قرصنة اسطول الحرية وبيادق لعبة الفوضى البناءة
بالتزامن مع مقاطعتها لمجلس حقوق الانسان قامت حكومة الکيان الإسرائيلي بإصدار اوامر قرصنة اسطول الحرية لتضاف جريمة اخرى الى قائمة طويلة من الجرائم المستمرة التي اقترفتها خلال العقود الماضية، اعمال بدأت بجرائم الابادة المباشرة خلال احتلال فلسطين ولم تنته بجريمة ابادة مليونین من البشر محاصرين في قطاع صغير منذ اكثر من عشرة سنوات.
فعلى غرار القرصنة الإسرائيلية التي تعرّض لها أسطول الحريّة الأوّل، الذي كان يُبحر صوب شواطئ قطاع غزّة، في أيار من العام ٢٠١٠، بقيادة سفينة «مافي مرمرة»، اعترضت البحريّة الإسرائيلية الاسبوع الماضي طليعة أسطول الحريّة الثالث، سفينة «ماريانا» السويدية، وسيطرت عليها بالقوّة أثناء إبحارها في المياه الدولية في طريقها إلى القطاع.
ما يلفت الانتباه هو تكرار فشل محاولات كسر الحصار عن قطاع غزة تقوم بمبادرة نشطاء غربيين من جهة ومشاركة اطراف عربية ومنظمة الامم المتحدة ناهيك عن مساعي غربية لعرقلتها من جهة اخرى.
فاذا كان الکيان الإسرائيلي يمنع مرور القوافل البحرية للوصول الى قطاع غزة ونقل ما تحمل من مساعدات لشعب محاصر ومنكوب من ثلاثة حروب فان الحكومة المصرية كانت والى يومنا هذا تمنع ليس وصول قوافل المساعدات البرية وحسب بل انها تعرقل حتى عبور المسافرين والمرضى والمصابين منهم ايضا عبر ميناء رفح البري البوابة الدولية والمتنفس الوحيد الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي.
اكثر من عشر سنوات والجرائم تتوالى ضد قطاع غزة من حروب وحصار ودمار ليأتي هذا الفعل القرصني غير المسبوق ضد نشاط تقديم مساعدات إنسانية لمحاصرين، إکمالاً لمشروع خنق قطاع اراد للمقاومة ان تكون عنوانه لتحرير وطنه فلسطين.
مر الشعب الفلسطيني خلال سنوات الحصار العجاف بثلاث حروب مدمرة وهو تحت حصار كامل تتفرج خلالها الدول وهيئة الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية المعنية وعلى راسهم الانظمة العربية كيف يموت الاطفال الرضع والشيوخ العجز فيما يواجه باقي الشعب الموت البطيء هناك.
فعندما تتآمر دول عربية واسلامية ضد شعب لايريد شيئا اكثر من تحرير وطنه من زمرة محتلة وتساعد المحتل على تكرار عدوانه وارهابه ضد هذا الشعب العربي المسلم فمن السذاجة ان نتوقع ان يقوم مجلس الامن الدولي الذي يزعم عنايته بالأمن والسلم وردع المعتدي بالقيام بخطوة لوقف هذه المجزرة الانسانية المستمرة منذ سنوات.
يدرك الكيان الإسرائيلي وقبله الانظمة العربية جيدا ان نجاح (اسطول الحرية ٣) في الوصول إلى غزة سيعني نهاية مشاريعهم الرامية الى اخماد نار المقاومة في قلوب الشعوب وثقافة الانتصار للمظلوم لان وصول سفينة “ماريان” الى القطاع يعني تدفق سفن المساعدات على غزة من كل حدب وصوب ورجوع الرأي العام العربي والعالمي الى صوابه داعما بذلك خط المقاومة امام خطوط التسوية وبيع فلسطين التي تتصدر برامج هذه الانظمة اليوم.
تكشف هذه الجريمة الجديدة ان البيادق الاصلية في لعبة الفوضى البناءة في منطقة الشرق الاوسط مصممة على ابقاء نحو مليوني انسان في قطاع غزة في اكبر سجن في العالم وتحت الحصار حتى لا تموت آمال عرابي المشروع في تحقيق اهدافهم ويبقى الکيان الإسرائيلي كيانا فوق القانون.
فطالما استمر الانقسام الفلسطيني من جهة وانهيار الحاضنة الاسلامية والعربية للقضية الفلسطينية، والتي سعت الجمهورية الاسلامية منذ سنين لتحقيقها من خلال دعم الشعب الفلسطيني، فلايمكن القيام بأية خطوة ذات معنى لوقف العدوان الإسرائيلي الفريد من نوعه، المستمر منذ سنوات، مسجلاً بلوغ ذروة بعد ذروة، في عالم الجرائم الموصوفة، لا سيما جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والابادة الجماعية على مر التاريخ.
لا شك أن الشعب الفلسطيني يعقد آمالا عريضة على قوافل الحرية البحرية منها والبرية وجميع النشاطات التي يمكن ان تؤدي الى مساعدته في الخلاص من ارهاب الاحتلال ولكن الاحرى بالشعب الفلسطيني وفصائله دون استثناء التوصل إلى توافق ووحدة وطنية حقيقية محورها مقاومة المحتل فعلينا إدراك أن الجهد الإنساني التحرري تراكمي والنتيجة النهائية ستظهر بشكل بعيد أو قريب، مثل ما شاهدناه من هزيمة الالة الحربية الإسرائيلية خلال الحروب الثلاث التي قام بها هذا الکيان ضد قطاع غزة.
الحقيقة إن قدوم أول رئيس عربي سابق عبر القوافل يعتبر تطوراً مهماً وكبيراً، فإصرار السيد المرزوقي الرئيس التونسي السابق على اعتلاء البحر والقدوم عبر أسطول الحرية لقطاع غزة يحمل رسائل هامة قد يكون لها تداعيات إيجابية واسعة ويمكن البناء عليها، وقد تعمل زيارته كحلقة الوصل في نقل الجهود الإنسانية والشعبية لجهود رسمية ارادت إبعاد نفسها خلال هذه السنين من الدخول في هذه القضية بل والتآمر ضدها.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان وصف هذه القرصنة الإسرائيلية بانها انتهاك لنص المادة (٩٤) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والتي نصت على أن “تضطلع الدولة بالولاية على السفينة التي ترفع علَمها”، والمادة (٨٩) من الاتفاقية، والتي حظرت على أي دولة ادعاء خضوع أي جزء من أعالي البحار لسيادتها.
ولكن هل توجد لكيان غصب دولة كاملة ونفذ عمليات ابادة جماعية ضد شعبها ويقوم بانتهاكات يومية لحقوق الانسان والاتفاقيات الدولية وبمساعدة اعضاء رئيسيين في الامم المتحدة، اذان صاغية لسماع هذه القوانين؟ .
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق