مرض قصور القلب: جهاز جديد.. ووعود
قام فريق طبي في “مركز بيروت للقلب” في “مستشفى الرسول الأعظم”، الأسبوع الماضي، بإجراء عملية زرع جهاز كهربائي “barostim” لمريضين يعانيين قصور القلب (heart failure). تُعتبر العملية من الإجراءات العلاجية الحديثة في لبنان والشرق الأوسط، وتم استيراد الجهاز من الولايات المتحدة الأميركية.
ويحدث مرض قصور القلب عندما تتضرّر عضلة القلب أو الصمّامات، فيواجه القلب بذلك صعوبة في ضخ الدمّ في الجسم، وتوزيع الأوكسجين والمغذيّات إلى كافة أعضاء الجسم، لكن لا يعتبر مرض قصور القلب توقف القلب عن أداء وظيفته، بل يستمرّ القلب في نشاطه، بكفاءة أقلّ. وترتكز أسباب قصور القلب، وفق المتخصص بأمراض وكهرباء القلب في “مركز بيروت للقلب” الدكتور علي رباح، على انسداد في الشرايين، ارتفاع ضغط الدم، أو خلل في صمامات القلب، التهاب في عضلة القلب، وأمراض خلقية في القلب.
ويعاني نحو سبعين ألف شخص في لبنان مرض قصور القلب، فيما يتعايش 26 مليون شخص في العالم مع المرض. ويعاني شخص واحد من كل خمس أشخاص المرض خلال حياته في الدول المتقدمة. وتزداد نسبة الإصابة بالمرض بسبب زيادة معدل الأعمار، وارتفاع نسبة انتشار عوامل الخطورة مثل التدخين، وارتفاع ضغط الدم وغيرها. تشمل الأعراض، وفق رباح، الشعور بضيق في التنفس، تورم الكاحلين واحتباس السوائل في الجسم والرئتين، وفقدان الوعي في بعض الحالات. ينصح رباح الأشخاص استشارة الطبيب المتخصص في حال الشعور بتلك العوارض.
علاجات كلاسيكية
تستهدف العلاجات الأسباب المؤدية الى المرض من تضيق في الشرايين أو خلل في صمامات القلب، وتتنوع العلاجات الكلاسيكية بين الأدوية أو زرع أجهزة كهربائية. يشرح رباح أن أدوية “حاصرات بيتا” (B-blockers)، و”مثبط انزيم المحول للأنجيوتنسين”، يحدان من التأثيرات السلبية على عضلة القلب، ما يحسن العوارض ويزيد معدل البقاء على قيد الحياة. يذكر رباح أن نسبة الوفيات عند مرضى قصور القلب مرتفعة إذ تتوفى نسبة خمسين في المئة من المرضى خلال فترة خمس سنوات. تساعد الأدوية المدرة للبول على تخفيف احتباس السوائل وتحسين العوارض.
يحمي جهاز الصادم الكهربائي (defibrillator) المريض من الموت المفاجئ، إذ يتم زرع الجهاز تحت الجلد مرتبطا بسلك كهربائي داخل القلب لمراقبة نوبات القلب وتوجيه الشحنة الكهربائية. ويتم زرعه عند الأشخاص الذين يسجلون معدل وظيفة القلب دون 35 في المئة.
ويتم اللجوء، عند نسبة 15 إلى 20 في المئة من مرضى قصور القلب، إلى زرع علاج إعادة مزامنة القلب مع مزيل الرجفان ( CRT-D) لتحسين العوارض والحد من تدهور وظيفة عضلة القلب، بينما يتم اللجوء إلى زرع جهاز القلب الإصطناعي عند مرضى قصور القلب في المراحل المتقدمة، فيعوض الجهاز عمل البطين الأيسر (احدى الحجرات الأربع في القلب البشري) في ضخ الدم في الجسم.
لأول مرة في لبنان
يعمل جهاز “باروستيم” الجديد على تحفيز مستقبلات الضغط (baroreceptors) في الشريان السباتي الداخلي التي تزود الدماغ بالمعلومات عن معدل ضغط الدم، ودقات القلب وجريان الدم في الشريان. يعاني مرضى قصور القلب خللا في مستقبلات الضغط ما يؤثر على التوازن بين جهاز “العصبي الودي”، الذي يؤثر على اجهاد القلب، وبين جهاز “العصبي اللاودي” الذي يساعد على اســـترخاء القلب والأوعية. يؤدي زرع جهاز “باروستيم” تحت الجلد إلى إعادة التوازن بين الجهازين العصبيين الودي واللاودي.
تعود فكرة تحفيز مستقبلات الضغط عند مرضى قصور القلب إلى عشر سنوات، وبدأت عمليات الزرع في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، واليوم في لبنان والشرق الأوسط.
تبين الدراسات، وفق رباح، أن زرع جهاز “باروستيم” ساعد في تحسين العوارض عند نسبة 80 في المئة من المرضى، وأدى إلى خفض استشفاء المرضى بنسبة 85 في المئة ما يخفف من العبء الاقتصادي للمرض.
يعتبر زرع جهاز “باروستيم” مكملا للعلاج الدوائي وزرع الأجهزة الكهربائية وتستفيد منه شريحة واسعة من المرضى الذين يظهرون عوارض مثل الشعور بالتعب، وضيق في التنفس، والذين خسروا نسبة 65 في المئة من وظيفة القلب، بينما لا يتم زرع الجهاز عند الأشخاص الذين يعانون مراحل متقدمة من المرض. لا يهاجم الجسم الجهاز، إذ يتم صنعه من مواد خاملة لا يرفضها الجسم. ويمكن استبداله كل أربع إلى خمس سنوات. يلفت رباح إلى أنه في حال عدم الإستجابة للعلاج، يمكن نزع الجهاز بناء على رغبة المريض.