العدوان السعودي على اليمن بين الاهداف المعلنة والواقع الميداني
بعد عقود من الوصاية السعودية (بتنسيق وتفويض كامل من امريكا) على القرار اليمني بكل تفاصيله السياسية والاقتصادية والعسكرية، تحول اليمن إلى دولة لا تتمتع بأي سيادة حقيقية على أبسط قراراتها ومقدراتها الاقتصادية، ودولة تابعة الى إرادة حكام الرياض التي وعبر سياساتها المعتادة بشراء الذمم حكمت اليمن عبر أزلامها الذين عاثوا فسادا مما جعله من افقر دول العالم.
ومن هنا كانت الثورة ضد النظام الحاكم ثورة أراد مفجروها استنهاض اليمنيين، لبناء اليمن الجديد على اسس الشراكة الوطنية كما يحلم ابناؤه. ولاستئصال الفساد المستشري في بلد فيه من المقدرات والامكانات ما يسمح له ان ينهض اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. وخلال مسيرتها واجهت (الثورة) مؤامراتٍ كثيرة سعت الى وأدها ولكن حكمة الثوار وعلى رأسهم انصار الله حالت دون ذلك. الى أن وصلت الامور الى ما هي عليه الآن فبعد أن خلت السبل امام المتآمرين وعلى رأسهم آل سعود وجدوا انفسهم امام خيار التدخل المباشر من خلال العدوان المدعوم اسرائيليا وامريكيا. ومن خلال ضرب ممنهج للمنشآت الحيوية والبنى التحتية اليمنية في سعي منهم الى اخضاع الشعب والمكونات الثورية اليمنية للاجندة السعودية. واضعةً ثلاثة اهداف رئيسية للعدوان وهي ضرب القوة العسكرية للجيش اليمني وانصار الله، حماية لاراضي السعودية، اعادة السلطة الشرعية الى الحكم في اليمن ممثلةً بالرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي بالاضافة الى تنفيذ الرؤية الخليجية للحل في اليمن. فكان ان انقلب السحر على الساحر فبدل ان تتمكن الرياض من تحقيق اهداف عدوانها السافر كانت التحولات التالية سيدة الموقف:
التحولات في الواقع الميداني والعسكري:
بعد ما يزيد عن المئة يوم من العدوان اثبت الثوار وعلى رأسهم انصار الله انهم يتمتعون بقدرة مناورة عالية في الميدان، حيث توسعت رقعة سيطرتهم على الارض رغم الضربات الجوية العنيفة فبعد ان كانوا يسيطرون على محافظات مثل صعدة وعمران وصنعاء والجوف والحديدة وذمار واب قبل العدوان، فالسيطرة الآن شبه كاملة على مختلف المحافظات اليمنية الشمالية منها والجنوبية فسقطت عدن اضافة الى مناطق في ابين جنوبا منها زنجبار ومناطق في لحج. وفي مأرب والشبوة فالتقدم ايضاً كان سيد الموقف.
هذا ولا نغفل التطورات الميدانية النوعية على صعيد اخذ المبادرة ومهاجمة مواقع عسكرية في الداخل السعودي ردا على العدوان الدائر، باستهداف مواقع متقدمة بصواريخ سكود كقاعدة الامير خالد الجوية العسكرية في منطقة عسير وقاعدة السليل العسكرية والتي ادت الى مقتل ضباط وجنود سعوديين وامريكيين بالاضافة الى دك مواقع عسكرية سعودية بعشرات الصواريخ وتطهير اخرى من خلال اقتحامات راجلة من قبل مقاتلي اللجان الشعبية والجيش اليمني. وهذا اعطى قدرة مناورة ومبادرة عالية للجان الثورية والجيش اليمني ومؤشراً واضحاً على فشل هدف العدوان بضرب القدرة على استهداف السعودية.
التحولات في الواقع السياسي:
اما في الواقع السياسي فحكومة منفى سعودية تدعي الشرعية ولا موطئ قدم لها على الاراضي اليمنية، بالمقابل سيطرة شبه كاملة على الارض من الشمال الى الجنوب اليمني للجان الشعبية والجيش اليمني. وتحول حركة انصار الله الى اللاعب الاساسي الاول على الساحة اليمنية، باعتراف وتكريس دوليين. وسقوط المشروع الخليجي لتقسيم اليمن مع اصرار المكونات الثورية على وحدة اليمن وحكومة الشراكة الوطنية. وما افشال مؤتمر جنيف الا دليل على الافلاس السياسي لحكومة المنفى المدعومة سعوديا والمغطاة دوليا.
الواقع الاجتماعي الاقتصادي:
رغم العدوان الدائر والحصار البري والبحري والجوي المفروض من دول العدوان وما خلفه من اضرار تقدر باكثر من ٢٠ مليار دولار امريكي وفق منظمات دولية وانسانية، وسقوط ما يزيد عن ٤٠٠٠ شهيد جلهم من الاطفال والنساء، الا أن المراقب للشأن اليمني يلاحظ التكاتف الاجتماعي بين ابناء الشعب الواحد، في مواجهة نقص المواد الاساسية واصرار الشعب على المضي قدما في تحرير بلده من هيمنة سلطة شرذمة تابعة للدولار السعودي. ومن اللافت ان من نتائج العدوان وقوف الكثير ممن لا يؤيدون انصار الله ضد العدوان لانه تبين ان الهدف الاساسي للعدوان هو تدمير اليمن ومقدراته وليس حركة انصار الله كما يصرح السعوديون.
رغم الفشل في الوصول الى ابسط اهداف العدوان، لا يزال النظام السعودي يراهن على التدمير اكثر للحصول على مكتسبات على الارض تخولهم استرداد بعضا مما خسروه، خاصة انهم امام واقع مرعب في حال ايقاف العدوان دون اي نتائج للاهداف التي وضعوها وانعكاس ذلك على الواقع الداخلي المأزوم اصلا والنزاع بين الامراء على السلطة. وفي الجهة المقابلة فان اللجان الثورية والجيش اليمني وعلى رأسهم انصار الله ورغم التحديات الكبيرة والضعف في الامكانات يواصلون بثبات وعزيمة تقدمهم لتطهير الجيوب الاخيرة لازلام هادي في بعض المناطق بالاضافة الى مواجهتهم القاعدة وذلك لاستكمال تثبيت الوضع الداخلي. مع الاشارة الى الحراك السياسي داخليا وخارجيا والذي اثبت انصار الله خلاله ثباتاً وقدرة عالية على التفاوض لانهاء الازمة بما يضمن مصلحة اليمن الجديد.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق