هاتين المنطقتين المهمتين من العالم بحجة محاربة الإرهاب.
وأثبتت التجارب ان الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا لا تألوا جهداً في دعم الجماعات الإرهابية وغض الطرف عن جرائمها من أجل تحقيق أهدافها في المنطقة، حتى وإن أدى ذلك إلى مقتل رعايا غربيين كما حصل مؤخراً نتيجة الهجوم الإرهابي الذي استهدف الفندق الذي كان يرتاده سياح أجانب في مدينة “سوسة” الساحلية في تونس والذي أضر كثيراً بسمعة قطاع السياحة الذي يعد أحد المصادر الرئيسية للدخل القومي في هذا البلد.
المصدر – الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق