التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

تحقيق حول سجن بوکا السري (١) _ كيف صنعت أمريكا الارهاب في أوكارها ؟؟ 

“معسكر بوكا السري” اسم يعرفه اغلب قادة الارهاب العالمي اليوم، مروا عليه افرادا وخرجوا منه جماعات ومجموعات منظمة !!

 فما هي حقيقة سجن بوكا التي تثير تساؤلات كبيرة وخطيرة جدا ؟؟ 

معسكر بوكا هو معسكر اعتقال تابع للقوات الأمریکیة، يحمل السجن اسم جندي في اللواء ٨٠٠ للشرطة العسكرية الامريكية، حيث كان من الذين لقوا حتفهم في هجمات ١١ ايلول ٢٠٠١.

يقع وسط الصحراء في أقصى جنوب العراق، في محيط مدينة أم القصر، وقد دخل الى الخدمة عام ٢٠٠٣ وتم اغلاقه عام ٢٠٠٩، وأمضى فيه نحو مئة ألف معتقل فترات متفاوتة خلال ستة أعوام بحیث بلغت أعدادهم ذروتها في العام ٢٠٠٧.

 بعد فضيحة سجن أبي غريب وانكشافه أمام الاعلام، انتقل الامريكيون للعمل في معسكر بوكا السري حيث تم نقل بعض المعتقلين من سجن أبي غريب إلى معسكر بوكا، ووفقا للقراءات والمعطيات تمت عملية انتخاب المعتقلين المنقولين من أبي غريب بعناية واختيرت الفئات الخاصة منهم وفقا لمعايير موضوعة من قبل الامريكيين، كالإلمام بالقراءة والكتابة والدين وبرر الامريكيون هذا الانتقاء بأنه احترام لهذه الشريحة من السجناء ولتحسين الصورة بعد فضائح ابي غريب.

لكن التقصي في الأمر، يطرح تساؤلات كثيرة حول اهداف أخرى خطيرة جدا كانت وراء افتتاح سجن بوكا بسجنائه المثاليين والمنتخبين، حيث وردت تقارير عديدة تفيد بأن السجن كان يستخدم من قبل القوات الامريكية لاغراض دعم المنظمات الارهابية كون ان الكثير من قادة داعش والمنظمات المتطرفة الاخری قد تلقوا تدريبات خاصة اثناء فترة اعتقال غالبيتهم في سجن بوكا وهذا ما طرح تساؤلات عدة عن أهداف ونوايا القوات الامريكية ونشاطها السري في فترة الاحتلال .

ولمحاكمة هذه الادعاءات نعرض معلومات حول أفراد خرجوا من السجن ليصبحوا فيما بعد أمراء لتنظيمات ارهابية. فماذا حدث معهم في السجن ؟ وما هي الوظيفة الحقيقية لسجن امريكي يجمع المتهمين للعقاب فيخرجون امراء تكفير وارهاب ؟؟

في تقریر سابق لصحيفة الغاردیان، عرضت الصحيفة إفادة حصلت عليها عبر تواصل مع احد مسؤولي تنظيم داعش وذكرت الصحيفة أن “أبو أحمد” لم يوافق على التحدث إلا بعد أكثر من سنتين من المشاورات والتي من خلالها أفصح عن ماضيه، وعن كونه جزءا رئيسيا من أكبر شبكة مليشيات تكفيرية، وعبر عن قلقه من تكاثر داعش وعن نظرته في المنطقة .

الشخص الذي يحمل اسما مستعارا “أبو أحمد” يخفي شخصيته الحقيقية، وهو من كبار مسؤولي تنظیم داعش، وجاء بمعلومات خطيرة جدا تتقاطع في صحتها مع معطيات واردة من سجناء أخرين ومعلومات استخباراتية تناولها الاعلام سابقا.

 

أيامه في سجن بوكا:

“شكل بیئة مثالیة لنا وصنعنا کلنا. سرعان ما عرفنا انه ليس سيئا للغاية حيث كان الفرصة الذهبية التي وفرها لنا السجن تحت قيادة الجيش الامريكي . لم يكن باستطاعتنا ان نجتمع في بغداد او في اي مكان آخر بهذه الطريقة. لقد كنا امنين هنا في السجن. الأوضاع خطرة للغاية خارج اسوار السجن ولكننا هنا على بعد بضعة امتار من القيادة الرئيسية للقاعدة.”

هو كلام لأبي أحمد السجين السابق في سجن بوكا في وصفه لما يسمى بمعسكر بوكا.

 

تجهيز الأمير المستقبلي للتنظيم وتأمين تواصله الفعال مع العناصر المنتخبة مسبقا:

أبو أحمد قال وفق تقرير الصحيفة : “کانت المرة الأولى التي ألتقي فیها مع إبراهیم عواد السامرائي المعروف بأبي بکر البغدادي في السجن، وأشار إلى أن بعض السجناء في المعسکر کانوا یأتون الیه دائما ولكن لم نکن نعرف أنه سیصبح يوما ما قائدا لداعش.”

ویضيف أبو أحمد: “کنت اشعر أنه (البغدادي) یخفي شیئا في داخله.. جزءا مظلما لا یرید للآخرین أن یعرفوه، وکان على العکس من الأمراء الآخرین المسجونین معه والذین یسهل التعامل معهم، فقد کان بعیدا عنا جمیعا”.

ویلفت إلى أن “البغدادي کان هادئا وذا کاریزما معینة، لکن کان في السجن معه الکثیر ممن هم أکثر أهمیة منه ولم أکن أتصور أنه سیصل إلى هذا الحد.”

ویتابع أنه “في کل مرة کانت تحصل مشکلة في السجن یکون البغدادي في وسطها من اجل حلها، فقد کان یستخدم سیاسة المسکنة للحصول على ما یرید، وقد کان یطمح لأن یکون رئیسا للسجناء . “

ویستطرد أبو أحمد أنه “في شهر کانون الأول من عام ٢٠٠٤ اعتبر البغدادي من قبل سجانیه (الأمريكيين) انه لا یشکل أي خطر وأطلق سراحه، وکان یحظى باحترام من قبل الجیش الأمریکي !!

ویضيف المدعو أبو أحمد أنه “إذا أراد زیارة سجناء آخرین في سجن آخر کان یستطیع ذلك، فیما لم نکن نستطیع ذلك” فقد كانت معاملة الأمريكيين للبغدادي تتسم بطابع خاص ومختلفة جدا عن معاملتهم لأغلب سجناء المعسكر.

 

بناء التنظيم تحت عيون الأمريكيين:

وبالعودة الى افادة ابي احمد، یؤکد أنه “لولا وجود سجن للأمریکان في العراق لم یکن داعش موجودا الان”، ویشدد بالقول “کان سجن بوکا مصنعا، فقد صنعنا کلنا وبنى أیدیولوجیتنا” .

ویردف أبو أحمد بالقول: “كل عمليات داعش کان یقودها رجال کانوا قد قضوا وقتا في مرکز الاعتقال في بوکا وکامب کروبر وأبو غریب وخططوا لها داخل السجن أثناء فترة الاحتلال الأمریکي وتحت انظار الامريكيين أنفسهم”.!! 

ویوضح أن الأمراء كانوا یجتمعون في السجن بانتظام وکنا نعرف قدراتهم وما یمکن أن یفعلوه، وکان اهم الناس في بوکا أولئك الذین کانوا قریبین من أبي مصعب الزرقاوي، وکان لدینا الوقت في بوکا للاجتماع والتخطیط فقد کنا في بیئة مثالیة حقا، فكل الامراء كانوا يجتمعون في السجن بشكلٍ متردد وتقربنا جداً من بعضنا البعض.”

وأضاف ابو احمد “كان لدينا الكثير من الوقت للتفكير والتخطيط. انها البيئة المثالية. اتفقنا ان نجتمع بعد إطلاق سراحنا وكانت عملية الاتصال سهلة. كتبنا ارقامنا في ملابسنا الداخلية وعندما خرجنا من السجن اتصلنا ببعضنا. كان عندي ارقام هواتف وعناوين كل المهمين لي.”

 

مرحلة دمج بقايا حزب البعث في التنظيم:

یضیف أبو أحمد أن “الزرقاوي کان ذکیا جدا، وهو افضل المخططین الاستراتیجیین لتنظیم داعش، اما خلیفته ابو عمر البغدادي فکان قاسیا جدا لا یرحم والأکثر دمویة فیهم”.

ویشیر إلى أنه “بعد مقتل الزرقاوي أحب افراد التنظيم القتل أکثر منه، وغدا القتل أکثر الأمور أهمیة في المنظمة، فقد کان فهم الباقین للشریعة رخیصا جدا.”

في هذه المرحلة، كان واضحا ان البغدادي كان يسوق لنفسه كما من قبل الأمريكيين بأنه شخص ذو مناقبية عالية وانه متصد لمشاكل جميع السجناء وقد قام بتعليمهم اللغة العربية والمعارف القرآنية أثناء تواجده في السجن، وهذا ما أمن له منفذا للتواصل مع السجناء وانتقاء الافضل من بينهم لاعداده لدور يتولاه حين خروجه من السجن.

فهل يوجد بيئة ملائمة أكثر من سجن بوكا الذي وفره الامريكيون للارهابيين ؟ وأين الاستخبارات الامريكية لتشرف وتراقب على علاقات السجناء وتحركاتهم داخل السجن ؟ فهل سقط سهوا من قبل السجانين أن من يجمعونهم في السجن هم أخطر رجال التكفير وان نشر التعاليم التكفيرية والتشويه والتجنيد هو في ظروفه المثالية داخل السجن ؟ أم أن اخلاق الامريكيين منعتهم من تعقب السجناء والتنصت عليهم لايقاف حمام الدم المتمثل بعملياتهم الارهابية التي يديرونها من داخل السجن ويخططون لها ؟؟

أم أن عملاء الزنازين التي تبدع الاستخبارات الامريكية بتوزيعهم وتدريبهم، كانوا يوافقون على ما يجري من تحركات ونشاطات ويرعونها خدمة لهدف أكبر ؟؟ فما هو هذا الهدف وما هي المعطيات الأخرى التي تدل على ان السلوك الامريكي في اهمال تفشي الارهاب وتحركاتهم في السجن كان مفتعلا ومقصودا لا بل بإدارتهم أيضا ؟ هذا معرض كلامنا في الجزء الثاني من مقال “سجن بوکا السري” والذي يحمل معلومات اضافية تدعم الشكوك في الدور الامريكي المشبوه عبر شخص ابي بكر البغدادي الزعيم الذي برز بشكل مفاجئ جدا !!

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق