ماذا قدمت جولات دي ميستورا المكوكية للشعب السوري؟!
عام يمضي على تعيين الدبلوماسي الإيطالي استيفان دي ميستورا، مبعوثاً أممياً للشأن السوري خلفاً لسلفه الأخضر الابراهيمي، دون أن يتحقق أي تغيير يُذكر على صعيد حلحلة الأزمة السورية، فمنذ اطلاقه مبادرة تجميد القتال في حلب والتي لم تبصر النور، اقتصرت جهود دي ميستورا على التنقل بين العواصم العربية والاقليمية، واجراء المشاورات وإلقاء التصريحات، دون أن تثمر هذه التحركات عن نتائج ملموسة لانهاء معاناة الشعب السوري بعد أكثر من أربع سنوات على اندلاع الأزمة السورية، وما أسفرت عنه من أعداد كبيرة من القتلى والجرحى والنازحين واللاجئين داخل سوريا وخارجها.
ومع قرب موعد ٢٨ تموز/يوليو، المقرر أن يقدم فيه مقترحاته للأمم المتحدة حول اطلاق تسوية سياسية جديدة في سوريا، كثف دي ميستورا مؤخراً من جولاته على عدد من الدول العربية، والتي بدأها بالقاهرة حيث التقى وفد لجنة متابعة تنفيذ نتائج مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية، وبعدها التقى بوزير الخارجية المصري سامح شكري، ثم توجه بعدها إلى قطر والتقى مع المسؤولين فيها، ليتوجه بعدها إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي حيث التقى وزير الخارجية عبدالله بن زايد آل نهيان، ومن المقرر أن يعود دي ميستورا إلى مصر للقاء الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي خلال الأسبوع الجاري.
وكان المبعوث الأممي إلى سوريا، قد عقد اجتماعًا في ٢ تموز الجاري، مع أعضاء الهيئة السياسية في “الائتلاف الوطني السوري”، في مدينة “جنيف” السويسرية. كما قدم في ٦ تموز/يوليو تقريرا عن جهود الوساطة التي بذلها الى الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون والى عدد من سفراء الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي .
ويصف مراقبون الزيارات التي يقوم بها دي ميستورا إلى عواصم عربية وعالمية بالبروتوكولية، ويتساءل هؤلاء المراقبون، ماذا قدمت هذه الزيارات والجولات حتى الآن للشعب السوري؟
ويعلل مراقبون هذا الاخفاق في تحقيق أي نتائج ملموسة حتى الآن، لكون خريطة الحل التي يقدمها المبعوث الأممي لحل الأزمة السورية، لا تستند إلى عدد من الوقائع الضرورية، وفي مقدمتها اعطاء مسألة محاربة الارهاب الأولوية ضمن مساعي الأمم المتحدة لإنهاء معاناة الشعب السوري، ويكمن ذلك في العمل على تجفيف منابع الدعم الخارجي والاقليمي للجماعات والمنظمات الارهابية الناشطة في سوريا، وعلى رأسها تنظيم داعش الارهابي وجبهة النصرة المدرجة دولياً على قائمة الارهاب، والتي تتلقى دعماً علنياً من كل من تركيا وقطر والسعودية.
من ناحية أخرى، فإن الحل السلمي للأزمة ينبغي أن يستند إلى حوار سوري- سوري، من خلال ايجاد أرضية مشتركة لجلوس كافة الأفرقاء السوريين على مائدة حوار واحدة، حيث تفيد المؤشرات أن المعارضة السورية حتى بعض الفصائل المسلحة منها، تميل إلى التفاهم مع الدولة السورية، وإنهاء الصراع المسلح، إلا أن التدخلات الأجنبية، وضغوط بعض قادة الدول التي أضحت ترى في مسألة اسقاط النظام السوري ثأراً شخصياً، تحول دون تحقق هذا الأمر.
ومن ضمن الوقائع الثابتة التي لا ينبغي للأمم المتحدة أن تغفل عنها في أي مبادرة للحل في سوريا، هي الأزمة الإنسانية والوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه الشعب السوري، والذي أصبح ٨٠% منه يرزح تحت خط الفقر، وذلك بسبب التدمير الممنهج الذي تمارسه الجماعات الارهابية المسلحة في ضرب البنية الاقتصادية التحتية، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على الشعب والدولة السورية، مما أسهم في تعميق المحنة الإنسانية في سوريا، وتعقيد سُبل الحل السلمي فيها.
كما ينبغي على الأمم المتحدة احترام إرادة الشعب السوري وخياراته التي عبر عنها في صناديق الاقتراع، والتسليم بأن دعوات اسقاط النظام وتنحي الرئيس بشار الأسد التي تطلقها بعض الدول الغربية والعربية، هي دعوات تقف على النقيض من أي حل سياسي للأزمة السورية، وتعرقل من مسار إعادة السلم والاستقرار لسوريا.
يبقى أن نقول بأن الشعب السوري لم ينظر بكثير من التفاؤل إلى الجولات التي يقوم بها دي ميستورا على العواصم العربية والدولية، ولن يعول على المقترحات التي من المقرر أن يقدمها إلى الأمم المتحدة في ٢٨ تموز/يوليو القادم، فالخطوات التي قام ويقوم بها دي ميستورا من وجهة نظر السوريين، أثبتت أنها ذات طابع بروتوكولي اعلامي أكثر منه واقعي وعملي.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق