التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

عوامل صمود إيران في مواجهة قوى الـ ٥+١ 

أبدت الجمهورية الاسلامية في مفاوضاتها مع دول الـ ٥+١ صلابة منقطعة النظير، حيث لم تستسلم للضغوط الكبيرة التي تمارس ضدها، وبقيت متمسكة بثوابتها ومواقفها حتى الرمق الأخير، دون أن تسمح بتجاوز خطوطها الحمراء، لاسيما تلك التي ترتبط بمواقفها السيادية، المتمثلة برفض تفتيش منشآتها العسكرية، أو استجواب علمائها النوويين.

وتطالب إيران برفع العقوبات كلياً عنها دفعة واحدة ومباشرة بعد توقيع الاتفاق النووي، وعدم عودتها تلقائياً الا بقرار من مجلس الامن الدولي، وتصر على حقها في عدم تعليق انشطتها النووية العلمية، فيما يسعى الطرف الآخر، للابقاء على حظر التسليح، وسلب ايران عوامل قوتها الدفاعية.

وتخوض إيران مفاوضات صعبة مع الدول العظمى في العالم، التي تحاول أن تنتزع من الجمهورية الاسلامية تنازلات، على غرار التنازلات التي ينتزعونها بسهولة في مفاوضاتهم مع دول العالم الثالث، إلا أن النموذج الإيراني، لم يكن كغيره من الدول، حيث استطاعت ايران أن تفرض نفسها كقوة اقليمية عظمى لها تأثيرها في إحدى أهم المناطق حيوية في العالم، وهي تفاوض من منطلق قوة، وليس من منطلق ضعف، الأمر الذي دفع دول الـ ٥+١ للتمديد تلو التمديد للمفاوضات، في إشارة على رغبة غربية في اتمام الاتفاق، لا تقل عن الرغبة الإيرانية.

فما هي مصادر القوة التي أسهمت في صمود الجمهورية الاسلامية في مواجهة هذا الحجم الكبير من الضغط الذي تمارسه دول العالم العظمى؟!

الجواب البديهي عن هذا السؤال، يكمن في البديل للاتفاق، أي الحرب، وهو الخيار الذي لا يرغبه أحد، حيث تعي دول الـ ٥+١ وعلى رأسها أمريكا مغبة أي مواجهة مسلحة مع إيران، ولو أنها كانت قادرة على شن أي حملة عسكرية لتدمير المنشآت النووية لكانت أقدمت على ذلك بالفعل كما فعلت في العراق وأفغانستان، لكن القوة الدفاعية الإيرانية، كانت الحائل أمام استبعاد الخيار العسكري، بالرغم من التلويح به عدة مرات، حيث تمتلك إيران القدرة على ضرب المصالح الأمريكية الحيوية في المنطقة، كما أن الکيان الاسرائيلي الحليف الاستراتيجي لأمريكا لن يكون بمنأى عن الانتقام الإيراني، حيث هدد قائد الثورة الاسلامية بتسوية حيفا وتل أبيب بالأرض في حال شن أي هجوم اسرائيلي على المنشآت النووية.

ومن مصادر القوة التي أسهمت في صمود إيران في المفاوضات النووية، هو أن منشآتها النووية قد تأسست بتقنية محلية غير مستوردة، وبأيدي علماء نوويين ايرانيين، الأمر الذي فرض أمراً واقعاً على الدول الغربية في تعاملها مع الملف النووي الإيراني، إذ أن تدمير المنشآت النووية في -حال وقوعه- لن يدمر المشروع النووي الإيراني، بل سيؤخره فحسب.

ومن ناحية أخرى فإن المكانة التي تتبوؤها ايران على الساحة الاقليمية والدولية ووقوفها في مصاف الدول صاحبة التأثير والنفوذ في حل قضايا المنطقة، يجبر القوى العالمية على التفاوض معها من موقع الند، ويجعل من الصعب على هذه الدول املاء الشروط، على دولة اقليمية عظمى تلعب دوراً مؤثراً في إحدى أهم المناطق حيوية في العالم.

ويشهد على الدور البارز لإيران في حل قضايا المنطقة وتأمين استقرارها، وقوفها في وجه تمدد الارهاب في منطقة الشرق الأوسط، حيث تعترف المصادر الغربية بأن الدور الإيراني في تشكيل القوات الشعبية في العراق وسوريا وتدريب وتقديم الدعم الاستشاري لهذه القوات، هو الذي منع تنظيم داعش الارهابي من الوصول إلى بغداد وتهديد الدول الأخرى.

وقد أبرزت المفاوضات النووية القوة الدبلوماسية للجمهورية الاسلامية، حيث أثبتت ايران قدرتها الدبلوماسية على الاقناع، واثبات الحجة والدليل، عبر فريق من المفاوضين المحترفين، يتحلون بالصبر والعزيمة والشجاعة، ويحظون بدعم مؤسسات الدولة الإيرانية، بدءا من قائد الثورة، وصولا إلى الحكومة ومجلس الشورى الاسلامي.

إلا أن العامل الأساس الذي يعود إليه سبب الصمود الإيراني في معركته الدبلوماسية مع الغرب، هو أن الملف النووي يقع محل اجماع لدى الشعب الإيراني، ويرتبط بالشعور القومي والاسلامي لهذا الشعب، ومن ناحية أخرى فإن متابعة قائد الثورة الاسلامية لهذا الملف عن كثب، وتوجيهاته للفريق المفاوض، ودعوة الشعب للوقوف خلفه، عزز من موقف ايران الدبلوماسي وشكل عاملاً قوياً للصمود أمام الضغوط الغربية.

لهذه الظروف إن أي اتفاق نووي يمكن أن تصل إليه الجمهورية الاسلامية مع دول الـ ٥+١ سيكون بالطبع، في مصلحتها، ومصلحة دول المنطقة، وسيكون عامل استقرار في منطقة الشرق الأوسط، لأنه سيكون مبنياً على الوعي والاقتدار والعلاقات المتكافئة مع الغرب، وليس على الغفلة والضعف والتبعية.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق