استراتيجية القتل لدى تنظيم “داعش” الإرهابي.. الأهداف وسبل المواجهة
منذ نشوئه قبل بضع سنوات أعلن تنظيم “داعش” الإرهابي عن سعيه لإقامة ما أسماه (دولة الخلافة الإسلامية) في عدد من دول المنطقة في مقدمتها سوريا والعراق. ويعتمد هذا التنظيم في تنفيذ مخططه على منظومة سياسية وعسكرية واعلامية واسعة ما جعله يتميز عن باقي الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة ومن بينها تنظيم القاعدة وما يسمى بـ (جبهة النصرة).
واستفاد تنظيم “داعش” لتمرير مخططه من بعض القبائل والعشائر المناوئة للحكومتين السورية والعراقية من خلال الترهيب والترغيب، وتمكن من توظيف شبكة الانترنت لبث أفكاره والترويج لمشروعه عبر نشر صور ومقاطع فيديو تعكس مدى وحشيته وقساوته في التعامل مع خصومه وفق فتاوى تكفيرية تبيح القتل وانتهاك المقدسات واغتصاب الاعراض وتدمير الممتلكات لكل من يخالفها الرأي أو الفكر وبطرق بربرية لا تخطر على بال.
ورغم ان “داعش” يعتبر إمتداداً لتنظيم “القاعدة” في العراق الذي تشكل عام ٢٠٠٤ بقيادة المدعو “أبو مصعب الزرقاوي” إلاّ انه فاق هذا التنظيم باقتراف الجرائم بهدف السيطرة على مناطق واسعة في العراق وسوريا والإستيلاء على موارد مادية كبيرة تمكنه من الاستمرار بتنفيذ مخططه الإرهابي بدعم مباشر من الكيان الاسرائيلي وحماته الغربيين وبعض الدول الاقليمية بينها قطر والسعودية وتركيا والاردن.
ووصل تنظيم “داعش” الى أوج قدرته الإجرامية بعد احتلاله لمدينة الموصل شمال العراق في ١٠ حزيران ٢٠١٤ وتمدده في مدن أخرى من هذا البلد كان آخرها الرمادي مركز محافظة الانبار قبل عدة اسابيع. ولكن رغم ذلك يواجه هذا التنظيم تحديات ومشاكل عديدة في الوقت الحاضر يمكن إجمالها على النحو التالي:
١ – موجة اعتراض واسعة من قبل شعوب المنطقة لاسيما الشعبين العراقي والسوري نتيجة ارتكابه عمليات وحشية تتنافى مع جميع القيم السماوية والقوانين الانسانية الدولية وفق فتاوى يطلقها دعاة التكفير الوهابي التي تبيح القتل بأبشع صوره لتحقيق مآرب شاذة وتهدف الى تشويه صورة الدين الإسلامي الحنيف.
٢- الانشقاقات الواسعة في صفوف التنظيم لاسيما بين قادته ورموزه والتي أدت الى وقوع اشتباكات دموية أسفرت عن مقتل الكثير منهم وهروب آخرين خوفاً من بطش التنظيم.
٣ – الهزائم الكبيرة التي لحقت بهذا التنظيم على يد القوات العراقية والسورية (الحكومية والشعبية) والتي أدت الى هلاك وجرح وأسر وهروب الكثير من عناصره، وأثارت الهلع في صفوف هذا التنظيم وأضعفت معنوياته الى حد كبير.
وهنا لابد من الاشارة الى فتوى الجهاد الكفائي التي اطلقتها المرجعية الدينية في النجف الأشرف والتي لعبت دوراً كبيراً في الانتصارات التي حققها الحشد الشعبي في العراق بمؤازرة القوات الأمنية وأبناء العشائر والتي تجلت بشكل واضح في تحرير محافظتي ديالى وصلاح الدين ومناطق واسعة أخرى بينها قضاء بيجي جنوب الموصل وجرف النصر (جرف الصخر) جنوب بغداد وآمرلي وجبال حمرين شمال وشرق محافظة تكريت وعدد من مناطق محافظة الانبار غربي البلاد.
ورغم الهزائم الكبيرة التي لحقت بهذا التنظيم الإرهابي لازال الكثير من المراقبين يعتقدون بأنه يشكل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار في عموم المنطقة، خصوصاً بعد انتقال عناصره لتنفيذ عمليات إجرامية في دول أخرى بينها الكويت وتونس واليمن والمنطقة الشرقية في السعودية وشبه جزيرة سيناء شمال مصر، ما يستلزم الوقوف صفاً واحداً من قبل الجميع لمواجهة هذا الخطر الذي لا يقتصر على دولة دون أخرى ولا يعرف حدوداً للبطش والجريمة من أجل تحقيق أهدافه المشؤومة.
ولا يفوتنا هنا أن نذكر أن أمريكا اعترفت على لسان العديد من مسؤوليها بينهم وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون بأنها هي التي شكلت تنظيم “داعش” الإرهابي في إطار مشروعها المسمى “الشرق الاوسط الكبير” القائم أصلاً على القتل والاحتلال لتحقيق أهداف تآمرية تسعى الى استنزاف طاقات دول المنطقة وإرعاب شعوبها خدمة للمخطط الصهيوأمريکي الرامي الى تمزيق هذه الدول والعبث بمقدراتها والتحكم بمصيرها.
والتساؤل المطروح هنا: الى متى تظل شعوب العالم تنتظر الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والدول الغربية وعلى رأسها أمريكا كي تنفذ وعودها وتصدق ولو لمرة واحدة لإثبات جدّيتها في مواجهة التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة؟ وهل المطلوب من هذه الشعوب أن تحسن الظن بهذه الأطراف بعد أن إنكشف كذبها وزيفها وتسترها على جرائم وفضائع هذه العصابات؟ أم لابد لهذه الشعوب والحكومات الوطنية الصادقة من وقفة قوية وموحدة لمواجهة هذا الخطر الداهم قبل فوات الأوان، وعدم الركون للوعود الفارغة التي لن تزيد الوضع إلاّ تعقيداً ولن تزيد البشرية إلاّ خسارا.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق