ماذا وراء الرغبة الأمريكية في تمديد الحرب في سوريا؟
لا تزال العملية العسكرية التي أطلقها التحالف الدولي بقيادة أمريكا قائمة منذ ١٩ سبتمبر ٢٠١٤ الى اليوم، عملية هدفها ضرب داعش في سوريا والعراق ووقف تمدده تمهيدا للقضاء عليه. وبعد مرور ما يربو على السنة من بدء العمليات العسكرية التي اقتصرت على القصف الجوي لمواقع التنظيم وتجمعاته، أصبحت الأسئلة حول الهدف من هذه الحملة والدور الأمريكي المريب فيها أكثر جدية، فعمليا لم تحقق العملية التي كلفت مليارات الدولارات أياً من أهدافها المعلنة، وهي لا تزال مستمرة باصرار أمريكي قوي طويل الأمد، ما يحتم فرضية وجود أهداف غير معلنة تفوق تلك التكاليف التي تدفع لتحقيقها.
في مؤتمر صحفي عقده في البنتاغون بعد اجتماعه مع مستشاريه لشؤون الأمن القومي أعلن الرئيس الأمريكي أن بلاده لن ترسل أي قوات برية لمحاربة تنظيم “داعش”. ونفى باراك أوباما وجود خطط لإرسال قوات أمريكية لإجراء عمليات عسكرية خارج البلاد. اوباما وفي مؤتمره الصحفي يوم الاثنين كرر بأن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن عازم على تكثيف التصدي لتنظيم “داعش” في سوريا، وأن الحملة على المقاتلين الإرهابيين ستستغرق “وقتا”.
اذاً فالحملة مستمرة بضربات جوية تعلم أمريكا وحلفاؤها جيدا أنها ليست أكثر من تقليم أظافر لتنظيم داعش الذي لم يكتف بإحكام سيطرته على المناطق التي احتلها بل وسع انتشاره نحو مناطق أخرى “كتدمر” و”الرمادي” وكل ذلك على مرأى ومسمع من التحالف الدولي وبرعاية تركية في عبور المقاتلين، ودعم لوجستي واسع عبر الحدود التركية وطائرات التحالف التي وثقت صور وفيديوهات عدة القاءها لكميات هائلة من الأسلحة المتطورة والعتاد العسكري في مناطق سيطرة تنظيم داعش عبر المظلات الهوائية.
باختصار فأمريكا تساعد داعش على البقاء في الشرق الأوسط أطول وقت ممكن، ولولا ذلك لكان شهرا واحدا يكفيها للقضاء على هذا التنظيم، فاستمراره حاليا يساعدها بشكل أساسي على اعادة احياء مشروع الشرق الأوسط الجديد، لضمان مصالحها في المنطقة ومصالح الكيان الاسرائيلي أكبر المستفيدين مما يحصل في سوريا والعراق، فكيف يخدم تواجد داعش في سوريا والعراق أمريكا على انجاز مشروعها؟
أولا: إنهاك النظام السياسي في سوريا والقضاء عليه الى جانب التنظيمات الارهابية الأخرى، فسوريا ركن من أركان محور المقاومة الذي ساهم في الدفاع عن لبنان وفلسطين عبر الدعم العسكري والأمني واللوجستي، ولم يُخف الکيان الاسرائيلي حماسته في دعم المسلحين الذين يقاتلون النظام السوري بالنيابة عنه.
ثانيا: إنهاك العراق عبر استنزاف الجيش العراقي والحشد الشعبي، لمنع العراق من أن يلعب دورا مؤثرا على صعيد الدول العربية، وقلق أمريكا من العلاقات التي جمعت القيادة العراقية مع ايران بعد سقوط نظام صدام ودخولها في محور المقاومة.
ثالثا: توريط وإنهاك حزب الله على الحدود اللبنانية السورية، مما قد يساهم حسب الرؤية الأمريكية الاسرائيلية في تضعيف جهوزية الحزب في جنوب لبنان مما يطمئن الكيان الاسرائيلي، الذي يتحين الفرصة لفتح حرب شاملة على حزب الله.
رابعا: استنزاف ايران وروسيا على الصعيد المادي من خلال الدعم الاقتصادي والعسكري في سوريا، توازيا مع حرب أسعار النفط بقيادة السعودية.
خامسا: وجود داعش يوجد الحاجة الى وجود السلاح في المنطقة، لداعش ومن يحاربه، والمستفيد الأول هو صانع السلاح الأمريكي، فسلاح داعش يأتي عبر دعم مادي قطري سعودي، كما أن الدول العربية المشاركة في التحالف الدولي تقاتل بأسلحة أمريكية، ما يؤمن لشركات الأسلحة أرباحا مضاعفة.
ليست بخفية ولا جديدة خطة أمريكا لتقسيم المنطقة، فالشرق الأوسط الجديد تحدثت عنه كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة عام ٢٠٠٦م، وفشلت حينها الخطة بعد انتصار تموز على الكيان الاسرائيلي، ثم عاودت أمريكا احياء المشروع عبر ما أسمته بالربيع العربي، وما داعش ومثيلاته الا جزء من هذا المشروع الظلامي الذي ستعمل أمريكا على ازالته او التحالف معه ان ارتأت أن مصلحتها تتطلب ذلك. وصدق المفكر الكبير محمد حسنين هيكل عندما قال: في هذه الحرب نحن القاتل والمقتول ونحن الشانق والمشنوق…
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق