التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

إذهب أنت ومن معك فاعترضا إنا هاهنا مقاتلون! 

أدان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في تقريره ربع السنوي، الذي ناقشه أعضاء مجلس الأمن الدولي، حزب الله بسبب تورّط عناصر تابعة له بالصراع الحالي في سوريا، معتبراً أن مشاركة مواطنين لبنانيين في الصراع بين قوات النظام السوري والجماعات المسلحة “يشكل انتهاكاً لسياسة النأي بالنفس، ومبادئ إعلان بعبدا”.

إعلان كي مون الحريص على العملية السياسية وإعلان بعبداً، يدفعنا للتساؤل عن واقع تدخّل الحزب في الازمة السورية، وأبرز النتائج في حال عدم الدخول في الحرب، إضافةً إلى موقف المجتمع الدولي عموماً، وكي مون على وجه الخصوص من تدخل دول عدّة في الأزمة السورية.

حزب الله في سوريا

حرص الحزب منذ بدء الازمة السورية على الدعوة للحوار وإيجاد سبل سلمية على الطاولة بعيداً عن لغة السلاح، إلى أن إصرار الجماعات المسلحة التي حصلت على دعم دولي في سبيل إسقاط الرئيس الأسد، أن لا سبيل لحل الازمة سوى برحيل الرئيس الأسد، وإعلانها أن لغة السلاح والدمار هي الحل البديل، دفعت بالجميع للتدقيق ملياً في واقع سوريا وجيرانها.

حزب الله الذي إعتاد على قراءة أبعاد الامور، أدرك جيداً أن الأزمة تسير إلى ما لا تحمد عقباه، وما لبثت هذه الجماعات التكفيرية أن أعلنت بصراحة عن مشروعها الإستراتيجي الذي لم يتقصر على الرئيس الأسد أو سوريا فحسب، بل تعدّاه إلى لبنان والعراق والعديد من دول المنطقة. في هذه الظروف وجد حزب الله نفسه مضطراً للإعداد العدة لمواجهة هذه الجماعات بعد تأكيدها مراراً وتكراراً على مهاجمة البقاع اللبناني حينما تنتهي من سوريا، ما وضع الحزب امام خيارين إما الإنتظار حتى يستقيم عود هذه الجماعات وتأتي إلى لبنان لتحاربه، أو يأخذ زمام المبادرة، ويشن هجوماً على هذه الجماعات في المناطق المحاذية للحدود اللبنانية.

ربّما غاب عن كي مون أن تدخل الحزب في الأزمة السورية بدايةً، إقتصر على المناطق الحدودية والتي يسكن أغلبها لبنانيين من ناحية، والمقامات الدينية في العاصمة دمشق من ناحية آخرى، ولكن لو فرضنا أن حزب الله لم يتدخل في الأزمة السورية، هل ستنفعنا إدانة الأمين العام للأمم المتحدة لأي هجوم إرهابي يشنه تنظيم داعش الإرهابي أو جبهة النصرة الإرهابية على القرى اللبنانية على غرار ما حصل في الموصل عام ٢٠١٤؟ ماذا جنى اللبنانيون من الإدانات الدولية للمجازر الإسرائيلية؟

قد يرى كي مون نفسه مضطراً لمواجهة الحزب، كونه من أبرز الحركات المقاومة والمناهضة للمشاريع الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، ولكن لماذا يحق لأوروبا وأمريكا مواجهة الجماعات التكفيرية رغم إبتعادها عنهم مئات وألاف الكيلومترات، في المقابل لا يحق للحزب مواجهة هذه الجماعات الإرهابية التي لم تكن بعيدة عنه سوى أمتار معدودة، هل من المنطق أن تنتظر حتى ينتقل الحريق إلى دارك لإخماده، أم أن مقتضى العقل يفرض عليك إخماده وهو في منزل جارك، لا لعيونه، إنما لحماية نفسك وأطفالك؟

هناك الكثير من التساؤلات المنطقية والشفافة الآخرى التي تفضي الإجابة عنها لمعرفة مدى صوابية دخول الحزب لسوريا من عدمه، ولكن دعونا ننظر إلى المقلب الآخر، لماذا لم يتطرق تقرير كي مون لدول آخرى، هي أعلنت بنفسها مسؤوليتها عن تسليح المعارضة السورية؟

تسليح الجماعات التكفيرية

 يدرك كي مون أن الدول المجاورة لسوريا كانت معبراً آمنا لجميع المسلحين في سوريا. تركيا أتت بالإرهابيين من كافة دول العالم وزجت بهم في الحرب السورية، سواءً لمصالح سياسية تحت شعار “العثمانيين الجدد” أو إقتصادية كالنفط السوري والعراقي، إذ تشتريه بأزهد الأثمان من التنظيمات الإرهابية، فلماذا لم تتم إدانتها رغم أنها تتحمل دماء الألاف من أبناء الشعب السوري؟

قد يقول قائل، أن تركيا هي أيضاً جارة لسوريا، وأرادت درء نار الحرب السورية عنها من خلال هذا الأسلوب؛ رغم أن هذه الجماعات لم تهدد تركيا في يوم من الأيام بل كانت بمثابة الحضن الدافئ لها، ولكن هل تريد الدول التي موّلت ودرّبت وسلّحت الجماعات الإهابية(السعودية وقطر)  منع سريان الحرب إلى حدودها، أم أنها تبحث عن مصالح سياسية ضيقة في ظل الصمت الدولي تارةً والدعم آخرى!

لا شك في أن دخول حزب الله في الأزمة السورية، دفاعاً عن لبنان قبل سوريا، جنّب اللبنانيين على مختلف إنتماءاتهم الدينية والمذهبية حرباً لا تقل تكلفةً عن الحرب الأهلية في سبعينات القرن الماضي، خاصة أن لبنان لا يحتمل سيناريو مشابه لما حصل في الموصل. اليوم، وبعد مرور أكثر من سنتين على دخول الحزب في الأزمة السورية، أدرك اللبنانيون صوابية قراره وضرورته للأمن القومي اللبناني، بل باتوا يواجهون كافّة المعترضين، أمثال كي مون بالقول: اذهب أنت ومن معك فاعترضا إنا هاهنا مقاتلون.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق