التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

الاتفاق النووي _ غضب اسرائيلي بحجم المأساة 

ما إن أعلنت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية فيديريكا موغيريني توصل الدول الكبرى الست إلى تفاهم مع إيران حول المبادئ السياسية للاتفاق الشامل بين الطرفين حول برنامج طهران النووي عبر مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عقد في مدينة لوزان السويسرية الخميس ٢ نيسان في ختام المفاوضات التي أجرتها مجموعة “٥+١” مع إيران، حتى بدأت اصوات دولية تتفاعل للتعليق على الحدث.

 

مواقف دولية مرحبة وأخرى صامتة متحسبة، قابلتها ردود رفض صارخة من الكيان الصهيوني الذي عبر بلسان رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو عن ان الاتفاق ليس الا بابا  قد فتح امام ايران لامتلاك سلاح نووي.

 

ردود اسرائيلية غاضبة ورافضة :

 

وفي أول رد فعل رسمي على الاتفاق النووي في لوزان، انتقدت إسرائيل، الاتفاق بشدة، حيث قال مسؤولون إسرائيليون إن “الحديث عن خطأ تاريخي، وإطار سيئ يؤدي إلى اتفاق سيئ وخطير”. 

 

المسؤولون الإسرائيليون هاجموا الولايات المتحدة والدول الكبرى، واعتبروا الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إيران على أنه “انطواء أمام الإملاءات الإيرانية”، وأنه يؤدي إلى برنامج نووي لأهداف حربية .

 

وأضافوا أن البديل لـ”الاتفاق السيئ” الذي تم التوصل إليه ليس الحرب، وإنما اتفاق آخر يفكك البنى التحتية للبرنامج النووي الإيراني، ويطالبها بوقف “عدوانها وإرهابها في المنطقة والعالم ” في رد واضح على تصريحات سابقة للرئيس الأميركي، باراك أوباما،  بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق، تساءل فيها، موجها كلامه لمعارضي الاتفاق في العالم: “هل هذا الاتفاق أسوأ من حرب أخرى في الشرق الأوسط؟ “.

 

مواقف نتانياهو الأخيرة عبر عنها مكتبه الخاص الذي اوضح ان الحكومة الاسرائيلية المصغرة اجتمعت ورفضت بالاجماع الاتفاق النووي الايراني وقالت بأن ” اسرائيل” غير ملزمة به.

كما صرح نتانياهو نفسه عقب انتهاء الاجتماع، بأن الدول الكبرى ” قامرت بمستقبل اسرائيل”.

خلفيات الرفض :

ليس سهلا وقع الاتفاق على الكيان الصهيوني الذي صال وجال حول العالم لتدارك حصوله ومنع تكريس جمهورية اسلامية ايرانية لا تعترف بالكيان الصهيوني، دولة نووية متطورة وعلمية وفك الحصار الاقتصادي عنها.

 فالكيان الذي الغيت سفارته عقب الثورة الاسلامية في ايران واستبدلت بسفارة دولة فلسطين، والذي منه استثناءا في هذا العالم ما تزال تصدر اصوات تنادي بالقضاء على الكيان الصهيوني مصدر القلق والدسائس والارهاب في العالم العربي والشرق الاوسط، لن يكون سعيدا في رؤية مجريات المفاوضات وهي تتجه الى تكريس ايران لاعبا اقليميا فاعلا ومؤثرا في العالم.

ولأن تداعيات الاتفاق النووي الايراني ستكون كارثية على اعداء ايران وفتوحات لحلفائها، ولأن حلفاء ايران اعداء الكيان الاسرائيلي، جن جنون الصهاينة وارتفعت اولى اصوات الادانة للاتفاق من فلسطين المحتلة، مخالفة كل التوجه الدولي الذي يرحب بالمناخ الايجابي الحاصل.

 

فما هي انعكاسات الاتفاق النووي على تل أبيب ؟؟

للملف النووي الايراني تعشبات وارتباطات اقليمية كبرى، تتصل اتصالا وثيقا بالدور المحوري الذي تلعبه ايران وموقعها الذي تحتله وتتبنى خلاله سياسة دعم حركات المقاومة للكيان الاسرائيلي على امتداد جبهات المواجهة مع هذا الاحتلال الاستيطاني الذي يهدر حقوق ابناء المنطقة ويبني احلامه ووجوده على حساب المستضعفين فيها.

ولأن كل نقطة قوة تحصل عليها ايران هي تهديد تلقائي للكيان الصهيوني العدو الاصيل للشعب والجمهورية الايرانية، يصبح الريح ان حمل الى ايران حبة خير عدو يجب مواجهته.

حال الكيان الصهيوني القلق حيال الاتفاق، فالاتفاق النووي الحاصل باب من ابواب الانتقال النوعي لايران في المنطقة، ومن يضع نفسه عدوا لشعوب المنطقة وحقوقها ويسهر لتدمير نقاط قوتها لن يسعد اليوم ان تمكن رأس مشروع الممانعة من تحقيق الاصابة ضربة تعادل ألف ضربة.

 

ايران في الشرق الأوسط : 

إن تأثير الاتفاق على العجلة الاقتصادية للدولة التي تشهد نموا رغم حصار كزني موجه ضدها, ستتسارع اضعافا امام واقع جديد تحتله ايران، واقع يجعل من البلد الصاعد مطمعا للاستثمارات التي لم تنتظر لحظة اعلان التوصل الى الاتفاق حتى انهالت التصريحات تلميحا برغبة بلدان كبيرة بالانفتاح على الاسواق الايرانية.

مع هذا كله، فإن الثورة العلمية الايرانية وما تشهده الصناعة الايرانية المحاصرة من نشاط كبير وتقدم، باتت غير مقيدة اليوم كما سبق نتيجة العقوبات على المشتقات البتروكيميائية والمواد المركبة وغيرها من المواد الاولية التي يستفاد منها في الصناعة..

ولم تعد التجارة الايرانية  بالمشتقات النفطية وغيرها وحتى بالسلاح محظورة كحال ما قبل الاتفاق، والأكثر من هذا لم تعد ايران بعبعا دوليا محظور عليه الاستقطاب السياحي ومنغلقا كما في السابق.

إن انفتاح البلد الآمن الناشط على العالم اليوم، سيجلب للبلاد استثمارات هائلة جدا ويمكن الدولة الايرانية من الحد من التضخم وخلق فرص عمل جديدة في السوق فضلا عن تمركز الرساميل والاستثمارات بشكل آمن في البلاد التي أقفلت باب التهديد بحرب ضدها طالتها سنين مضت.

ومن الانفتاح التجاري والاقتصادي الى ما يجره هذا الانفتاح من تغير في صورة الايراني امام دول العالم التي كانت تتهيب من اسم ايران تحت تأثير الاعلام وصناعاته، وهذا الانفتاح سيشكل لايران فرصة للعب في الساحة الدبلوماسية والسياسية بشكل اكبر ويحرر امامها العوائق للتأثير السياسي والنفوذي في المنطقة ككل فضلا عن العالم، وما يجره هذا الحراك من تموضعات كبرى للدبلوماسية الايرانية المنفتحة التي تستقطب الاخرين على حساب التقوقع الاسرائيلي الذي يعتبر عالميا اليوم مصدرا من مصادر التشدد والقق في العالم. 

كما ان الحراك الايراني مضافا الى تحرك في عجلة الاقتصاد سيشكل عاملا مهما لدعم السياسة الخارجية الايرانية التي تقضي في دعم قوى المقاومة بشكل اكبر وسط التحديات الراهنة، لأن تزايد النفوذ الايراني وقدراته باعث لتشكيل ضمانة اكبر لقوى الممانعة المتحالفة مع ايران عبر المزيد من تقديم الدعم والسلاح والتغطية السياسية والأمنية وغيرها من مقومات صمود ونجاح ودعم هذه الحركات في نضالها المستمر مع الكيان الاسرائيلي.

ولكل ما سبق علاقة كبيرة بتنفيس الاحتقان الشعبي الداخلي الذي كان هدفا من اهداف العقوبات الاقتصادية وبالتالي فان التخفيف عن كاهل الشعب الايراني باعث لاستقرار النظام والوضع الامني وبث الراحة في الوسط الاجتماعي الايراني.

وما زال ولو بايجاز، الميزان الكبير ايضا لمستوى التطور العلمي المتاح لايران التي دخلت ببراعة وبقوة وجدارة منتدى العلوم النووية وما تدره هذه المعارف والقدرات من اموال ومعارف واستثمارات في مجالات طبية وفي مجال الطاقة البديلة عن النفط وغيرها من حقول التطور، وهذا ينعكس ايضا على تقوية الصناعات العسكرية الغير نووية وتنشيط الانتاج العسكري والابحاث العلمية والعسكرية فضلا عن باب تصدير وبيع السلاح الذي لم يعد مقفلا في وجه ايران.

كل هذا التقدم المتاح، سينسحب على وضعية المنطقة لناحية الصراع القائم بين التيارات التكفيرية والدول الممانعة للكيان الصهيوني، حيث أن تداعيات هذا الاتفاق السياسية والامنية ستنعكس بشكل واسع على عدة ملفات مشتعلة في المنطقة، حيث ستشهد ساحات عديدة بداية الامل لعقد اتفاقات تهدئة فيها بعد حروب استنزاف طويلة كانت تستفيد منها اسرائيل بشكل كبير.

فكيف يكون الاسرائيليون فرحين والشعب اليمني الذي ناشد القدس من بيت الركام والدمار البارحة في يوم القدس، والشعب الفلسطيني الذي لا تغفو العين الايرانية عن قضاياه، والشعب السوري الذي ابصر الامل في هذا الاستحقاق باستعادة الأمن والاستقرار في بلاده القابعة تحت وطأة الاستهداف الارهابي من التكفير المدعوم من اسياده الاسرائيليين وبعض الدول العربية، ولا ننسى العراق الجار الذي يسطر في هذه الايام ملاحم تحرير الانبار والفلوجة، ولا تمر الفرحة دون أن تثلج قلوب شعب المقاومة واسودها اللبنانيين الذين يعتبرون هذا الانجاز انجازا لهم ويشاركون الشعب الايراني وقياداته الفرحة الكبرى..

بين سطور المشهد المفرح مأساة اسرائيلية ولكل دولة تتبنى مشروع الصهاينة وتتبع جبروتهم، فايران فرضت حقوقها على العالم بأسره واستطاعت تحقيق ما ارادته منذ البداية الاعتراف الدولي بحقها في دخول المنتدى العالمي للطاقة النووية السلمية ورفع العقوبات الظالمة، وهذا ما سعت اسرائيل مستميتة للحيلولة دون حصوله..

فما حال اسرئيل اليوم وحكومتها التي بنت برنامجها وكل خططها على اساس مقارعة ما يمسى بالنفوذ الايراني ومنع حصول التفاهم حول الملف النووي ؟؟

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق