التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

إيران بعيون السعودية على ذمة “ويكيليكس” 

في جولته الثانية بعد أمريكا، سرب موقع ويكيليكس ٧٠ ألف وثيقة من قبل وزارة الخارجية السعودية وسفاراتها حول العالم، كدفعة أولى من وثائق يصل عددها لأكثر من نصف مليون وثيقة، بعضها يصنف في خانة “سري للغاية”. وكدليل على الاحراج الذي سببه نشر تلك الوثائق فقد صرحت وزارة الخارجية عبر صفحتها الرسمية تويتر أن “المواطن الجيد لن يلتفت للتسريبات التي قد تحتوي على معلومات غير صحيحة”، أما السفير السعودي في لبنان فقد صرح بأن تلك التسريبات لا تحرج المملكة التي تعلن سياساتها علنا. وقد كشفت تلك التسريبات عن مركزية شديدة حيث أن بعض الرسائل كانت ترسل للملك شخصيا للبت فيها.

 

وفيما يتعلق بايران فقد كشفت التسريبات عن النظرة السعودية الحقيقية التي ترى من ايران “تهديداً” دائماً ومباشراً، وحسب برقية من وزارة الخارجية السعودية تمثل ممارسات إيران تهديدا مستمرا لأمن واستقرار المنطقة، ويبدأ التهديد من المناورات العسكرية شبه الشَّهرية إلى تطوير أسلحة دمار شامل، إضافةً إلى ملفِّها النووي وما يمثِّله من تهديد لأمن واستقرار دول المنطقة. وتشير الوثائق إلى تخوف السعودية كذلك من تهديدات إيران لها في لبنان وسوريا واليمن والبحرين.

وفي مواجهة هذا التهديد، تقوم السعودية بكل ما هو ممكن، وتمويل كل ما من شأنه أن يحد من هذا الخطر. ففي عام ٢٠١١ مثلا، وثيقة سرية وعاجلة من السفارة السعودية في لبنان تتحدث عن رسالة من قبل الإعلامي اللبناني عوني الكعكي (الذي أصبح فيما بعد نقيب الصحفيين في لبنان)، رئيس تحرير جريدة الشروق، يذكر فيها الكعكي أن العروض المقدمة له من (سوريا وقطر وإيران) قد رفضها تماما. لأن إيران صاحبة مشروع خطير في المنطقة كلها. في نفس الوثيقة يذكر الكعكي في رسالته أن جريدته مدينة بثلاثة مليون دولار. كما تكشف تمويل صحف ومحطات أخرى قالت السفارة السعودية في لبنان إنها مفيدة لتشويه صورة ايران أمام الرأي العام.

“تقرير إيران اليومي”

تظهر في الوثائق المسربة تقارير يومية عن إيران ترفع من قبل السفارة السعودية في طهران لوزارة الخارجية السعودية. كما تنقل الوثائق تقارير شبه دورية عن تغطية الإعلام الإيراني الرسمي للموقف السعودي ولأخبار السعودية وأخبار العائلة المالكة. وتتضمن الوثائق كذلك نقلا لتناول وسائل الإعلام الإيرانية الناطقة بالعربية والفارسية على السواء. الوثائق في معظمها تتناول تحركات السعودية في سوريا والكويت واليمن، وتمويلها لمجموعات وصفتها الوثائق بـ”الوهابية” لتنفيذ أهدافها في هذه الدول. وتم التركيز بشكل كبير على موضوع خلافة الملك الراحل عبد الله الذي تابعته ايران لحظة بلحظة حسبما ورد في التقارير. كذلك تلفت الوثائق أن إيران ترى أن مشروع تسريبات ويكيليكس ما هو إلا أداة أمريكية لنسف التقارب بين بعض الدول العربية وإيران، كالسعودية على سبيل المثال.

إيران ستحمي السعودية ومنطقة الخليج الفارسي بجهوزيتها العسكرية!

تُظهر برقية أخرى من السفارة السعودية في طهران أن إيران استطاعت خلال العقدين الأخيرين تطوير البنية العامة لقوَّاتها المسلحة ودفاعاتها العسكرية وحققت إنجازات كبيرة في مجال التحكم بالحروب الإلكترونية واختراع الأنظمة الصاروخية والرادارية الدقيقة. والتقنيات الدفاعية الإيرانية تفوق في بعض قدراتها بعض الإمكانات العسكرية التي يحاول الکيان الإسرائيلي بها أن يُرهب “دول المنطقة وأبناء الأمة الإسلامية”. وتذكُر الوثيقة كذلك أنَّ هذا التطور العسكري لإيران – وإن كان منافسًا للسعودية – إلا أنه يستطيع أن يكون صمام أمان لمنطقة الخليج الفارسي، عبرت الوثيقة بهذا التعبير:

إيران في اليمن

في برقية صادرة من وزير الخارجية السابق للملك عبد الله (غير محددة التاريخ) يؤكد الفيصل على أن إيران تسعى للتضييق على السعودية من خلال إثارة الشيعة داخل المملكة، وعن طريق خلق مشاكل لها في دول الجوار خصوصا في اليمن. وترددت معلومات للسعودية بأنها تسعى إلى فصل جنوب اليمن عن شماله، لكي تدخل منطقة الجزيرة العربية في مرحلة اضطرابات واسعة. وتذكر البرقية بعض “الإشاعات” عن توافق الرؤى الإيرانية مع الرؤى الروسية حول اليمن وفصل جنوبه عن شماله، وتوضح كذلك أن مخططات (الشيعة) في إيران ولبنان والعراق ضد السعودية لن تتوقف أبدًا.  

السعودية عملت على منع وصول الدعم العسكري لغزة

ومن ضمن التسريبات، وثيقة سرية كشف عنها موقع “ويكيليكس” تحكي كيف تحارب السعودية المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ومنع وصول الدعم العسكري المقدم لها من الجمهورية الإسلامية في إيران من خلال فرض حظر جوي على الطائرات الإيرانية التي تعبر المجال السعودي متجهة إلى السودان، حيث يتم تهريب الأسلحة من السودان الى داخل قطاع غزة فيما بعد. 

كما تحدثت برقية أخرى من السودان نشرت على موقع ويكيليكس مصدرها السفارة السعودية في العاصمة الخرطوم حول وصول شحنة من ايران الى مطار الخرطوم يعتقد أنها تحتوي على اجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم اضافة الى معدات اخرى متطورة متعلقة بالبرامج النووية، كما أضافت البرقية أنه يتوقع شحنة ثانية بعد اسبوع من تاريخ البرقية.

يذكر أنه لم يسبق أن تم تداول اي معلومات حول تعاون عسكري أو نووي بين السودان وايران، كما لا يوجد اي معلومات حول محاولة السودان لامتلاك مشروع نووي.

هذه التسريبات وغيرها العشرات من الوثائق الأخرى، أظهرت سياسة السعودية الظلامية اتجاه جميع الدول العربية والاقليمية والنظرة الاستعلائية التي تنظر من خلالها للدول الأخرى، اضافة الى فضائح عديدة تظهر الخوف مما تسميه الهلال الشيعي وسعيها الحثيث لمواجهته باعتباره تهديدا حتميا لأمنها واستقرارها، فكما تبين عشرات الوثائق فقد فاق حجم الدعم المالي المقدم لوسائل الاعلام العربية المختلفة عشرات ملايين الدولارات لتلميع صورة السعودية وتشويه صورة الجمهورية الاسلامية الايرانية. وبانتظار الباقي من التسريبات التي وعد موقع ويكيليكس بنشرها يبقى السؤال البديهي الى أين ستصل السعودية بسياستها هذه وهل ما خفي علينا أعظم مما سرب؟

المصدر – الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق