خبير أوروبي: التنسيق مع إيران كفيل بحل الكثير من أزمات الشرق الأوسط
أكد الخبير بالشؤون الإيرانية في دائرة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي (ألي غرانمایة) ان التنسيق والتعاون بين الغرب وإيران كفيل بحل الكثير من أزمات الشرق الأوسط خصوصاً ما يتعلق بالأزمة السورية ومحاربة الإرهاب.
وقال غرانماية في مقال نشرته جريدة (تاكس شبيغل) الألمانية ان الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مؤخراً مع المجموعة السداسية الدولية (أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) أثبت للعالم أجمع امكانية التعاطي البناء بين طهران والغرب لتسوية جميع القضايا العالقة والشائكة في الشرق الأوسط وهو ما أكده كذلك وزير الخارجية الالماني (فرانك شتاینمایر) في تصريحاته الأخيرة.
وأضاف غرانماية ان النفوذ الواسع الذي تتمتع به إيران في الشرق الأوسط من شأنه أن يدفع الدول الغربية إلى اعادة النظر في سياساتها تجاه طهران، والاستفادة من تجارب ودروس الماضي لانتهاج اسلوب جديد يمكن من خلاله التعاون والتنسيق بين الطرفين لتسوية الأزمات الاقليمية والدولية، لاسيما ما يتعلق بالنزاع في سوريا وسبل مكافحة الإرهاب.
وأكد الخبير بالشؤون الإيرانية في دائرة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي ان النظرة القديمة إلى إيران على انها تمثل خصماً للغرب في الشرق الأوسط لاتخدم مصالح الدول الغربية على المدى البعيد ولابد من تصحيح هذه النظرة خصوصاً بعد أن أثبتت طهران قدرتها على لعب دور ايجابي وبنّاء لتسوية الأزمات في هذه المنطقة الحساسة والمهمة من العالم.
وأشار غرانماية إلى الدور المهم الذي تضطلع به إيران في محاربة الجماعات المتطرفة لاسيما تنظيم (داعش) الإرهابي في العراق وسوريا والمساعي التي تبذلها لاستعادة الأمن والاستقرار في أفغانستان، إضافة إلى الدور المحوري الذي قامت به في وقت سابق لمواجهة محاولات إثارة الفتنة الطائفية في لبنان والتي كادت أن تدمر النسيج الاجتماعي وتقضي على النظام السياسي برمته في هذا البلد.
وأشار غرانماية كذلك إلى تصريحات الرئيس الامريكي باراك أوباما الأخيرة التي أكد فيها ان التفاهم مع إيران واعتماد الطرق الدبلوماسية هو السبيل الأمثل لحل الأزمات في الشرق الأوسط.
وانتقد هذا الخبير الأوروبي محاولات بعض الاطراف الغربية التي تسعى إلى تجاهل دور إيران أو التقليل من أهميته في مواجهة الإرهاب وتسوية باقي الأزمات في الشرق الأوسط، مؤكداً فشل هذه المحاولات، وضرورة اتخاذ خطوات عملية ومؤثرة للتنسيق مع طهران في هذا المجال.
وتساءل غرانماية في جانب آخر من مقاله عن السبيل الأفضل الذي يمكن من خلاله تحسين العلاقات بين أمريكا وإيران، مشيراً إلى ان احتمال إجراء حوار مباشر بين الطرفين في الوقت الحاضر لايزال ضعيفاً بسبب الخلافات العميقة والاستراتيجية بين الجانبين حول كثير من القضايا التي تهم البلدين والأزمات المعقدة في الشرق الأوسط.
وأعرب هذا الخبير الأوروبي عن اعتقاده بأن امكانية نجاح الحوار المباشر بين واشنطن وطهران لازالت ضئيلة ومحدودة قياساً إلى ما يمكن تحقيقه في هذا المجال بين طهران والاتحاد الأوروبي، مشدداً في الوقت ذاته على ان المشاكل الكثيرة التي تواجهها الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا في الشرق الأوسط لايمكن أن تجد طريقها إلى الحل ما لم يتم التفاهم والتنسيق بشأنها مع إيران.
ونبّه هذا الخبير الأوروبي في جانب آخر من مقاله إلى أهمية الاسراع في إجراء حوار شامل بين الدول الغربية وإيران حول مختلف القضايا التي تهم الطرفين، مشيراً في هذا الخصوص إلى المخاطر الحقيقية التي نجمت عن اتساع نفوذ الجماعات الإرهابية في كافة أنحاء العالم، مشدداً على ضرورة التصدي لهذه الظاهرة المشؤومة من قبل جميع الاطراف المعنية، محذراً في الوقت نفسه من تعاظم خطر هذه الظاهرة في العديد من الدول الأوروبية لاسيما بعد عودة الكثير من الإرهابيين الذين يحملون الجنسيات الأوروبية إلى هذه الدول بعد أن ارتكبوا جرائم بشعة في الشرق الأوسط خصوصاً في العراق وسوريا.
وأشاد غرانماية بالدور الذي لعبه المنسق السابق للشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي (خافيير سولانا) في فتح باب الحوار المباشر بين الثلاثي الأوروبي (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) وإيران قبل نحو ١٢ عاماً والذي ساهم إلى حد بعيد في تهيئة الارضية لابرام الاتفاق النووي الذي تحقق مؤخراً في فيينا بين طهران ومجموعة ٥+١.
وتطرق الخبير بالشؤون الإيرانية في دائرة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي إلى الفترة التي اعقبت تسلم الرئيس الإيراني حسن روحاني لمنصبه قبل نحو سنتين، واصفاً إيّاها بأنها وضعت الحجر الأساس لتحسين العلاقات بين طهران والعواصم الغربية، مشيراً في هذا الخصوص إلى الزيارات المتكررة التي قام بها العديد من المسؤولين الأوروبيين إلى إيران خلال تلك الفترة اضافة إلى الاتصالات التي أجرتها أكثر من ١٠٠ هيئة اقتصادية أوروبية لعقد صفقات تجارية مع طهران خلال السنوات الأخيرة، معتبراً ذلك بأنه يمثل دليلاً واضحاً على مدى رغبة الدول الأوروبية في تحسين علاقاتها مع إيران.
وفي ختام مقاله أكد الخبير الأوروبي على أهمية استثمار الفرصة التاريخية التي تهيأت نتيجة ابرام الاتفاق النووي بين إيران والسداسية الدولية لحل النزاعات والأزمات في الشرق الأوسط رغم اعتقاده بأن الطريق لازال طويلاً وشاقاً لتحقيق هذا الهدف إلاّ انه يعتقد كذلك بأن تحقيق ذلك ليس بعيد المنال إذاما توفرت النوايا الحسنة والصادقة وتم التعامل مع هذه الأزمات على ضوء القانون الدولي في أجواء تسودها الثقة والاحترام المتبادل.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق