التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

ناقوص الخطر !! مظلومية مصر وغزة _ بين السيسي وقوى التكفير والكيان الاسرائيلي 

أم الدنيا صرخت ألما على وقع العملية الانتحارية التي استهدفت المدعي العام المصري عبر تفجير موكبه  في القاهرة وأدت الى مقتله، وحين لم يسمع النداء المؤلم من يحكم الداخل المصري، عاد الارهاب واقتنص الواقع المرير ليوجه ضربته من جديد ولكنه هذه المرة عبر بريد سيناء الخطير.

 

ففي الايام الأخيرة، شهدت سيناء عمليات ارهابية مركبة ومزدوجة طالت مواقع للجيش المصري أودت بحياة العشرات من الجنود المصريين وعددا من الضباط، وما زال صدى الهجمات الارهابية يتردد داخل انحاء البلاد والمنطقة العربية ككل.

فلم يستطع الجيش المصري الذي اطلق حملة عسكرية في سيناء تحاط بسرية وتعتيم اعلامي كبير، من ايقاف مسلسل الاجرام الارهابي الذي ينفذه المشروع التكفيري وسط تساؤلات كبرى تطرح تكرارا حول طبيعة المنطقة والهدف وماهية المشروع الذي يحضر لمصر ولسيناء بأيد الحركات التكفيرية !!

من الجغرافيا المعقدة التي تجمع مصر والكيان الصهيوني وحركة حماس في غزة، عمليات ارهابية يفوق صداها وهدفها الارهاب بحده الاول، انما هو مشروع كبير وخطير جدا يخترق الحدود المصرية ومشروع الحكم السياسي في مصر الى ابعد من هذا.

 لتشخيص المشروع الخطير الذي يتخذ سيناء معبرا ومنطلقا له، تستوقفني تصريحات الصحافة الاسرائيلية حول الوضع في سيناء، فوفقا لموقع صحیفة  “یدیعوت أحرنوت” العبرية، حيث كتبت وفقا لمصادر من الجيش الاسرائيلي أن الكيان الاسرائيلي حريص على تقدیم المعلومات الاستخباریة للجانب المصري لمساعدته، حیث تبین فی کثیر من الأحیان أنه تنقصه المعلومات الاستخباریة اللازمة لمواجهة التنظیمات “الإرهابیة”، مشددة على أن العلاقات بین “إسرائیل” والجیش المصري لم تکن فی یوم من الأیام أفضل مما هی علیه الآن.

كما أشارت إلى أن الجیش المصري والمؤسسة الأمنیة فی القاهرة لا تتوقف عن التعاون والتنسیق مع تل أبیب بسبب التقاء مصالح الجانبین، الأمر الذی ولد شراکة إستراتیجیة فی مواجهة تهدید الجماعات المتطرفة.

وشددت على أن “إسرائیل” تتمتع بعوائد “استراتیجیة إیجابیة” من وجود الجیش المصری فی سیناء لا سیما على صعید تمکن الجیش الإسرائیلی من تحسین قدراته على مواجهة حرکة حماس والجماعات الأخرى والخطر الذی تمثله.

وأوضحت المصادر أن الجیش المصری أسهم بشکل غیر مسبوق فی تحسین البیئة الأمنیة والإستراتیجیة لإسرائیل من خلال دوره فی وقف تهریب السلاح للحرکات الفلسطینیة فی قطاع غزة.

كما نوهت المصادر إلى حقیقة أن شبه جزیرة سیناء تمثل منطقة واسعة ومفتوحة تسهل عملیات تهریب السلاح إلى قطاع غزة، وهو ما یبرز حجم أهمیة دور الجیش المصري فی مواجهة هذا الواقع.

وفی ذات السیاق، أبدت وسائل الإعلام الإسرائیلیة اهتماماً بالغاً بالرسائل التی حرص السیسی على إیصالها من خلال المقابلات التلفزیونیة التی أجریت معه مؤخراً، سیما على صعید التطمینات التی بعث بها للكيان الإسرائیلي.

وقد توقف المراقبون فی الكيان الاسرائيلي کثیراً عند تشدید السیسی على أن وجود الجیش المصری فی سیناء یأتي لخدمة الأمن “الإسرائیلی” أکثر مما یخدم مصر.

وسلط الإعلامیون الصهاینة الضوء على حقیقة  تشدید السیسی على احترامه المواثیق والمعاهدت الدولیة لمصر، على اعتبار أنها تمثل تأکیدا على احترامه باتفاقیة “کامب دیفید”.

كلام اخر في نفس السياق نشره موقع “واى نت” للصحافیان روعی کییم وإیتیلا شومبلبی حيث قالا: ” لقد قال السیسی إن إسرائیل تدرک أن عدم وجود الجیش المصری فی سیناء یمثل خطراً على أمنها أکثر مما هو خطر على مصر”.

وأضاف کییم وشومبلبی:”الرجل الذی یوشک على قیادة مصر یطمئن إسرائیل بمستقبل أفضل، ویذکر بالخطر الذی یتهدد إسرائیل من الجنوب “، مشیرین إلى تشدید السیسی على أن وجود الجیش المصری فی سیناء یأتی فقط لمواجهة الإرهاب ” الذی تعی إسرائیل حجم خطورته “.

ونوه الصحافیان إلى حقیقة أن السیسی تراجع عن تعهده السابق بالمبادرة لتغییر اتفاقیة کامب دیفید، حیث ربط الأمر بالتفاهم مع الكيان الإسرائیلي، منوهین بأن بنیامین نتنیاهو هو كان قد وافق على زیادة تواجد الجیش المصری فی سیناء، لإدراکه أهمیة الدور الذی یقوم به هذا الجیش فی مواجهة “عناصر الإسلام المتطرف” على حد وصفهم.

كلام الاعلام الاسرائيلي، يؤكد على أن الكيان الصهيوني يؤيد بشدة وجود الجيش المصري في سيناء لأداء مهمة اغلاق الابواب على حركات المقاومة الفلسطينية داخل غزة ويعتبر دليلا من الجانب الصهيوني على ان للكيان الاسرائيلي مصلحة مؤكدة في مجريات الاحداث الدموية الجارية داخل سيناء.

وسط  تساؤلات  كبيرة تطرح حول فرضية أن يقوم الكيان الاسرائيلي بدعم الحراك الارهابي في تلك المنطقة وتزكيته لتحقيق اهداف مزدوجة في تلك المنطقة التي تمس بأمن الكيان وتشكل خطرا على وجوده. 

فرضية الدور الاسرائيلي للعب دور تزكية الصراع ودعم الارهاب من جهة ومن ثم التظاهر بتقديم العون للجيش المصري من جهة اخرى ليست ببعيدة فالتعاون بين المجموعات الارهابية والكيان الاسرائيلي هي حقيقة واقعية على الارضي السورية في منطقة الجنوب السوري، حيث باتت الحدود الفلسطينية المحتلة مفتوحة لجرحى جبهة النصرة وداعش والدعم الصهيوني بالعتاد والخبرة والتدريب لم يعد مجرد تكهنات وشائعات بل بات حقيقة لها عشرات الادلة والمصاديق.

ولكن اذا كان الدعم الصهيوني في الجولان بهدف اقامة مشروع جيش لحد سوري لحماية الاراضي الفلسطينية المحتلة، ما هي العلة التي تقف وراء امكانية تقديم الدعم الاسرائيلي للجماعات الارهابية في سيناء؟؟

الاجابة على هذا السؤال في عدة نقاط

١- ان تواجد الارهاب في سيناء يشكل علة لجر الجيش المصري نحو اداء مهمة محاربة حماس ومنع تدفق السلاح الى غزة، وكذلك استنزاف الجيش المصري لاضعافه وابتزاز حكومة السيسي أكثر عبر وحول الارهاب في سيناء ومن ثم التظاهر بالمساعدة والدعم للجيش المصري.

٢- إن تواجد الارهاب في سيناء يجعل المساواة بين السلاح الوارد الى فلسطين من تلك المنطقة متوجها الى يد الجماعات الارهابية ويحول دون تمكن حماس من استغلال السوق السوداء لشراء السلاح والانفاق من اجل توريدها الى داخل القطاع المحاصر.

٣- ان ايجاد بيئة سلفية وهابية في سيناء أمر يساعد في نقل الفكر السلفي الى حركة حماس التي تنتمي لأيديولوجية إخوانية وبالتالي تحول مقاتلي حماس الى ارهابيين وتشتت توجهاتهم الجهادية الى الداخل المصري وساحات جهادية أخرى لصالح الكيان الصهيوني وبالتالي غرق غزة في صراع بين حركات التكفير وحركات المقاومة.

٤- إن تجميع الارهابيين في سيناء، ومن ثم اقامة حملة عسكرية عليهم من قبل الجيش المصري يجعل خيار التوجه الى غزة خيارا وحيدا لهذه الجماعات وبالتالي فإن عمليات الجيش المصري تصبح بمثابة العمل على توجيه الجماعات نحو قطاع غزة.

الصراع المطلوب بين داعش وحماس، لم يعد خفيا فالتسجيل الصادر عن تنظيم داعش الارهابي بعنوان “رسالة إلى أهلنا في بيت المقدس”، الذي كفّر فيه حركة حماس، واصفا اياها بـ”صحوات الردة”  بلسان أبو قتادة الفلسطيني، أحد أبناء قطاع غزة الذين انضموا لتنظيم “داعش” في حلب، حيث أعرب برسالته عن سعادته الغامرة كونه من “جنود الخلافة”، ودعا جميع “الموحدين في غزة بالالتحاق بركب المجاهدين، والانضمام إلى دولة الخلافة”.

بدوره، أوضح “أبوعزام الغزاوي” أن “الجهاد في سبيل الله، ليس هو لتحرير أرض، بل لتحكيم شريعة الله، وإعلاء كلمة الله لتكون هي العليا”، متهما حركة “حماس” بالقتال لـ”الحمية فقط، ولا يحكمون شرع الله، وهم يربون جنودهم وأبناءهم على الولاء للعلم الذي لو وجدته لدسته الآن، لأنه يكرّس لحدود سايكس بيكو”.

وأضاف “أبو عزام الغزاوي”: “رسالة إلى طواغيت حماس، أنتم في حساباتنا لا شيء، أنتم وفتح والعلمانيون جميعهم لا نعدكم شيئا، وبإذن الله سنقتلع دولة اليهود من جذورها، أنتم زبد يذهب مع زحفنا، وبإذن الله ستحكم غزة بالشريعة رغما عنكم”.

“أبو عائشة الغزاوي”، قال إن “حماس تعبد صنم الديمقراطية من دون الله، ووالله إن هناك آلهة تعبد من دون الله كزمان سيدنا إبراهيم عليه السلام”، وتابع: “والله لننتقمن منكم إن بقيتم على هذا الكفر والعار، أما إن آمنتم بالله وحده فأنتم أحبائنا، وإخواننا”.

وأضاف: “والله لنجعلن صغيركم وكبيركم يبكي كما فعلنا في الأمس القريب بكلابكم المرتدين، المنافقين، الكذابين، أصحاب اللحى العفنة في مخيم اليرموك، الذين قاتلوا شرع الله، وسنعيد الكرة والله، ولتشهدن غزة الدماء، والأشلاء”.

وفي نهاية الإصدار، وبعد دعوة عناصر تنظيم الدولة الغزيون، حركة حماس للعودة إلى الدين الإسلامي، اجتمع عدد من عناصر التنظيم الغزيون وجددوا البيعة لأبي بكر البغدادي، “على السمع والطاعة”.

وسط هذا الواقع الذي يحضر لغزة ومصر من قبل الكيان الصهيوني بمشروعه التكفيري المتعهد لاتمام ما عجز عنه الكيان نفسه، نجد في موزاة هذا المشروع الواضح، سلوك الرئيس السيسي الغير مسؤول الذي يعتبر شريكا في هذا المشروع سواء أدرك أم لم يدرك، فتسخين الداخل المصري الذي اوصل البلاد الى هذه المرحلة التي استغلها الارهاب هو جزء من المسؤولية التي يتحملها الرئيس السيسي.

 إن كل متتبعات المشروع الحالي الخطير يبقى سقوطه رهنا بوعي القيادة المصرية الحالية لما يحضر لغزة وما بعد غزة أولا، وكذلك وعي قيادة المقاومة الفلسطينية لقادم الايام ومخطط المشروع الحساس والخطير جدا والاستعداد للمواجهة المبكرة قبل فوات الاوان، ولحين وعي القيادة المصرية وادراك عواقب ما يجري يبقى الجيش المصري رهينا لمشاريع فردية وسياسية تجعله الضحية الاولى وتضعه في مقدمة صراع لن يجلب لمصر الا المزيد من الدموية والخراب ويضعها في موقع المتآمر جهلا او عمدا على المقاومة الفلسطينية في غزة. 

فمن يحكم العقل ويدرك أن الكيان الصهيوني ليس الا المتآمر الأصيل عبر الارهاب الوكيل، فمد يد التعاون مع الكيان الصهيوني ليس الا تعاون الضحية مع الجلاد وما الحل الا بقطع يد الكيان الاسرائيلي عبر البدء بتفاهم مصري غزاوي للقضاء على بؤر الارهاب في سيناء عاجلا.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق