مشروع إنشاء قاعدة أميركية لطائرات من دون طيار في ليبيا… المخطط والأهداف
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية في الأيام القليلة الماضية خبرا مفاده أن واشنطن تجري مباحثات مع دول شمال افريقيا لنشر طائرات من دون طيار في قاعدة على الأراضي الليبية لتعزيز مراقبة تنظيم داعش الإرهابي هناك، الخبر الذي نقلته الصحيفة جاء بالإستناد إلى ما افاد به مسؤول في الإدارة الامريكية. مشروع الإدارة الأمريكية هذا وبحسب ما نقل لم توافق عليه حتى الان أي من الدول في شمال أفريقيا باعتبار أن أي منشأة أو تواجد أو تحرك أجنبي على أراضيهم لا بد أن يكون تحت سيطرة وإرادة الدول الأفريقية. والإدارة الأمريكية ومسؤوليها أوضحوا أن الهدف من إنشاء هذه القاعدة بحسب زعمهم هو لمراقبة تنظيم داعش الإرهابي وبالتالي شن هجمات عليه حال اقتضى الأمر.
الإدعاءات الأمريكية بشأن مشروع إنشاء قاعدة لطائرات بدون طيار في ليبيا لا شك أنها تحتوي في طياتها على منافع أمريكا في المنطقة والتي لم تعد خافية على شعوب منطقتنا، وفي هذا الإطار يأتي التخوف والتردد من قبل حكومات دول الشمال الأفريقي بخصوص إنشاء هذه القاعدة، فمصر وتونس على سبيل المثال واللتان تعدان حليفتين لأمريكا أظهرتا ترددا حيال هذا المشروع، فعلى الرغم من الحدود المشتركة بين الدولتين وليبيا والخطر الذي قد يمثله تنظيم داعش التكفيري عليهما إلا أنهما أظهرتا ترددهما مع أن أمريكا اعلنت هدفها من إنشاء القاعدة والمتمثل بمراقبة التنظيم وضربه إن اقتضى الأمر.
إذن تجربة المنطقة والتدخل الأمريكي ومطامعه في شؤونها يشير إلى أن أمريكا تهدف من خلال إنشاء هذه القاعدة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف والمطامع، وفي عرض موجز لبعض هذه الاهداف يمكن ذكر النقاط التالية:
١- صحيح أن أمريكا تدعي مواجهة داعش إلا أن حقيقة الأمر والوقائع العملانية على الأرض من العراق إلى سوريا واليمن تشير بشكل واضح إلى أنها هي الداعم الرئيس والأول لها، وما مشروع إنشاء القاعدة في ليبيا إلا في إطار العمل على حضور أمريكي مباشر في ليبيا وإلى جانب التنظيم، وبالتالي مراقبة الوضع عن كثب وإيجاد فرصة أكبر للتنسيق والدعم. إذن هو شكل آخر من أشكال الأعمال الإرهابية التي تنفذها أمريكا على شعوب المنطقة، فطائرات الإستطلاع الأمريكية والمتواجدة في كل من العراق واليمن وخلال السنوات الماضية لم تعمل إلا على تقوية الجماعات الإرهابية والوقوف حائلا أمام التشكيلات الشعبية في تصديها لهذه الجماعات.
٢- يأتي المشروع الأمريكي بإنشاء قاعدة للطائرات من دون طيار في ليبيا ضمن المخطط الأمريكي والرامي إلى إيجاد مزيد من القواعد العسكرية لها في القارة الأفريقية والهادف إلى إنشاء أكثر من ٣٥ نقطة في أفريقيا، ويأتي ذلك ضمن إطار التنافس الغربي بينهما على منابع الثروة الأفريقية والتي أصبحت واضحة للعلن، ولذلك تعمل أمريكا ومنذ فترة على إنشاء هذه القواعد في البلدان التي تحتل أهمية نفطية وغازية ومنابع طبيعية.
٣- من أحد أهم الأسباب لإنشاء هذه القاعدة هو تواجد القوات الأمريكية المباشر في ليبيا وبالتالي مراقبة الجماعات التكفيرية والمناطق التي تتوسع فيها في مخطط يهدف إلى ترسيم هذه المناطق بإتاحة توسعها في مناطق دون غيرها وفق المنهجية والدراسة الأمريكية لما يخدم تقسيم ليبيا، وهذا الامر هو نفسه الذي يحدث اليوم في العراق وسوريا، فصحيح أن القوات الجوية الأمريكية تشن غارات على بعض أماكن نفوذ الجماعات التكفيرية، إلا أن هذه الأماكن هي المناطق التي لا تريد أمريكا للجماعات أن تتمدد فيها دون غيرها. وهذا ما يعززه قول المسؤولين الأمريكيين إن وجود مثل هذه القاعدة قرب معاقل التنظيم في ليبيا ستساعد أمريکا على سد النقص في قدرتنا على فهم ما يجري في تلك المنطقة، وبأن طلعات الطائرات ستعطي الجيش ووكالات المخابرات الأمريكية معلومات مباشرة عن أنشطة التنظيم في ليبيا. ولائحة الأهداف الأمريكية في ذلك تطول لما يخدم مصالحها إلا أن الشعوب ماضية في المواجهة والتصدي لهذه الأهداف والمخططات وستفشلها.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق