التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

التيارات التكفيرية.. الخلفيات والأهداف 

 تعتبر مسألة “الخلافة” من المسائل الأساسية التي شغلت أذهان المسلمين من أتباع المذهب السُنِّي منذ أكثر من مئة عام. وقد صدرت المئات من المؤلفات والكتب الإسلامية التي تتحدث عن هذه المسألة وتشكلت العشرات من الفرق والجماعات السياسية والفكرية التي سعت إلى مواجهة الغزو الثقافي الغربي وإعادة الحكم في الدول الإسلامية على أساس نظام الخلافة.

واعتقد الكثير من المفكرين والدعاة في العالم الإسلامي السُنِّي بأن الطريق الصحيح لتحقيق هذا الهدف يكمن بالعودة إلى منهج السلف والتمسك بتعاليمهم وطرقهم في الشريعة والحياة، ولهذا أطلق عليهم اسم وصفة “السلفيين”. وظهرت السلفية لأول مرة في مصر وتبلورت بشكل واضح على يد مفكرين ودُعاة كِبار من أمثال السيد جمال الدين الأسد آبادي (المعروف بالأفغاني) والشيخ محمد عبده، والشيخ عبد الرحمن الكواكبي، والشيخ محب ‌الدین الخطیب، والسید محمد رشید رضا وغيرهم.

واستغلت الوهابية هذه الدعوة وطرحت نفسها على أنها جزء من هذا التيار للترويج لأفكار ابن تيمية على أنها أفكار سلفية تبيح اللجوء إلى العنف وتكفير وقتل كل من لايعتقد بها.

ويُعد وجود التيار السلفي التكفيري من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى بروز الفتنة الطائفية في العالم الإسلامي في الوقت الحاضر والتي أدت بدورها إلى اتساع رقعة العنف والتطرف في السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ عام ٢٠٠٦، وذلك من خلال تشكيل الجماعات الإرهابية ومن بينها تنظيم “داعش” وما يسمى بـ”جبهة النصرة”. وهذه الجماعات تعتبر الشيعة العدو الأول بالنسبة لها. وقد وصف زعيم تنظيم “داعش” الإرهابي المدعو (أبو بكر البغدادي) في بيان له الشيعة بأنهم كفرة ومشركون، ودعا إلى قتلهم بأبشع الطرق والقضاء على الحكومة العراقية بإعتبارها تمثل الاغلبية الشيعية في العراق. وقد ألحق الفكر التكفيري أفدح الخسائر بالعالم الإسلامي، إضافة إلى ما ألحقه من ضرر جسيم بسمعة الإسلام الحنيف من خلال السعي لتشويه تعاليمه السمحة وإظهاره على أنه دين العنف وليس دين الرحمة.

وتؤكد الدلائل والقرائن التي تم الحصول عليها خلال المعارك التي خاضتها قوات الجيش والحشد الشعبي في العراق ضد الجماعات الإرهابية والتكفيرية وفي مقدمتها تنظيم “داعش” بأن هذه الجماعات ترتبط مع تنظيمات أخرى تحمل نفس الأفكار ولديها نفس التوجهات ومن بينها ما يعرف بـ”الطريقة النقشبندية” و”جيش الصحابة” و”القاعدة” وتقوم بالتنسيق معها في مختلف المجالات لاسيما في مجال التسليح وتبادل المعلومات والامكانات اللوجستية.

واستغلت بعض الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا الجماعات الإرهابية والتكفيرية لتنفيذ مخططها الرامي إلى تمزيق المنطقة والعبث بمقدراتها والتحكم بمصيرها. وأوعزت هذه الدول إلى حلفائها الاقليميين وفي مقدمتهم قطر والسعودية وتركيا والاردن لدعم هذه الجماعات بالمال والسلاح لإرتكاب أفظع الجرائم بحق شعوب المنطقة من أجل تشويه صورة الإسلام من جانب، وبث الفرقة بين أتباعه لإحكام سيطرتها على العالم الإسلامي خدمة للمشروع الصهيو أمريكي في هذه المنطقة من جانب آخر.

وتجدر الاشارة إلى ان الجماعات السلفية التكفيرية تسعى منذ سنوات إلى الانتشار في مختلف أرجاء العالم الإسلامي، وقد تمكن بعضها من النفوذ في مناطق أخرى من العالم من أجل الترويج لمسلكها ومحاولة جذب عناصر جديدة إلى صفوفها لاسيما من الشباب والمراهقين وذلك من خلال رصد أموال طائلة واعتماد إمكانات إعلامية هائلة والاستفادة القصوى من مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت لتحقيق هذا الهدف.

ومن هنا يجب التأكيد على ضرورة التصدي لهذه الجماعات المنحرفة من قبل كافة المسلمين وذلك من خلال فضح جرائمها وأعمالها البشعة من جهة، وبيان حقيقة الدين الإسلامي وتعاليمه وقيمه السامية من جهة أخرى، والتمسك بالوحدة ورص الصفوف والتكاتف بين جميع الدول الإسلامية لحفظ مصالح الشعوب الإسلامية بعيداً عن التطرف وعن أي تدخل أجنبي من جهة ثالثة.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق