التناقض في العلاقات الاسرائيلية المصرية… جماعات التكفير في سيناء احد أدلتها
مصر حتى حين كانت وجه المقاومة العربية الاسلامية بوجه المؤامرات الاسرائيلية في المنطقة، فجمال عبد الناصر وحكومته رفعا شعار اللااستسلام، فمن توجيهاته للجيش المصري بالتصدي للكيان الاسرائيلي إلى دعم حركات المقاومة وامدادها بالسلاح إلى القرارات الجريئة التي اتخذها بوجه الكيان، ففي العام ١٩٦٧ اعلن قرار اغلاق خليج العقبة في وجه الملاحة الاسرائيلية، وواجه كل الضغوطات التي مورست على بلاده في سبيل التخلي عن دعم خيار المقاومة. هذه السياسة المصرية الكريمة شهدت تحولا في العام ١٩٧٨ للميلاد عندما وقع انور السادات معاهدة اتفاق بين حكومته والكيان الاسرائيلي عرفت بمعاهدة كامب ديفيد، نصت المعاهدة في بنودها على جملة من المصالح التي تصب في اطر التعاون الإقتصادي والسياسي والامني بينهما، وجملة اخرى من البنود المتعلقة بانسحاب القوات الاسرائيلية كاملة من اراضي سيناء وانهاء الصراع وبالتالي اقفال القضية الفلسطينية والحق العربي.
على اثر توقيع الإتفاق شهدت مصر مجموعة من الإستقالات داخل الحكومة آنذاك كان أبرزها وزير الخارجية محمد ابراهيم كامل الذي عارض بشدة أصل الإتفاق مع الكيان الاسرائيلي، كما عقدت الدول العربية إجتماعاً طارئاً رفضت فيه كل ما صدر من بنود اتفاق بين حكومة السادات والكيان الإسرائيلي، وفي خطوة منها لإظهار رفضها ومعارضتها قامت بنقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس. حسني مبارك والذي جاء بعد السادات واجه مصيراً مشابهاً للسادات، حيث عزل من رئاسته البلاد عام ٢٠١١ بعد اعتراضات شهدتها البلاد على مسلك السياسة المصرية المنتهجة لنفس السياسة التي اعتمدها خلفه السادات، هذه المظاهرات والتي استمرت اكثر من شهرين اخضعت حسني مبارك بعدها إلى المحاكمة في سلسلة من القضايا المتهم بها، وهو الأمر نفسه الذي واجه محمد مرسي ولا زالت قضيته عالقة في المحاكم. وهذه السياسات التي تنتهجها الحكومة المصرية والقائمة على علاقات مع الكيان الاسرائيلي لا زالت مستمرة حتى اليوم.
سياسات السيسي وجهاز دولته التصعيدي
تتحدث الصحف الاسرائيلية عن علاقات مميزة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجهاز دولته، وآخر عناوين هذه العلاقات برز من خلال التصاريح التي أبداها بعض مسؤولي الكيان عن عزم سلطاتهم إنشاء مصنع في مصر والذي سيستوعب قدرة عمالية تفوق ٥٠٠٠ عامل والتي بحسب التقدير الاسرائيلي من شأنها أن تدعم النظام المصري وإقتصاده. علاقات السيسي وجهاز دولته مع الكيان الاسرائيلي لم تقتصر على العلاقات الإقتصادية فقط، بل تعدتها إلى تصعيد غير مسبوق بوجه حركات المقاومة، فقد تركزت سياسة السيسي منذ توليه الرئاسة على هدم الانفاق التي كانت تربط سيناء بقطاع غزة والتي كانت مصدراً لتمويل المقاومة في القطاع من دعم السلاح إلى الدعم اللوجستي، هذا بالإضافة إلى اعتبار حركات المقاومة في فلسطين وعلى رأسها حماس بانها حركات ارهابية وهو ما لم تفعله أي حكومة سابقة، ياتي ذلك إضافة إلى قرار إغلاق معبر رفح بشكل تام أمام أي حركة مرور حتى المرضية منها، والإجراءات المنتهجة في هذا السبيل لا زالت مستمرة ومتصاعدة.
الاهداف المعلنة والحقائق الموجودة
– تتحدث السلطات والصحف الاسرائيلية عن علاقاتها مع الحكومة المصرية على أنها تأتي في إطار تعزيز السلام في المنطقة وتقوية الإقتصاد المصري كما تقدم، فيما تشير الحقائق إلى أن سلطات الكيان والتي تشعر بالعزلة الدولية المتصاعدة ونفور الشعوب منها ترى في ذلك انكماشا لإقتصادها وضيق الأسواق أمامها للتصدير وبيع منتجاتها، وفي سبيل فتح مزيد من الأسواق والحفاظ على الأسواق القديمة تعمل على تقوية علاقاتها مع الحكومة المصرية والتي من شأنها ان تحقق هدفها في هذا المجال.
– وفي الإطار الذي يرى فيه الكيان الإسرائيلي نفسه محاصرا دوليا وشعبيا إن كان داخليا أو خارجيا، يعمل على تعزيز علاقاته مع بعض حكومات الدول التي تشهد إرتباكا سياسيا وامنيا ووضعا إقتصاديا متراجعا بهدف كسب ود هذه الحكومات بتطميعها من جهة وبالتالي الخروج من المأزق الذي فيه من إنكماش في العلاقات الدولية والشعبية، بالإضافة إلى إعطاء طابع الشرعية لوجوده وتصرفاته.
– يعتمد الكيان الإسرائيلي في علاقاته مع الحكومة المصرية سياسة المسمار والحافر، فهو من جهة يظهر اندفاعه لإقامة علاقات إقتصادية وسياسية وامنية مع الحكومة، ومن جهة أخرى يدعم ويحمي الجماعات التكفيرية في اراضي سيناء المصرية ويضع الجيش المصري في مأزق مواجهة الجماعات التكفيرية والتصدي لهم، وبذلك يعمل على جعل القرار المصري متعلقا وممسوكا اسرائيليا، فهو يجلب رضا الحكومة المصرية مع ابقاء التهديد قائما بإخلال الوضع الامني وزعزعة وضع الحكومة المصرية القائمة.
مقايسة ونتائج حتمية
مصر والتي كانت حتى حين عنوانا للمواجهة والمقاومة والتصدي للكيان الاسرائيلي باسم الشعوب العربية أصبحت اليوم اكثر من أي وقت مضى إلى جانب الكيان الإسرائيلي، وهي من خلال علاقاتها السياسية والإقتصادية والأمنية مع الكيان المحتل للأراضي الفلسطينية تعطي اليوم الشرعية للكيان بكل أعماله العدوانية ضد الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة بل وشرعية لأصل احتلال الأراضي الفلسطينية، أما الشعوب العربية فماضون في مشروعهم المقاوم، وحتى الشعوب الاوروبية وحكوماتهم برزت لديهم مؤخراً الحاجة إلى وضع حد لسياسات الكيان، فأمام مجازر وسياسات هذا الكيان خرجت في الآونة الأخيرة دعوات من دول أوروبية مطالبة بمقاطعة البضائع الاسرائيلية، وتجريم الكيان كرد على جرائمه وسياساته.
إذن ظاهر العلاقات بين الحكومة المصرية والكيان الاسرائيلي كما يتصور لدى الحكومة المصرية أنه أمر اقتصادي يستفاد منه، إلا أن الكيان الاسرائيلي في واقع الأمر يعمل على مخطط إحكام السيطرة على الحكومة المصرية الحالية وسلب إرادتها كما عمل مع الحكومات السابقة والتي كانت نتيجة علاقاتهم معه غضب الشعوب وثورتهم.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق