نهایة الكیان الإسرائیلي؛ بین الإنهیار من الداخل والمواجهة العسكریة
لم تعد الیوم قضية عودة أرض فلسطين لأهلها الذين طردوا منها قبل ٦٧ عاما، أمنية بالنسبة لهم، بل أصبحت أمرا واقعيا يقترب من الحقيقة كلما تقدم الزمن. والإنتصارات المتتالیة التي حققها الفلسطينيون والهزائم التي مني بها جیش الکيان الإسرائيلي الذي قیل عنه في یوم من الأیام إنه “الجیش الذي لا یقهر” خلال العقد الأخير، دليل واضح علی ارتفاع نسبة معنويات أصحاب الأرض الحقيقيين لإستعادة أرضهم وطرد الذين احتلوها بالنار والحديد.
الحسابات الیهودية التي أدت الی إحتلال أرض الشعب الفلسطيني، كانت منذ البداية خاطئة ولم تبتن علی السنن الإلهية والقواعد العلمية. لقد فكّر الإسرائيليون عندما احتلوا أرض فلسطين في العقد الثالث من القرن الماضي وبناء علی مقولتهم الشهيرة بأن “الكبار يموتون والصغار ينسون”، سيتأقلم من بقي من الفلسطينيين مع هذا الأمر وسيختارون الحياة في الدول العربية التي يزيد عددها علی ٢٠ دولة، وبعد ذلك ستصبح فلسطين ملكا لبني صهيون. لكن مرور العقود المتتالیة علی إحتلال ارض فلسطين أثبت عكس ما كان يفكّر به المحتلون. حيث قدّم الفلسطينيون المئات من الآلاف من الشهداء والجرحی، دفاعا عن أرضهم وقاوموا الطائرات والدبابات بالحجارة، وصار الأبناء أكثر إصرارا من الآباء علی إستعادة الأرض.
هذه المقاومة الشرسة من قبل الفلسطينيين التي لم تلن عبر النار والصواريخ ومن خلال الحصار والتجويع، أصبحت الیوم تنخر بجسد الكيان الإسرائيلي ومستوطنيه الذين أتوا لفلسطين بعدما قيل لهم إن أنبياء بني إسرائيل یستنجدونكم لتحریر أرض المیعاد!.
إذن لا أمل الیوم أمام الإسرائيليين لإرغام الفلسطينيين علی نسيان أرضهم، والحرب قد فشلت والدعم الغربي لـ تل أبیب فشل وسياسة الزج بالفلسطينيين بالسجون فشلت والمفاوضات فشلت أيضا، وفي المقابل إزدادت المقاومة الفلسطينية وازداد الدعم الإسلامي لفلسطين وازداد كذلك رفض الکيان الإسرائيلي حتی من قبل المجتمعات الغربية، عبر مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وكل هذه الأمور قضت علی أمل الإسرائيليین الذين ظنوا أن حقيقة فلسطين إنتهت وأصبح لليهود دولة في العالم.
وبات فقدان الأمل لدی الشباب في المجتمع الإسرائيلي مؤلما جدا بالنسبة للساسة الإسرائيليين، الذين لايعرفون بعد هذا بأي الوعود الجديدة يمكن إقناع الشباب في الأرض المحتلة للبقاء فيها وعدم شد أحزمة حقائبهم للذهاب الی روسيا والدول الغربية وأمريكا للحياة في تلك الدول. ليس فقط فقدان الأمل هو العامل الوحيد الذي بات يهدد مستقبل الكيان الإسرائيلي من الداخل وينذر بإضمحلاله دون شن حرب عسكرية علیه من قبل أعدائه التقليديين، بل هنالك الكثير من العوامل الاخری والتي يأتي في مقدمتها تغيير التركيبة السكانية في الأراضي المحتلة. والإحصائيات تشير الی أن عدد الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني (الأراضي التي تم إحتلالها عام ٤٨)، بات يزداد بشكل قياسي، مما سيؤدي الی تغيير التركيبة السكانية لصالح الفلسطينيين خلال السنوات القادمة، وإذا ما حصل هذا فإنه سيكون بمعنی تفكك الکيان الإسرائيلي دون الحاجة الی تدخل عسكري.
وفي سياق متصل أصبحت الهجرة العكسية التي هي أيضا تشير الی فقدان الأمل بالنسبة للإسرائيليين للإستمرار بالحياة في فلسطين، أصبحت تهدد المجتمع الإسرائيلي من الداخل حيث تشير الإحصائيات الی أن أعداد من يتركون فلسطين من الیهود، تفوق الذين يقصدونها بعدة مرات. إذن الكيان الذي وعد الیهود في البداية أنه سيسخر لهم أرضاً تمتد من النيل حتی الفرات، أصبح الیوم في حصار جدار بناه بنفسه ليوفر له شيئاً من الأمان.
وبالإضافة الی هذه الإمور، فقد أصبح المجتمع الإسرائيلي مجتمعا بعيدا عن الأيديولوجية والمعتقدات الدينية حيث تتنامی فيه ظاهرة الشذوذ الجنسي بشكل غير مسبوق وهذا يعني إصابة الكيان الإسرائيلي في الصميم بعدما كان يسعی من خلال أكذوبة بناء هيكل سليمان كسب تعاطف الیهود للهجرة إلى فلسطين والعيش فيها، وهي في الأساس فكرة دينية.
وفي النهاية إذاما عرفنا أن الأراضي المحتلة (الکيان الإسرائيلي) باتت خالیة من الأمل وفاشلة في الأمن ومحاطة بالأعداء الذين يزدادون قوة يوماً بعد يوم، وتواجه الهجرة العكسية المتزايدة، وفي المقابل یزداد أعداد أبنائها الحقيقيين، إذن فإن النتيجة التي نصل الیها ستكون حقيقة “تفكك” الکيان الإسرائيلي من الداخل ولا شيء آخر. انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق