التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

نظرة تقييمية للهجمات الجوية الأمريكية ضد تنظيم داعش 

رغم مرور عام على بدء ما يسمى التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا ضرباته الجوية ضد تنظيم (داعش) الإرهابي في العراق وسوريا لازال المراقبون يعتقدون بأن هذه الضربات غير مؤثرة وتفتقد إلى الاستراتيجية الواضحة للقضاء على هذا التنظيم الإرهابي، وهو ما اعترف به أيضا الكثير من المسؤولين الأمريكيين وفي مقدمتهم الرئيس باراك اوباما. 

وأثارت هذه الحقيقة انتقادات لاذعة من قبل المحللين والمراقبين في داخل أمريكا وخارجها. وأعرب الكثير من هؤلاء المحللين بأن هذا الخلل ناجم في الواقع عن ضعف السياسة الخارجية التي تنتهجها واشنطن في الشرق الاوسط وافتقادها للتشخيص الدقيق لما يجري في هذه المنطقة وما ينبغي اتخاذه لمواجهة الجماعات الإرهابية لاسيما تنظيم (داعش).

ويتركز الجزء الأكبر من هذه الانتقادات حول كيفية ومستوى توظيف أمريكا لقدراتها الجوية لضرب عناصر ومقرات (داعش) في العراق وسوريا. فبعد عام على بدء هذه الضربات والتي كلفت حتى الآن اكثر من ٢.٥ مليار دولار لازالت غير مؤثرة ولايمكن التعويل عليها لإنهاء خطر هذا التنظيم الإرهابي، ما أثار الكثير من التساؤلات حول جدوى هذه الضربات وما اذا كانت قادرة على الحاق الهزيمة بداعش في نهاية المطاف.

ووفقا لتصريحات عدد من القادة السياسيين والعسكريين الأمريكيين تم قتل اكثر من ١٠ آلاف عنصر من تنظيم (داعش) منذ بداية الضربات الجوية التي استهدفت تجمعاتهم ومقراتهم في العراق وسوريا، فيما زعم بعض هؤلاء القادة بينهم الجنرال (هوك كارليسل) بأن عدد قتلى (داعش) تراوح بين ١٠ – ١٣ الف قتيل خلال تلك الفترة. 

وتجدر الاشارة إلى ان جهاز الاستخبارات الأمريكية (سي آي ايه) أعلن في وقت سابق بأن عدد عناصر (داعش) يتراوح بين ٢٠ الف – ٣١٥٠٠ عنصر.

وقد شكك الكثير من الخبراء العسكريين بمدى صحة هذه المزاعم، مشيرين إلى انها تهدف في الحقيقة إلى التغطية على فشل أمريكا وحلفائها الغربيين في تنفيذ خططهم والوفاء بوعودهم في القضاء على (داعش) ومساعدة القوات العراقية في استعادة المناطق التي لايزال يحتلها هذا التنظيم لاسيما في محافظتي الانبار والموصل. 

ويعتقد المنتقدون لسياسة الادارة الأمريكية في مواجهة (داعش) بأنها تفتقد إلى الحزم وتنطوي على الكثير من التعقيدات التي تحد من فاعلية الضربات الجوية الموجهة ضد هذا التنظيم. وأعرب قائد القوات الأمريكية السابق في العراق وأفغانستان والرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية الجنرال المتقاعد (ديفيد بترايوس) في حديث لشبكة (CBS ) عن خيبة أمله ازاء النتائج الضعيفة التي حققها “التحالف الدولي” في حربه ضد تنظيم (داعش)، منتقداً في الوقت نفسه التخبط والتحرك البطيء لهذا التحالف في مواجهة هذا التنظيم الإرهابي.

من جانبه أعرب السيناتور الجمهوري (جون مكين) عن اعتقاده بأن المقررات المعقدة التي تعتمدها قيادة القوات الجوية الأمريكية لمواجهة (داعش) أدت إلى تقييد الطيارين الأمريكيين وتسببت بفشلهم في تنفيذ مهامهم في هذا المجال، مشيراً إلى ان ٧٥ في المئة من الطلعات الجوية التي تنفذها القوات الأمريكية في العراق وسوريا لا تحقق أهدافها لأن الطيارين يعودون إلى قواعدهم الجوية في كثير من الاحيان دون قصف تجمعات ومقرات (داعش) بسبب هذه القيود. 

كما انتقد عدد من القادة العسكريين الأمريكيين التأخير المتكرر الذي يحصل في تنفيذ الضربات الجوية من قبل القوات الأمريكية ضد تجمعات ومواقع (داعش)، مشيرين إلى ان هذا التأخير ساهم كثيراً في إتاحة الفرصة لهروب عناصر (داعش) من مناطق القتال كما حصل في مدينة تكريت بعد تحريرها من قبل القوات العراقية والحشد الشعبي قبل بضعة أشهر. 

من جانبهم دان الكثير من القادة العسكريين العراقيين بينهم قائد عمليات الأنبار (اللواء الركن محمد الدليمي) ضعف أداء القوات الجوية الأمريكية في مهاجمة تجمعات ومقرات (داعش)، مشيراً إلى ان عناصر (داعش) تمكنوا من الهروب في بعض المناطق بسبب تأخر سلاح الجو الأمريكي في قصف مواقعهم وتجمعاتهم. وأكد الدليمي ان الهجمات الجوية التي تنفذها القوات الأمريكية والدول الغربية الحليفة لها ضد (داعش) غير كافية وغير مؤثرة.

وأمّا الهجمات الجوية التي تنفذها قوات التحالف الدولي ضد عناصر ومقرات (داعش) في سوريا فلا تختلف كثيراً عن الهجمات التي تنفذ ضد هذا التنظيم الإرهابي في العراق بسبب ضعف التنسيق بين هذه القوات من جانب، اضافة إلى التعقيدات الناجمة عن تداخل الجماعات الإرهابية مع المدنيين في المناطق الآهلة بالسكان وصعوبة تحديد مواقع هذه الجماعات بسبب التضاريس الجغرافية الوعرة في بعض المناطق من جانب آخر. 

في الختام لابد من القول ان جميع القرائن والدلائل تشير إلى أن أمريكا تفتقد الاستراتيجية الدقيقة والواضحة في محاربة التنظيمات الإرهابية ومن بينها (داعش)، ليس هذا فحسب؛ بل يعتقد الكثير من المراقبين بأن القوات الأمريكية لديها تنسيق تام مع هذه التنظيمات وتقدم لها السلاح والمعلومات والامكانات اللوجستية لتنفيذ عملياتها الإرهابية في سوريا والعراق، وما تقوم به هذه القوات بتنفيذ بعض الضربات على هذه التنظيمات إنما يهدف في الواقع إلى ذر الرماد في العيون للتغطية على حقيقة التعاون الأمريكي مع هذه التنظيمات، خصوصاً وان العديد من المسؤولين الأمريكيين ومن بينهم وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون قد اعترفوا بأن بلادهم هي التي أوجدت (داعش) قبل عدة سنوات في إطار مخططها الرامي إلى تمزيق دول المنطقة والعبث بمقدراتها والتحكم بمصيرها ضمن مشروعها المسمى الشرق الاوسط الكبير أو الجديد.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق