التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

سلطنة عمان.. مسافة واحدة من الجميع 

 تلعب سلطنة عمان دوراً بارزاً في المنطقة نظراً لإستقرارها الداخلي من ناحية، ومواقفها المعتدلة سواءً في العلاقة مع إيران، أو في مختلف الملفات الإقليمية من ناحية ثانية. بل باتت عمان تستحوذ على أهمية متزايدة في المنطقة والعالم نظراً لدخولها كوسيط لحل العديد من الملفات المعقّدة بدءاً من المفاوضات النووية بين إيران وأمريكا، وليس إنتهاءاً بالعدوان السعودي على اليمن. 

 

الإستقرار الداخلي

يشير التطور الذي تشهده سلطنة عمان في شتى الميادين إلى نجاح سياسة السلطان قابوس الذي بذل قصارى جهده لاعادة صياغة الحياة في سلطنة عمان التي سادها السلام والاستقرار، معززة جسور المودة مع أغلب الدول، تحقيقاً للمصالح المشتركة. وقد نجح السلطان قابوس على امتداد السنوات الاربعين الماضية، في تحقيق إنجاز ضخم وملموس على امتداد سلطنة عمان، والمضي قدماً في السير بقوة وعزم نحو مزيد من التقدم والازدهار.

لقد نجح السلطان في تكريس الإستقرارين السياسي والإقتصادي لشعبه من خلال السيطرة على الأوضاع الداخلية بما يحفظ استقلالها في مواجهة أي أطماع خارجية، وذلك بموجب اتفاقيات دولية شكلت حدودها بدقة في عهد السلطان قابوس. إقتصادياً، سجل الإقتصاد العماني نقلة نوعية في خطة التنمية الخمسية السابعة (٢٠٠٦ – ٢٠١٠) التي شهدت اضافات تمويلية لها بلغت ستة مليارات وستمائة وخمسة وستين مليون ريال، اي بنسبة زيادة تصل إلى ٢٢١٪ من حجم المبالغ المعتمدة للخطة الخمسية السابعة في بدايتها والتي بلغت ثلاثة مليارات و١٦ مليون ريال. وقد حاولت السلطات العمانية الحد من الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل عبر تنويع مصادر الدخل القومي من ناحية، والحفاظ على الدخل الحقيقي للمواطن، وتوفير المزيد من الخدمات من ناحية ثانية.

ويسعى العاهل العماني إلى تنمية المواطن وتوفير سبل العيش الكريم له والمحافظة عليه بإعتباره الثروة الحقيقية للوطن، معتمداً جناحي الإستقرار الداخلي والخارجي سبيلاً وحيداً في هذا السياق.

 

مسافة واحدة

لم يسجّل التاريخ الحديث منذ إستلام قابوس للحكم أي موقف متطرف لسلطنة عمان إزاء كافّة الأزمات التي عصفت بالمنطقة في أواخر القرن الماضي، والفترة الأخيرة، حتى أنها لا تشارك في العملية العسكرية التي يشنها التحالف العربي بقيادة الرياض في اليمن، بل تسعى جاهدةً لرأب الصدع والتوصل إلى إتفاق سلمي ينهي العدوان.

وسعت سلطنة عمان لإقامة علاقات طيبة مع جميع الأطراف الإقليمية، فلم يمنعها الدور الفاعل والأساسي داخل مجلس التعاون، من إقامة علاقات مميزة مع جارتها ايران تصل إلى حد إجراء المناورات العسكرية المشتركة فضلاً عن العلاقات الإقتصادية والسياسية المميزة، اذ يحرص السلطان قابوس على اقامة علاقات جيدة مع ايران منذ إستلامه للحكم في العام ١٩٧٠ لان “الجار لن يبتعد ابدا”.

ونجحت سياسة السلطان قابوس في كسب ود العديد من العواصم العالمية، والحصول على ثقة أمريكا التي ترتبط معها باتفاقات عسكرية، وقد لعبت مسقط دور الوسيط بين طهران وواشنطن للافراج عن معتقلين بينهم ثلاثة شبان امريكيين اعتقلتهم ايران في ٢٠٠٩ وايرانية افرجت عنها واشنطن في ٢٠١٢، كما أنه وبعد توقيع الاتفاق الايراني الغربي في جنيف بأيام تبين بأن الاتفاق ليس سوى نتاج لمباحثات سرية تمت طوال الأشهر الماضية في العاصمة العُمانية مسقط بين الجانبين، وهي المباحثات التي أغضبت السعودية لانها تمت دون علم واستشارة الأخيرة .

وبعد توقيع الإتفاق النووي مؤخراً، عبّر الرئيس الإيراني حسن روحاني في الاتصال بالسلطان قابوس، خلال عيد الفطر، عن شكره للدور الإيجابي الذي قامت به سلطنة عمان في إنهاء الأزمة الإقليمية، كما شكر نائب الرئيس الامريكي، جوزيف بايدن، سلطان عمان قابوس على دعمه للمفاوضات النووية التي توجت باتفاق مع إيران .

يتضح أن وسطية عمان نجحت في جعلها “أمةً وسطاً” في ظل التعسكر الإقليمي ( محوري المقاومة والإعتدال) والعالمي( الغرب والشرق)، مما جعلها موضع ثقة ومحط رحال لدى الجميع.

 

إستقلال القرار

لم تأت السمعة الحسنة على الصعيد الدولي لسلطنة عمان من فراغ، بل يلعب “إستقلال القرار” دوراً بارزاً في ذلك، فبالرغم من كونها أحد أبرز مؤسسي مجلس التعاون، ترفض مسقط أن تكون ساحة لنفوذ أي من اللاعبين الإقليميين والدوليين مؤكدة في العديد من المواقف استقلال قرارها على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

ولم تتأثر مسقط بالموقف العدائي للسعودية من طهران، بل قام السلطان قابوس في أوج الترويج لـ”الهلال الشيعي” بشدّ الرحال إلى طهران، ليكون أول زعيم يصل طهران بعد تولي الرئيس حسن روحاني مقاليد الحكم في العام ٢٠١٣. كذلك رفضت السلطنة التسرع في فكرة “الإتحاد الخليجي والعملة الخليجية”، فضلاً عن إبتعادها كلياً بخلاف العديد من جيرانها في التورط بأوضاع سوريا والعراق ومصر مبقيةً على علاقات متوازنة مع الجميع.

لا ريب في أن السياسة الحكيمة للعاهل العماني جعلت من هذا البلد “بلداً آمناً” وفاعلاً ومستقراً رغم وجود العديد من التحديات التي تعصف بالمنطقة بدءاً من الجماعات التكفيرية، وليس إنتهاءً بالتدخل الخليجي.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق