محنة الكتاب العراقي
ثقافة – الرأي –
القضية تراكمية وتأخذ مستويات عدّة ..
فالكتاب الآن في العالم الحي المتحرك وصاحب المنظور القريب والبعيد _ في آن معا _ ، ذي المؤسسات المهنية والتنظيمية في مجالات الطباعة النشر والتوزيع ، هو ليس مشروعا ثقافيا وأدبيا حسب ، بل هو مشروع تسويقي أيضا يدخل من باب الاستهلاك _ كعرض وطلب _ ؛ ولهذا يصبح الاهتمام به وطريقة نشره وعرضه ومن ثم تسويقه أو توزيعه ، من ضمن خطط مدروسة ومحكمة وغير عشوائية ..
وباعتقادي أن الكتاب العراقي هو ضحية لمجموعة من العوامل والأسباب ،من بينها غياب هذه المؤسسات المهنية المذكورة التي ترعى عملية نشر الكتاب وتوزيعه أو عرضه بمستوى مهم يعطي للكتاب والمؤلف قيمة مضاعفة مضافة إلى قيمته المضمونية والفنية ..
في المستوى الآخر ؛ هناك غياب التقاليد الثقافية الراقية لدينا ، والتي يمكن من خلالها أن تعطي الكتاب العراقي مكانة وحيزا في مجتمع القراءة .. وهناك أيضا المعضلة الاجتماعية المتراكمة ،
المتمثلة بأسلوب التعامل المزمن مع المؤلف والكتاب العراقي وفق المثل الشائع _ مغنية الحي لا تطرب _ ، وهو بمثابة مرض اجتماعي مردّه الشعور بالنقص لدى معظم مثقفينا وقرائنا ، إنه مجتمع ثقافي يتعامل مع الأسماء قبل النصوص ، ومع المظاهر والعناوين قبل الجوهر الفكري والثقافي لهذا الكتاب وذاك المؤلف .. ولهذا تجد أن الكثير من الكتب المطبوعة والمصدّرة من خارج البلد تأخذ حيزا مهما لدى القارئ ، تلك التي تداعب دعايتها فضول القارئ ، قبل وصولها بوقت طويل ، وهو مستوى نفسي يلعب دوره في عملية الجذب والإقبال على الكتاب أو المؤلف ..
لكن المشكلة الأهم : التقييم المجاني عندنا .. إذ كيف نسوّق كتابنا ونجعله جاذبا ومهما للآخرين ، وفي ثقافتنا العراقية متصيدون (مخرّفون ) مهمتهم النيل من الإبداع ومن المبدعين البعيدين عن ضجيج المؤسسات الرسمية وغير الرسمية .. ؛ متصيدون _ تحت ذرائع نقدية أو فنية _ مهمتهم كبح جماح الابتكار والتجديد في ساحة التنافس الإبداعي ، مع ترسيخ ما هو تقليدي _ على المنصات _ والتصفيق له بحرارة !!
لهذا نحن بحاجة لثقافة ومؤسسات وأجواء حقيقية نقية تعطي المؤلف العراقي المبدع ، القيمة التي يستحقها والمكانة التي ترافق كتابه ومنجزه.. بدلا من (تسقيطه ) فنيا ومعنويا على أيدي (المخرفين المتصيدين) ، هنا وهناك في مؤسساتنا العريقة !! .
حسين الهاشمي
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق