التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

تركيا ودعوى مواجهة داعش.. الأهداف المنشودة 

شكّل الإعلان المفاجئ لوكالة دوغان التركية للانباء أمس الاحد “أن قوات الامن التركية إعتقلت خلال ثلاثة ايام في مدينة غازي عنتاب جنوب شرق البلاد ٤٥ اجنبيا كانوا ينوون الانتقال الى سوريا للقتال الى جانب تنظيم الدولة الاسلامية”، شكّل مادّة دسمة للإعلامين التركي والعالمي، والرأي العام والمتابعين للشأن التركي.

 

الإعلان التركي يتزامن مع الإتهامات المتكررة لحكومة أردوغان بدعم تنظيم داعش الإرهابي، وكذلك يأتي بعد فترة وجيزة من الإنتخابات التركية التي أطاحت بسيطرة حزب العدالة والتنمية على البرلمان، وبالتزامن مع مشاورات رئيس الوزراء لتشكيل الحكومة الجديدة. فما دقّة هذا الإعلان ؟ وما هي أبرز أسبابه؟

 

الإنتخابات التركية

قبل الخوض في صحة الإعلان التركي، لا بد من مطالعة الظروف الحالية للحكومة التركية، والتي قد تكون أجبرت أردوغان على الإعلان عن هذا الأمر، أو إختلاقه.

شكّلت نتائج الإنتخابات التركية نكسة قوية لحزب العدالة والتنمية عموماً، والرئيس أردوغان على وجه الخصوص. أردوغان الذي لم يكن مضطراً للإعلان عن أي أمر بخصوص التنظيم الإرهابي سابقاً، ما خلا النفي، بسبب سيطرته التامة على الوضع التركي، وجد نفسه مضطراً اليوم للإعلان عن هذا الأمر قبيل لقاء رئيس الوزراء التركي المكلف، رئيس حزب العدالة والتنمية، أحمد داود أوغلو، مع زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال قليجدار أوغلو في إطار مشاوراته الحكومية.

وبعد إعلان حزب الشعب الديموقراطي رفضه علنيا أي اتفاق مع حزب العدالة والتنمية، أراد أردوغان إظهار مرونة جديدة مع أحزاب المعارضة، مثل حزب الحركة القومية وحزب الشعب الجمهوري، للدخول في تشكيل الحكومة دون الحاجة إلى إجراء إنتخابات تشريعية جديدة.

 

العلاقة بين تركيا وداعش

يتعارض الإعلان التركي مع العديد من الوثائق والأحداث التي تؤكد تورط أردوغان بدعم الجماعات الإرهابية في سوريا، حيث تؤكد المعلومات الإستخباراتية تورط الحكومة التركية بدعم التنظيمات الإرهابية وتزويدها بالمال والسلاح فضلاً عن تسهيل مرور الإرهابيين عبر أراضيها، كما أن العديد من الدول الغربية تأخذ على تركيا “تغاضيها وربما تسهيلها دخول الجهاديين الى سوريا”.

 

وما يشير إلى إعلامية الدعوى التركية في إلقاء القبض على هذه المجموعات الإرهابية أمور عدّة أبرزها:

أولاً تؤكد كافّة التقارير أن تركيا متورطة بشكل كبير في دعم الجماعات التكفيرية، وهذا ما كشفته صحيفة “جمهورييت” التركية قبل فترة عندما نشرت مقطع فيديو يؤكد تورط الحكومة التركية في دعم تنظيم “داعش” بالسلاح والمقاتلين الأجانب . الفيديو تضمن حينها اعترافات سائق الشاحنات الذي قاد العتاد من تركيا إلى مواقع تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا. والمقاطع تضمّنت أيضاً نقل مقاتلين من بلدة “ريحانلي” في مدينة هطاي بأسلحتهم وذخائرهم إلى بلدة “أكتشه قلعة” في مدينة شانلي أورفا، بالتنسيق مع المخابرات التركية، بحسب اعترافات سائقي الشاحنات، الذين قالوا: “ليس لدينا أي ذنب، فنحن كنا نقوم بأعمال للدولة “.

ثانياً نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن قيادي داعشي قوله إن معظم المقاتلين الذين انضموا لداعش في بداية الحرب دخلوا عبر تركيا حاملين السلاح والمعدات التركية.

ثالثاً كيف تقوم تركيا بهذه الخطوة مع العلم أنها أطلقت خلال الأشهر القليلة الماضية سراح عدد كبير من مسلحي تنظيم داعش الإرهابي بدلا من تسليمهم إلى بلادهم لأجل محاكمتهم قضائيا، مقابل أن يفرج التنظيم الإرهابي عن ٤٩ رهينة تركي كانوا محتجزين لديه، وهم دبلوماسيون وموظفون عاملون في قنصليتها بمدينة الموصل، فهل يريد أردوغان أن يصبح شعبه “صيداً ثميناً” لداعش الإرهابي بغية تبرير الدخول العسكري إلى سوريا، أم أن الهدف من هذا الإعلان تمرير مشروع الإنتخابات بأقل خسائر ممكنة؟

رابعاً بثت شبكة “سكاي نيوز” البريطانية فيديو يثبت تورط الحكومة التركية بختم جوازات سفر المقاتلين الغربيين الراغبين بعبور الحدود التركية للانضمام إلى الجماعات الإرهابية في سوريا، وأظهر فيديو القناة البريطانية جوازات سفر للمتطرفين عليها ختم الخروج من الحدود التركية .

خامساً بما أن تركيا من أبرز المستفيدين من المبيعات النفطية للتنظيم الإرهابي، فهل في صالح أردوغان الذي يعاني من وضع إقتصادي صعب أن يدخل في نزاع مع داعش الإرهابي يؤدي إلى فقدان هذه التجارة المربحة؟ أم أن هذا الإعلان يمكن أن يكون مقدّمة لهجمات منسقة من التنظيم على الأراضي التركية أو مواطنين أتراك، وبالتالي يسهل تمرير مشروع أردوغان بالتدخل العسكري في سوريا، وخاصةً في المناطف الكردية؟

اذاً، لا يخلو إعلان وكالة دوغان التركية للانباء، والتي نرجح وقوف الإستخبارات التركية خلفها من أمرين، إما أن الدعوى بكاملها غير صحيحة والهدف منها نفي تورط أردوغان بدعم الإرهاب والإستفادة منها في موضوع تشكيل الحكومة حتى لا يتعرّض للإبتزاز من قبل المعارضة، أم أنها عملية منسّقة للوصول إلى تمرير تدخّله العسكري في سوريا بعد رفض الجيش التركي.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق