لا تنازل من قبل إيران… الكرة في ملعب الغرب
أكدت إيران علی لسان وزير خارجيتها «محمد جواد ظريف» في رسالة فيديوية یوم أمس الجمعة أنها لايمكن أن تستسلم للضغوطات ولايمكنها تخطي خطوطها الحمراء التي رسمتها لنفسها في محادثاتها مع المجموعة السداسية، هذا ليس كلام ظريف في الأساس بل هو كلام القيادة الإيرانية العلیا وقبل كل ذلك فهو كلام الشعب الإيراني. إذاً تقول إیران إنها مستعدة للتفاوض والتوقیع علی الاتفاق النهائي، لكن عندما یعترف الغرب بحقوقها كاملة ویراعي خطوطها الحمراء.
واسمحوا لنا أن نتأمل في بعض كلمات ظریف خلال هذه الرسالة التي قال فیها «ان البعض يعتقد بعناد ان الضغط الاقتصادي والعسكري يؤدي الى استسلام…، لاني ارى مؤشرات غلبة المنطق على الوهم، واشعر ان الاطراف المفاوضة امامنا ادركت اخيرا ان الضغط والتهديد لن يؤديا ابدا الى حلول دائمة، بل يصعدان التوترات والعداوات». وأضاف: انهم انتبهوا ان اكثر الحظر الاقتصادي عشوائيا وظلما ضد بلدي لم يوصل هؤلاء الى اي من اهدافهم ومآربهم المعلنة، وفي المقابل تسبب في الحاق اضرار بالابرياء واثارة غضب شعب مسالم…، لذلك انهم (الاطراف الغربية) اختاروا طاولة المفاوضات، الا انهم يجب ان يتخذوا قرارا حساسا وتاريخيا بين حصول الاتفاق او مواصلة الضغوط.
من خلال التدقیق في فحوی رسالة ظریف والتي أعلن عنها في فترة لم یبق فیها من زمن المفاوضات كثیرا، نفهم أن الغرب في حال إستمر بلجاجته فان هذا سيهدد مصير المفاوضات وأن إستمرار الحظر الاقتصادي لایمكن أن یثني إيران عن مطالبها. وفي سياق متصل يقول ظريف عبر هذه الرسالة «ان التوصل الى اتفاق بحاجة الى “الشجاعة”»، وبناء علی هذا نفهم ایضا أن إيران لايمكنها تقديم أي تنازلات للغرب بعد كل هذا التعاون وصارت الكرة الیوم في ملعب الغرب وعلیه كما يقول ظريف إتخاذ قرارات حاسمة وشجاعة للتوصل الی إتفاق نهائي مع طهران. وفي هذا السياق فقد رسمت إيران لنفسها خطوطاً حمراء لاتستطیع تجاوزها علی الاطلاق، وفيما يلي نشير الی بعض أهم هذه النقاط التي جاءت في إحدی خطابات قائد الثورة الإسلامية في إیران:
اولا: إيران لاتقبل بقيود طويلة الأمد تصل الی عشرة أعوام أو أكثر لتقيد برنامجها النووي.
ثانيا: ضرورة مواصلة البحث والتنمية والبناء في المجال النووي من قبل إِيران وعدم توقف ذلك.
ثالثا: ضرورة إلغاء جميع العقوبات الاقتصادية والمالیة والمصرفية سواء ما تتعلق بمجلس الأمن أو الكونغرس الأمريكي أو الإدارة الأمريكية فور إبرام الاتفاق.
رابعا: إيران لا توافق على حالات التفتيش غير المألوفة، وترفض كذلك استجواب علمائها وشخصياتها رفضاً باتاً، ولا تقبل تفتيش مراكزها العسكرية.
وهنا نؤكد مرة اخری أنه علی الغرب مراعاة هذه النقاط في حال أراد حقا التوصل مع طهران لاتفاق نهائي. وفي هذا السیاق تاتي زیارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية «يوكيا أمانو» الاخیرة لإیران، لتثبت مرة اخری أن برنامجها النووي هو برنامج سلمي لم ينحرف عن مساره وأنه للاغراض المدنية وليس من مؤشر يدل علی أنه يستخدم للاغراض العسكرية. وبالرغم من جميع الضغوطات التي تمارس علی آمانو فانه ولسبب عدم وجود أي دليل يمكن أن يدين من خلاله أنشطة إيران، فإنه لم يتهم إيران بأنها تسعی لاستخدام برنامجها النووي للاغراض العسكرية. ويجب أن نعرف أنه بامكان منظمة الطاقة الدولية في حال جردت نفسها عن الرغبات الإسرائيلية والغربية، لعب دور إيجابي في التوصل الی إتفاق نووي بين الاطراف التي تتفاوض حالیا في فيینا.
وعلینا أن لاننسی أن إيران وحتی في الوقت الذي نكثت فیه الوكالة الدولية للطاقة الذرية عهودها تجاه هذه الدولة وخضعت للضغوطات الغربية والإسرائيلية، بقيت تحافظ علی تعاونها التام مع هذه المنظمة، مما يدل علی حسن نية إيران في التعامل مع منظمة الطاقة النووية وذلك بسبب أن إيران لا يوجد لديها ما ترید أن تخفیه. لكن هذه المرونة من قبل إيران لاتعني أنها لاتعير إهتماما لمصالح شعبها، بل علی العكس من هذا فان هذه المرونة تترافق مع “صرامة شرسة” من قبل طهران للحفاظ علی حقوقها التي ضمنها لها القانون الدولي وعلی الغرب أن لا یتصور كما قال ظریف أن ضغوطاته يمكن أن تؤدي الی رفع الراية البيضاء من قبل إيران.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق