التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

غزة وفخ الفتن _ نعم لقرار مسؤول وشجاع لمواجهة الاستحقاقات الخطيرة !! 

 بعد تهديدات عديدة من قبل تنظيم داعش الارهابي لحركات المقاومة في غزة، عبر تسجيل صوتي قام فيه قيادي في التنظيم بإعلان الحرب على حركة حماس التي لا تحكم باسم الشريعة وفق قوله، متهما اياها بأنها مشروع حكم ولا يمت الى الدين بصلة ووجب قتاله.

ووسط العديد من المعطيات الخطيرة التي حملها هذا البيان سابقا والذي يأتي في ظل نشاط قوي لتنظيم داعش في مناطق سيناء على الحدود مع القطاع وسط صمت اسرائيلي مريب حول هذا التموضع الجديد والمشبوه للتنظيم، أحداث ساخنة تعصف بقطاع غزة تترك انعكاسات خطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية.

 

فصول الفتن في الأحداث الجارية:

اجتاحت القطاع مؤخرا موجة من التفجيرات المشبوهة استهدفت عدداً من منازل قيادات بارزة في حركة فتح، بالإضافة إلى منصة مهرجان إحياء ذكرى اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات في قطاع غزّة، كما وجد بيان نسب الى تنظيم داعش عقب الاحداث انذاك هدّد قيادات من حركة فتح في القطاع في حال الخروج من منازلها حتّى منتصف تشرين الثاني الحالي وتم التحذير من إقامة التجمعات الاحتفالية التي تتزامن مع ذكرى رحيل الرئيس ياسر عرفات، مشيره إلى أن أجهزة الأمن الفلسطينية لن تستطيع أن تحمي القائمين على الاحتفالات من استهدافهم من قبل عناصرها .

في الساعات الماضية، تناولت وسائل إعلام عديدة أن ٥ انفجارات هزت حي الشيخ رضوان وشارع النفق وسط مدينة غزة، ووجد شعار لـ “داعش” مرسوم على جدار مقابل للتفجيرات . وقد ذكر أن السيارات الخمس التي تم تفجيرها في وقت متزامن تعود لثلاثة من اعضاء حركة حماس واثنين من اعضاء حركة الجهاد الاسلامي، وانحصرت الاضرار بالمادية.

وكانت قد تداولت مواقع التواصل الاجتماعي، صورتين لبيانين زعم أنهما صادران عن تنظيم داعش في غزة، جاء فيهما “أن كل العناصر التي آثرت أن ترتمي في أحضان دولة الولي الفقيه، عاملة بذلك على التبشير بالتشيع ستكون هدفًا لداعش وليس لها إلا الذبح” وفق تعبيرهم.

 

ردود فعل واتهامات:

تهديدات داعش التي اطلقها التنظيم الارهابي نحو غزة ومقاومتها، وما تبعها من مخاض أمني كبير يشهده القطاع حاليا، ترك العديد من الارتدادات السلبية والخطيرة التي تشكل محطة مفصلية حساسة جدا في تاريخ القطاع.

كل هذا التخبط ترك اثره على جملة من المواقف الفلسطينية التي فسرت الظاهرة وعبرت عنها وفق تقييمها ورؤيتها، فمع تفجيرات طالت حركة فتح منذ مدة وتفجيرات الساعات الماضية التي طالت حركتي حماس والجهاد الاسلامي، مواقف وردود متضادة تطرح شبهات وتساؤلات كبيرة وحساسة.

 

تبني داعش للعمليات ومواقف حولها:

فبينما يرى محللون أن الفاعل للتفجيرات هذه هي نفس الجهة، وأن ما صدر من بيانات نسبت إلى تنظيم داعش هي محاولة لتضليل الرأي العام، يوجد كلام كثير حول مدى صحة نسب العمليات للتنظيم الارهابي في ظل كلام اصلا عن وجود ونشاط التنظيم نفسه فعليّاً في القطاع حتّى الآن على الأقل وفق تعبيرهم .

فالبيان الذي عُثر عليه، والموقّع من تنظيم داعش والذي يُحذّر حركة فتح من إقامة التجمّعات الاحتفالية في قطاع غزة، التي تتزامن مع ذكرى رحيل الرئيس ياسر عرفات، أثار اللغط حول حقيقته وصحته، لا سيّما أنها المرّة الأولى التي يُعلن فيها تنظيم داعش مسؤوليته عن تفجيرات في قطاع غزّة.

رأي يؤكده القيادي في السلفية الجهادية أبو المعتصم المقدسي المقرب من داعش، حيث نفى تورّط أي جهة سلفيّة جهادية في هذه التفجيرات، معتبراً أن البيان الذي وُجد في مكان التفجيرات كاذب . وأضاف ابو المعتصم: “نحن ننفي علاقتنا بمثل هذه الأعمال ونؤكد دوما على عصمة الدماء وحرمة الاقتتال “.

ورغم اصوات النفي هذه، تبقى فرضية توجه داعش الى منحى عملياتي داخل القطاع وسط تهديدات سابقة له قائمة، وفي حال ثبوت ذلك يصبح جليا مدى انغماس هذا التنظيم الارهابي في الحركة الاسرائيلية التي تستهدف حركات المقاومة في لبنان وسوريا وفلسطين عبر المشروع الاستخباراتي العميل المسمى بداعش، وهذا ما يتطلب من القيادات الفلسطينية التوحد وترتيب الصفوف للاستعداد نحو مواجهة كبيرة وخطيرة تتطلب تدخلا حاسما كي لا تتمدد ويفوت الاوان للقضاء عليها.

 

مواقف حركة فتح من تفجيرات طالت منازل قادتها:

وسط وجود فرضيات حول عدم صحة وجدية تبني داعش للعمليات الارهابية، اتهمت قيادات في فتح حركة حماس بالوقوف خلف هذه التفجيرات، من أجل إفساد إقامة المهرجان التأبيني، خصوصاً أن بعض عناصر حركة حماس أطلقوا مؤخراً حملة تسعى إلى منع إقامة المهرجان في غزّة، على غرار منع أجهزة السلطة إقامة المهرجانات والفعاليّات الخاصة بحماس في الضفّة الغربيّة وفق تعبيرهم .

فقد اتهم الشوبكي السفير الفلسطيني بالقاهرة حركة حماس بتدبير تلك التفجيرات لتصعيد حالة التوتر الأمني في القطاع لعرقلة اتمام المصالحة الوطنية التي اقتربت من حسمها.

كما حمل أحمد عساف المتحدث باسم حركة فتح، حركة “حماس” مسؤولية تفجير منازل قيادات حركة فتح بقطاع غزة، وأشار إلى أن التفجيرات جاءت في محاولة من “حماس” لإفشال الوحدة الوطنية التي تسعى إليها “فتح”، معتبراً أن “حماس” تتضرر من الوحدة الوطنية، لأنهم حققوا أرباحا كثيرة من حالة الانقسام.

وأشار إلى أن حركة فتح لن تترك جريمة تفجير منازل القادة، وأن المعونات الدولية لإعمار غزة ستتأثر بعملية تفجير منازل قادة فتح وما تفعله حماس من جرائم عديدة.

وحمّل عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جمال محيسن، حركة حماس المسؤولية، بصفتها المسؤولة عن أمن القطاع حتى الساعة.

 

مواقف حركة حماس ردا على الاتهامات بالتفجيرات السابقة:

من جهته أدان موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تسرع حركة فتح في اتهام حركته بالوقوف وراء التفجيرات التي استهدفت منازل قيادات فتحاوية في قطاع غزة، داعيا حركة فتح إلى وقف التحريض الإعلامي.

وقال أبو مرزوق في ختام اجتماع مع ممثلي الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني في غزة، إن حماس هي المتضرر مما حدث، مطالبا الأجهزة الأمنية بالبحث عن الجناة وتقديمهم للمحاكمة.

فيما طالب سامي أبو زهري، المتحدث الرسمي باسم الحركة، حركة فتح وقادتها بالتوقف عن اتهام حركة حماس بتفجيرات غزة، وأضاف “يجب أن تتوقف حملة فتح الإعلامية والظالمة”.

 

مواقف فصائل أخرى في الساحة:

بينما ادانت معظم الفصائل الفلسطينية الأخرى عملية التفجير وطالبوا بتشكيل لجان تحقيق مستقلة بالحادث، قال المتحدث باسم الداخلية في غزة ان الانفجارات ناجمة عن خلافات فتحاوية داخلية مؤكدة انها لن تسمح بعودة الفلتان الى القطاع من جديد، وسط اتهامات للقيادي الفتحاوي السابق محمد دحلان بالوقوف وراء هذه التفجيرات على خلفية خلافه وخصامه مع أبو مازن.

 

بين الاتهامات السابقة ونفيها تأتي احداث الساعات الأخيرة بدلالاتها التالية:

بين تبادل الاتهامات المتسرع في الاحداث السابقة، والذي أشار الى ثغرة كبيرة في سلوك بعض التيارات الفلسطينية وشكك في صدق نواياها واستخفافها في السعي والتوجه نحو مصالحة وطنية، يجب أن تعي هذه الفصائل بشكل أكبر انطلاقا من موقعها المسؤول لحجم المؤامرة التي تحاك للشعب الفلسطيني، وتدرك عواقب التسرع في الحكم على احداث تحمل في ابعادها دلالات خطيرة تتجاوز الصراع السياسي الداخلي لتمس اصل الوجود الفلسطيني بأكمله.

تأتي اليوم تفجيرات الساعات الماضية التي طالت شخصيات من حماس والجهاد الاسلامي لتكون دلالة على أن ما يجري ليس الا مخططا مدروسا تنفذه ايد خفية، لتحقيق اهداف خطيرة جدا يجب التوقف عندها مليا من قبل المعنيين من كل الجهات الفلسطينية المؤتمنة على هذه القضية العادلة التي تتعرض هذه الايام لمشروع خطير جدا يتطلب الحكمة والتعالي والدقة والوعي.

فهذه التفجيرات المشبوهة التي طالت فتح وحركات المقاومة، ليست الا مشروعا يريد تحقيق ما يلي: 

نسف محاولات تثبيت المصالحة الوطنية التي تستفيد من أجواء الانتفاضة الشعبية الحاصلة داخل الاراضي المحتلة عبر عمليات الطعن والدهس البطولية في مواجهة سياسة التشدد والقتل الاسرائيلية. 

  • الترويج لثقافة القتل المتبادل بين فتح وحركات المقاومة وجر كل الاطراف لاقتتال مسلح، يحول جهود الانتفاضة القائمة في الداخل الفلسطيني الى وجهة داخلية ويطفئ شعلتها ويشغلها، بعد أن اصبحت تشكل خطرا وجوديا على الداخل الإسرائيلي.
  • تأمين اخراج اعلامي لما يسمى ظاهرة تواجد داعش في الداخل الغزاوي تمهيدا لفصل من فصول خطيرة اسرائيلية تتطلب انغماس التنظيم الارهابي أكثر في القطاع لفتح معارك استنزاف بينه وبين الحرکات الفلسطينية المقاومة فضلا عن الايحاء بأن الحركات المقاومة في غزة ليست الا حركات تكفيرية ارهابية مبطنة.
  • تهيئة الارضية وتوفير البيئة لانطلاق عمليات فتنوية بأصابع اسرائيلية مباشرة او عبر التستر بتنظيم داعش الارهابي ومشروعه المشبوه لتفتيت الداخل الفلسطيني وبث الفوضى داخل القطاع وحملها لاحقا الى الضفة الغربية.

 

وسط هذه المعطيات يشكل القرار الوحدوي الفلسطيني حصنا منيعا:

كل هذا يضع الاطراف الفلسطينية أمام مسؤولية تدارك الآتي من الاستحقاقات وسط أدلة كافية وواضحة أتت مؤخرا، تظهر أن المراد جر الساحة نحو تحقيق الأهداف المذكورة وليست القضية قضية صراعات سياسية وتزاحمات.

ووسط هذا يصبح المطلوب، توحيد الصفوف واطلاق عملية تحقيق مشتركة وسريعة من قبل فتح وحماس والجهاد لتتبع الفاعلين والكشف عنهم والتعاطي مع الاحداث الجارية على أنها مشروع خارجي اسرائيلي يتستر وراء اسم داعش ويضرب الوحدة التي يتم العمل على تحقيقها وهو مشروع يطال الجميع دون استثناء.

وأما الاتهامات المتبادلة العشوائية، ليست الا مشاركة في ضرب القضية الفلسطينية مهما كانت النوايا والمقاصد، فالمرحلة تتطلب اتخاذ قرار شجاع مسؤول لمواجهة التربص الاسرائيلي الذي له المصلحة الاولى بشق الصف الفلسطيني أكثر لكشف القطاع والانقضاض عليه عبر حرب جديدة وحرف مسار الحراك المقاوم في الداخل، عبر داعش ومشروعه المشبوه الذي بدأ به في القطاع لتحويل البيئة الغزاوية الى بيئة تكفيرية وجر الفلسطينيين نحو حرب مع الارهاب الداعشي المزروع في جسدهم، أو عبر أيد داخلية فلسطينية عميلة مدفوعة من الكيان الاسرائيلي لا تجد في التقارب بين فتح والمقاومة الفلسطينية مصلحة لها.  

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق