العدوان السعودي على اليمن..هكذا ستكون النهاية
فتح الخطاب الأخير لزعيم حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي في يوم القدس العالمي باب التساؤل حول توقيت خطوات الرد الإستراتيجي مع بدء نفاذ “الصبر الإستراتيجي” اليمني أمام العدوان السعودي. السيد الحوثي الذي أكد أنه “اذا استمر العدوان علينا التعبئة العامة الشاملة وفي كل مجال لاتخاذ خيارات استراتيجية ضرورية لمواجهة العدوان”، لم ينسى فلسطين وقضية شعبها المظلوم حيث شدّد على موقف الشعب اليمني تجاه القضية الفلسطينية، مرسخاً بذلك حقيقة اليمن الجديد الذي إنتقل من الجبهة الأمريكية السعودية إلى الجبهة الإسلامية.
ربّما نجحت الجبهة السعودية الأمريكية في إحتواء أو إحتجاز الثورة اليمنية حوالي ٣سنوات وذلك عبر إستلام هادي، مستفيدة من الخلاف بين المكونات السياسية اليمنية حينها تارةً، وإستخدامها لبعض أدواتها في الداخل اليمني أمثال صادق الأحمر وعلي محس الأحمر آخرى. إلا أنه وبعد الثورة التصحيحية في العام ٢٠١٤ وفشلها في كافّة سبل الإلتفاف على الثورة عبر مبادراتها الخليجية تارةً والفتنة الداخلية آخرى، إتجه المسار السعودي الجديد في ظل الملك الجديد سلمان، لمعالجة “أزمة النفوذ” عبر الحرب الذي لطالما تجنّبها ملوك آل سعود منذ تأسيس الدولة الثالثة. لم يسجّل تاريخ دولة آل سعود أي حرب بالأصيل(الجيش السعودي)، بل كانت كافّة حروبهم عبر بالوكيل، إذ أن الوكيل(وإن اختلفت جنسيته أو قوميته) كان حاضراً عن الأصيل السعودي في أغلب ميادين المواجهة مقابل البترودولار.
رغم مرور حوالي الـ١٠٨ أيام على العدوان السعودي، لم تنجح الطائرات السعودية في تحقيق أهدافها والنيل من عزيمة الشعب اليمني، بل وصل هذا العدوان إلى حائط مسدود تراه السلطات الحالية التي تنقض وقف اطلاق النار مع بدء سريانه، ساتراً يصدّ عنها لهيب التساؤلات التي ستطرح داخلياً فور إنهاء العدوان. تدرك السلطات السعودية الشّابة عديمة الخبرة أنه مع وقف إطلاق النار من دون رضوخ أنصار الله لشروط الرياض (عودة حكومة هادي وإنسحاب اللجان الشعبية من من المحافظات)، يتوجّب عليها تقديم إجابة شافیة للطامحين إلى سدّة الحكم من أمراء آل سعود، لذلك نرى أن السعودية ترفض حالياً أي وقف لإطلاق النار، وتخشى السلم أكثر من الحرب.
الرد اليمني
بالعودة إلى الرد الإستراتيجي الذي طرحه السيد عبد الملك الحوثي في خطاب القدس، أثبتت التجربة المتواضعة لهذا القائد الشاب واقعيته وصدق لسانه وإنجاز وعده. مع بدء العدوان إستخدم الشعب اليمني وحركة أنصار الله سياسة الصبر الإستراتيجي حيث إنتظر الشعب اليمني ٤٠ يوماً قبل الرد على العدوان ليثبت للعالم كذب الادعاءات السعودية. الصبر اليمني دفع بالمتحدث باسم عاصفة الحزم العميد أحمد العسيري للوقوع في فخ “الفشل الإستخباراتي” والإعلان عن ضرب القدرة العسكرية لحركة أنصارلله، إلا أن السيد عبد الملك وفي خطابه الثاني إبان العدوان أكد أن الرد اليمني آت. لذلك لم ينتظر مقاتلو أنصار الله والجيش اليمني طويلاً لتحقيق وعد “السيد” حيث قاموا بقصف العمق السعودي في قاعدة خميش مشيط الجويّة، وقاعدة السليل الصاروخية بصواريخ سكود. الرد اليمني كشف صدق السيد الحوثي في تهديده، مقابل فضح الإدعاءات السعودية الكاذبة، وأثار جنون آلة القتل السعودية التي تستخدم السياسة الإسرائيلية بصواريخ أمريكية.
لا تستطيع حركة أنصار الله رغم دعواتها المتكرّرة لوقف العدوان أن ترضخ للمطالب السعودية، وبالتالي لا يمكن لها أن تضرب عرض الحائط كافّة ثمرات الثورة ليعود اليمن إلى الجبهة الامريكية السعودية. السيد الحوثي يدرك جيداً أن الطرف المقابل إستفاد من كل طاقاته العسكرية، ولا يملك أي ورقة رابحة يمكن إستخدامها على الساحة الدولية، في المقابل الحرب وسيرها ونتائجها واضحة بالنسبة لحركة أنصار الله والجيش اليمني.
يتضح أن تهديد السيد الحوثي بالتعبئة العامة على كل المستويات في حال إستمر العدوان سيفتح أبواب جهنم على السلطات السعودية التي سترى نفسها في مواجهة الملايين من أبناء الشعب اليمني. دعوة زعيم حركة أنصار الله لضرورة وقف العدوان وعدم قبول اليمنيين بإستمراره والسكوت عنه، وتأكيده على خطوات استراتيجية كبيرة لمواجهته، تعني بشكل أو بآخر دخول المرحلة النهائية “للصبر الإستراتيجي”، ما يترتّب عليه مقدّمة طبيعية لإنهاء العدوان.
باتت السعودية بين مطرقة التسليم لأمر الواقع وسندان الإستمرار بالحرب، إلا أن تعنّت السلطات عديمة الخبرة، كما أثبتت تجربة أكثر من ثلاثة أشهر للعدوان، تؤكد إستمرار العدوان ريثما يقوم الجانب اليمني بالرد الإستراتيجي المرتقب. السعودية حينها ستقتنع أن حجم الرد يحتّم عليها إنهاء العدوان دون قيد أو شرط، لأن الحرب لن تعود في صالحها، لذلك وعلى غرار الكيان الإسرائيلي الذي يرتكب أبشع المجازر خشية المضي بحروبه في لبنان( مجزرتي قانا ١٩٩٦ و٢٠٠٦) وفلسطين( مدرسة الأنروا)، ستقوم الطائرات السعودية بخطوات مماثلة لإنهاء العدوان عبر قرار أممي. أصبحنا حالياً في الربع ساعة الأخيرة للعدوان لأن الصبر اليمني لم يعد يحتمل أكثر، كذلك الوضعين الداخلي والدولي باتا يضيقا الخناق على “سلمان وزمرته”، ليسجل اليمن الجديد، يمن الجبهة الإسلامية وجبهة محور المقاومة والقضية الفلسطينية، أولى إنتصاراته النوعية على “الشقيقة الكبرى”..أقصد “جار السوء”.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق