التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

السعودية: بين الراعي الأمريكي والكفيل الإسرائيلي 

 لم يعد مُستغرباً الحديث عن زيارات الوفود بين السعودية والكيان الإسرائيلي. فبعد التصريحات التي أدلى بها مسؤولون إسرائيليون حول العلاقات الوطيدة التي تجمع مسؤولين سعوديين بآخرين من الكيان الإسرائيلي، خرجت صحيفة معاريف لتعلن عن زيارةٍ مرتقبة للأمير السعودي الوليد بن طلال. وهو الأمر الذي أخذ يدور الحديث حوله هذه الأيام. ولأن الموقف السعودي الرسمي غير واضح من الزيارة كالمعتاد، يبدو أن الأمر واقعٌ لا محال. وهو ما بيَّنته التصريحات التي تغنَّت بالزيارة وأهميتها. فماذا في مجريات ما أعلنته صحيفة معاريف مؤخراً؟ وما هي دلالاته السياسية؟

أولاً: في الزيارة وما أعلنته معاريف:

نشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية تقريراً عن ما أسمته الزيارة المرتقبة للأمير السعودي الوليد بن طلال للكيان الإسرائيلي، في وقتٍ صرح فيه بن طلال حول نيته زيارة القدس والصلاة في المسجد الأقصى. وقد عنونت معاريف تقريرها قائلةً: “زيارة تاريخية مرتقبة إلى إسرائيل”. وقد أشارت الصحيفة الى أن الإعلان عن الزيارة يعبِّر عن “طفرة دبلوماسية”، وأن “الأمير السعودي بصدد القيام بزيارة للكيان الخميس المقبل، وأنه يطالب الدول العربية بالتطلع إلى شرق أوسط مستقر ومزدهر”.

وزعمت الصحيفة أن ابن طلال قال إنه “على جميع المسلمين إدراك أنه من واجبهم الأخلاقي وواجب كل من يعيشون في الشرق الأوسط الذي يعاني الحروب، التوقف عن العداء تجاه الشعب اليهودي”. زاعماً أن “الملك سلمان بن عبد العزيز طلب منه فتح قناة للحوار المباشر مع المثقفين الإسرائيليين، وبناء علاقات صداقة مع الجارة الإسرائيلية”. كما نقل الموقع تصريحات مصدرها صحيفة عكاظ السعودية، أدلى بها ابن طلال، عبَّر خلالها عن أمله في أن تكون الزيارة “بداية صفحة جديدة من السلام والأخوة بين الكيان الإسرائيلي وجيرانهم العرب، مؤكداً على أهمية بناء علاقات جيدة بين الجيوش والإستخبارات العربية والإسرائيلية”.

ثانياً: دلالاتٌ وﺗﺤﻠﯿﻼت:

إن الأحداث الجارية اليوم تُعيد خلط الأوراق، واضعةً الجميع أمام حقائقهم. وبالتالي فإنه لم يعد من المستغرب ما نشره موقع معاريف من خبر زيارة الوليد بن طلال الى الكيان الإسرائيلي. وهنا نقول التالي:

– إن ما أعلنه الموقع، يشير الى فضيحةٍ جديدة بحق السعودية، يمكن إضافتها الى فضائح ويكليكس الأخيرة، وبالتالي فإنها تأتي في السياق ذاته الذي يدل على حقيقة الطبيعة التي تعتري آل سعود، وبُعدهم عن الأصالة والنخوة العربية.

– فليس جديداً التغني وعبر الإعلام لاسيما الإسرائيلي، بالعلاقات الإسرائيلية السعودية، وبالخصوص بعد الحرب التي خاضتها السعودية على اليمن. فالكيان الإسرائيلي أعلن مراراً وقوفه الى جانب سياسة الملك عبد الله المتوفي، كما أعلن إعجابه بالطريقة السعودية في إدارة الملفات وبالتحديد ملف القضية الفلسطينية.

– وقد يكون الهدف السعودي من الزيارة ما تم إعلانه على موقع معاريف أي التطلع الى علاقة أفضل مع الجارة “إسرائيل”، وهو الأمر الذي يجب الوقوف عنده ملياً، لما يُعبر عن نوعٍ جديدٍ من العلاقات والتي تتخطى التعاون في المجال الإستخباراتي السائد، الى تعاونٍ في المجال السياسي، وهو الأمر الذي يجب الإلتفات إليه لما له العديد من الدلالات.

– فالسعودية الغارقة في نتائج سياساتها الفاشلة وبالتحديد الخارجية، فاجأت العالم مؤخراً بحربٍ على اليمن، سفكت فيها دماء الشعب اليمني، وظلت على موقفها من العدوان، الذي تغنَّت به القيادة الإسرائيلية. واليوم يتفاجأ العالم بنوعٍ جديدٍ من الغزل بين الكيانين السعودي والإسرائيلي، على الصعيد السياسي. وهو الأمر الذي يعتبر جديداً من ناحية الطريقة والمضمون.

– ولعل الحديث الأبرز حول أهداف الزيارة وما يمكن أن يترتب عنها، في وقت يتحدث فيه الخبراء عن أن زيارةً من هذا النوع، لا تدل إلا على حجم التخبط الذي تعاني منه الرياض، لا سيما بعد الخسارة في العديد من الرهانات، الى جانب فشلها في تعطيل السعي الأمريكي للجلوس مع إيران. وهو الأمر الذي قد يكون أحد القواسم المشتركة التي قد تجمع الطرفين السعودي والإسرائيلي.

– لذلك فإن أكثر ما يمكن أن يجمع الطرفين هو موضوع كيفية إيقاف التعاظم الإيراني في المنطقة. الى جانب كيفية الإستفادة من دعم الإرهاب. فهل قررت السعودية المُفلسة التعامل مع الكيان الإسرائيلي، لمجرد التفكير بطريقةٍ لإيقاف تعاظم إيران؟

إذن يبدو أن السعودية أصبحت تجاهر بالعلاقة مع الكيان الإسرائيلي، وكأنها مسحت تاريخها المنادي بالعروبة والإسلام. وهو الأمر الذي لا يمكن أن يكون له أي مبررٍ بالتحديد لأنه يتناقض مع الدين والإنسانية. ولكن يبدو أن السعودية التي أظهرت للعالم حقيقة وجهها الصهيوني، وبالتحديد في اليمن، لم تعد تنظر الى الأمور من منظار النخوة أو منظار خسارة السمعة. فقد أفلست الرياض على كافة الأصعدة، وأصبحت تتعاطى مع المسائل من منطلق إيجاد الحاضنة التي قد تعوِّض خسارة الراعي الأمريكي. لذلك فقد توجهت السعودية الى الكيان الإسرائيلي، لحاجتها لما قد يسمى بالكفيل الجديد.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق