التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

هوامش على حوار هيكل النموذجي مع السفير 

نجح الكاتب العربي “الأستاذ” محمد حسنين هيكل في حواره “النموذجي” مع جريدة السفير اللبنانية في رسم صورة واضحة المعالم حول الإتفاق النووي بين إيران والدول الغربية. لم يستثن كلام هيكل الواقع العربي “المحبط”، بل تطرق إلى كافّة الاحداث التي تعصف بالمنطقة بدءاً من مصر مروراً بسوريا والعراق ووصولاً إلى اليمن.

 

وتركّز الحوار مع هيكل حول نتائج الإتفاق النووي المبرم أخيراً، مستشرفاً “إيران بعد الإتفاق” والعلاقة مع أمريكا، فقد أوضح هيكل أنه “علينا ألا نبالغ في مدى تأثير الاتفاق النووي. هو مهم جداً ولكن أمريكا لن تترك العالم كله يجري مباشرة الى إيران بل تريد أن تتصل مع إيران علنا بقدر معلوم لكنها لا تريد لأحد غيرها أن يتصل ” . خلاصة هيكل هذه أصابت كبد الحقيقة، فأمريكا تتعاطى بإزدواجية في كافّة الملفات وفقاً لمصالحها، تضغط على العرب للإبتعاد عن طهران، بينما تحاورها سرّاً في مسقط، وتتفق معها علناً في جنيف. هيكل إستدرك قائلاً: الدول القوية قد تقوم ببعض الأشياء التي تستسهل أن تقدم عليها هي، ولكن لا تسمح لك أن تفعلها أنت (إنفتاح مصر على إيران على سبيل المثال).  

 

وبعيداً عن الضوضاء الإعلامية “الفارغة” بعيد الإتفاق، أوضح الأستاذ أنه “لم ينتهِ التناقض الإيراني الأمريكي ولن ينتهي بوجود هذا النظام في إيران. فإما ان يتغير النظام فيها أو يتم إسقاطه. فأمريكا أمام نظام في إيران رافض للهيمنة الأمريكية وملاصق لروسيا وللصين، وهو في منطقة وموقع جغرافي يشكل نقطة ارتكاز مشرفة على روسيا والصين وتركيا”. لا شك في أن كلام هيكل هذا يلخص واقع التصريحات “الإستراتيجية” التي صدرت من المسؤولين الإيرانيين والأمريكيين سواءً قبل الإتفاق أو بعده، فقد أوضح قائد الثورة الإسلامية في خطابات عدّة سابقاً أن مشكلة أمريكا مع إيران لا تختص بذريعة النووي الإيراني، بل مشكلتهم الرئيسية مع النظام الإسلامي. آية الله خامنئي أوضح سابقاً أن أمريكا بدأت بالملف النووي، وتنتقل إلى دعم حركات المقاومة وملف الصواريخ، مستنداً في رؤيته إلى الآية القرآنية الشريفة: ﴿ لن ترضى عنك اليهود ولاالنصارى حتى تتبع ملتهم ﴾ (البقرة١٢٠). وفي المقلب الآخر يؤكد خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن “الإتفاق لا يعني التوافق مع طهران، ووزير دفاعه آشتون كارتر أن الخيار العسكري لازال مطروحاً، صوابية كلام هيكل، إلا أن الاخير يعتبر ضرب إيران أمراً لا يقدر عليه أحد ولا يرغب فيه احد، فلا يستطيع أحد ان يتحمل حرباً في هذه الظروف.  

 

لقد قدّم هيكل رؤية واضحة حول ملفات التفاوض حينما قال “ليس صحيحاً أن كل الملفات قد طُويت وتم فتح الملف النووي وحده، لقد فتحت كل الملفات . لقد فتحت كل الملفات بين أمريكا وإيران، وقد لامسوا المواضيع من دون أن يجدوا لها الحل”. فقد ظهرت في الآونة الاخيرة التصريحات الإعلامية الأمريكية بكثرة حول القدرات الصاروخية، ودعم طهران لحركات المقاومة، رغم أن أمريكا كانت تؤكد سابقاً أن المشكلة الرئيسية مع طهران تكمن في الملف النووي، لا بل أظهرت مفاوضات مسقط أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري فاوض نظيره الإيراني محمد جواد ظريف على القدرة الصاروخية، إلا ان الأخير رفض الدخول فيها.

 

يبدو أن كلام هيكل كان واقعياً بأن “الاتفاق سيجعل إيران أقل شعوراً بالعزلة”، خاصةً أنه وبعد أقل من أسبوع على الإتفاق بدأ موسم الحج الإقتصادي إلى طهران حيث وصل نائب المستشارة الألمانية وزير الطاقة والاقتصاد سيغمار غابريل الى ايران على رأس وفد اقتصادي رفيع، كما أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس الثلاثاء أنه سيتوجه إلى طهران الأسبوع المقبل. 

 

أما على الصعيد العربي، فقد أكد هيكل أن “السعودية ستغرق في مستنقع اليمن ولكنها حذرة جداً، اليمنيون مساكين وفقراء ولن يتوغل السعوديون في الداخل اليمني سيواصلون الضرب من الخارج. وهم يعرفون المصائب الموجودة هناك”. كلام هيكل يلخص واقع العدوان السعودي على اليمن، إذ تخشى السعودية من التدخل البري رغم مرور حوالي الـ١٢٠ يوماً على العدوان، بل تظهر التقارير والمعلومات أن سياسة السعودية ستقتصر على المساندة الجوية والبحرية للجماعات المسلحة التابعة لها (ميليشيا هادي) أو المتعاونة معها( تنظيم القاعدة).

 

وبالعودة إلى الإتفاق النووي الذي سيؤثر كثيراً على مستقبل المنطقة، يستخلص “الأستاذ” أن “لا امريكا يمكنها ان تتجاهل إيران ولا إيران تتجاهل امريكا”، اذاً تبدو هذه الخلاصة الأقرب إلى الواقع القائم في ظل صراع المحاور الشرق أوسطي، فلا يمكن لأمريكا أن تتجاهل طهران التي شكّلت درعاً قوياً في المنطقة (طهران- بغداد – دمشق- الضاحية- صنعاء)، في المقابل لا يمكن لطهران أن تتجاهل المصالح الأمريكية في المنطقة، خاصةً أن الأخيرة تملك العديد من الحلفاء( تركيا – الكيان الإسرائيلي – السعودية)، إضافةً إلى العديد من القواعد العسكرية. ويبدو أن الطرفين سيدخلان في مرحلة يقلم فيها الطرفان أظافر بعضهما بعضا، فلننتظر النتائج.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق