وزير الدفاع الإسرائيلي ونظيره الأمريكي على حدود لبنان
“هذا هو الخطر الاستراتيجي المركزي من ناحيتنا”. عبارة تختصر الرعب الإسرائيلي من جبهته الشمالية كما عبّر وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون. فقد أوحى يعلون بوضوح لنظيره الأمريكي أشتون كارتر: لهذا كنا نعارض توقيع الإتفاق النووي مع إيران لأنها من هنا ستبدأ النهاية. ففي خطوة واضحة الدلالة ومتعددة الأهداف زار يعلون وكارتر أمس الحدود اللبنانية للإطلاع عن قرب على “الخطر الإستراتيجي” لحزب الله على الكيان الإسرائيلي. وبينما كان كارتر يسير بطول نقطة مراقبة للكيان الإسرائيلي قريبة من الحدود مع لبنان التفت إليه يعلون وقال “ربما كان حزب الله يراقبنا”!
فما هي أهداف الزيارة في هذا التوقيت؟ وهل أقنعت إدارة أوباما الإسرائيليين بالرجوع عن إعتراضهم على الإتفاق النووي وما كان الثمن؟ أم أنّ الإسرائيليين سيمضمون في رفع سقف الإعتراض للتخفيف من خسارتهم والضغط على الامريكيين للحصول على ثمن أعلى؟
فالكيان الإسرائيلي أعلنها مراراً على لسان قادته أنّ الإتفاق النووي يقوّي إيران وحلفائها وخاصة حزب الله الذي أصبح يشكل الخطر الأكبر عليه. وفي محاولة لطمأنة الجانب الإسرائيلي وعد كارتر خلال الجولة على الحدود اللبنانية الفلسطينية، الكيان الإسرائيلي بالمساعدة. وقال “بالطبع يحصل حزب الله على دعم من إيران، وهذا أحد الأسباب التي ستجعل الولايات المتحدة تواصل مساعدة إسرائيل للتصدي للنفوذ الإيراني الضار في هذه المنطقة” .
فالكيان الإسرائيلي يعدّ العدة السياسية والأمنية والميدانية لمرحلة ما بعد الإتفاق النووي مع حلفائه ومجموعاته الإرهابية، فمن المؤكد أن العدو الأول للإسلام الذي سيضطر مرغماً على تقبل الحدث الجديد، لن يسكت وهو يرى أن حزب الله الذي هزم الجيش الذي لا يقهر وإيران التي تعد بزواله، يصبحان أقوى يوماً بعد يوم والمشروع الأمريكي وأداته في المنطقة لا تستطيع أن تحرك ساكناً.
فبعد خطاب أوباما الذي سعى فيه لطمأنة الكيان الإسرائيلي وحلفائه في المنطقة بعد أن “خيّب آمالهم” ووافق على توقيع الإتفاق مع إيران، يقوم الأمريكيون بإستباق التحرك الذي يقوم به الإسرائيليون وتهدئة الأوضاع ومحاولة إقناع القادة الإسرائيليين بصوابية التوقيع على الإتفاق والرجوع عن الخطوات المرتقبة للمواجهة في الكونغرس. فقدرة الكيان الإسرائيلي على تقويض الاتفاق النووي أصبحت في ميدان آخر، فإنه سوف يجد نفسه مضطراً للتعايش مع الواقع الجديد، سواء عبر ابتزاز أمريكا لضمان تفوقه النوعي في مواجهة ايران، خصوصاً في ظل اصرار اوباما على طمأنة أداته في الشرق الأوسط، وهو ما يفترض ان يكون قد دار في الاحاديث التي اجراها مع نتنياهو والملك سلمان، ما ينذر بسباق تسلح جديد في الشرق الاوسط، او عبر البحث عن اصطفافات جديدة ضد ايران، قد تصل الى حد التحالف الضمني او العلني بين الكيان الإسرائيلي والسعودية لمواجهة الجمهورية الاسلامية. فالكيان الإسرائيلي العاجز عن أي تحرك مباشر يسعى لتحريك مجموعاته الإرهابية لتدمير المحيط العربي والإسلامي أكثر فأكثر، ويطلب من واشنطن الدعم الأقصى للرضوخ مرحلياً للمستجدات الإقليمية والدولية.
ومن جانب آخر لا تزال الاستخبارات الإسرائيلية تعتبر حزب الله الخطر الأكبر على حدوده. وهذا ما حاول المعلّق الأمني في “يديعوت أحرونوت” رونين بيرغمان عرضه في تحقيق موسّع عن خطر حزب الله على الجبهة اللبنانية .
ويلخّص بيرغمان تحقيقه بالتأكيد أنه “رغم تورط حزب الله في القتال الدائر في سوريا، وخسارته للمئات من مقاتليه هناك بأعداد أكبر من كل التي خسرها في حروبه مع إسرائيل، إلا أن استعدادات هذا الحزب لحرب لبنان الثالثة في تزايد مستمر”. ويشدد على أن بين خطط “حزب الله” لخوض الحرب المقبلة احتلال مواقع ومستوطنات في الجليل، وهي مخططات لم تتغير حتى بعد الاتفاق النووي مع إيران .
وينقل بيرغمان عن العميد احتياط رونين كوهين، الذي كان مسؤول ملف الإرهاب في لواء الأبحاث في الاستخبارات العسكرية، قوله “إن حزب الله هو العدو المتحدي أكثر لإسرائيل، وهو موضع النسبة المركزية لدينا منذ ٣٠ عاماً”. ويشرح كوهين واقع أن “حركة حماس” تشكل، هي الأخرى، تحدياً مهماً لإسرائيل “لكنها على الدوام كانت الشقيق الأصغر والذي يقف في الظل الكبير لحزب الله”. وينقل يرغمان عن مصدر عسكري رفيع المستوى قوله عن رجال الحزب “أنهم يعملون في هذه المنطقة، وكأن الحرب على وشك أن تنفجر في الصباح”. وحسب التقديرات فإن “لدى حزب الله ٨٠ إلى ١٠٠ ألف صاروخ موجهة جميعها نحو إسرائيل”.
فما يرعب الكيان الإسرائيلي بالشكل المباشر هو حزب الله الموجود على حدوده وهو يدرك أنه بالرغم من كل الجبهات التي يقاتل فيها رجال المقاومة إلا أنّ الإستعدادات لمواجهته على أحسن حال. هكذا كانت الأوضاع في ظل الحصار والقيود على إيران ووجود المجموعات الإرهابية على الحدود اللبنانية وفي الداخل. فكيف سيكون إستعداد حزب الله وحركات المقاومة بعد أن نجح حزب الله في تطهير حدوده من الإرهابيين وبعد توقيع الإتفاق النووي الذي يجعل من إيران وحلفائها قوةً إقليمية عظمى ولاعباً أساسياً في النادي الدولي، حيث لم يعد لأمريكا وأداتها الوظيفية اليد الطولى في المنطقة بل إن الكيان الإسرائيلي يستشعر أن النهاية قد بدأت ومهما تعلق بحبال الهواء فالغرق قادم لا محال!
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق