مهن الفنانين قبل الشهرة
اخبار الفن ـ الرأي ـ
قبل احترافهم الفن، اعتاش فنانون كثر من مهنٍ مختلفة. منهم من كان فقيراً وارتقى درجة درجة نحو اليُسر والثراء، ومنهم من كان ميسوراً فتضاعف ما يملكه. لكنهم جميعاً بدأوا من الصفر وامتهنوا أعمالاً تنوّعت مجالاتها، من الصناعيّة إلى التعليميّة واليدويّة والحكوميّة، إلى أن ابتسمت لهم الشهرة وفتحت لهم سماء الفن أبوابها وأصبحوا نجوماً يتطلع إليها، ويتابع مساراتها الآلاف من مُعجبيهم.
فماذا كان يعمل الفنانون قبل دخولهم عالم الفن؟
عاصي الحلاني: امتهنت كلّ ما يخطر في البال
نشأ محمد الحلاني أو عاصي الحلاني في منزلٍ متواضع يضمّ عائلة مؤلّفة من 13 فرداً، ثلاثة أبناء وعشر بنات، توفّيت إحداهنّ فصار عددهم 12 بالإضافة إلى والديه. طفولته تشبه طفولة أي شاب لبناني نشأ في الحرب. هو من بعلبك، ولد في بيروت وعاش فيها مع أهله الذين كانوا يريدونه أن يكمل تعليمه الأكاديمي.
ويقول عاصي: “كنت أهرب من المدرسة كي أتعلّم الغناء وأمارسه إلى أن عرف والدي بالأمر و”أكلنا بهدلة”. أهلي، ككل أهل، يخافون عليّ، خصوصاً أن البلد كان يعيش فترة حرب وأنا كنت صغيراً لم يتعد عمري 16 سنة، كنت أخرج ليلاً وأعود متأخّراً فيقلق أهلي عليّ بسبب سوء الأوضاع الأمنية، وحين أعود أجدهم منتظرين “وناكل علقة”. عملت في أكثر من مجال للحصول على المال لأخدم فنّي. فعملت نجّاراً، وحلونجياً وأي شيء يخطر في البال. حتى أني عملت مع أهالي الضيعة، حيث كنت أمضي فترة الصيف سنوياً، في قطف القثاء والبطاطا والبندورة كي أحصل على مصروفي وأجمع مالاً لخدمة هدفي”.
راغب علامة: مسحت طاولات في صالة ألعاب Flipper
ولد في غرفة متواضعة بمنزل جده لأبيه في الغبيري جنوب بيروت. واشتهر الحي الذي ولد فيه باسم آل علامة لوجود قاضٍ شهير في الحي يحمل اسم راغب علامة عرف عنه العدل والصدق والأخلاق الكريمة، فقام والد مولود آل علامة الجديد بإطلاق اسم القاضي على ابنه، تيمّناً به، وتمنّى أن يصبح نجله قاضياً إسوة بالقاضي علامة. واشتهر راغب بحسّ المسؤوليّة العالي الذي كان يدفعه دائماً إلى البحث عن عمل. ويقول: “مسحت طاولات في صالة ألعاب Flipper في سن الثانية عشرة وتقاضيت مقابل عملي ربع ليرة. ثم سافرت إلى العراق وعملت في مجال التكييف مع ابن عم والدتي”. بدأ رحلته الفنية في ثمانينات القرن الماضي بفوزه بالمركز الأول في برنامج “استوديو الفن” ولم يكن قد تجاوز الثامنة عشرة.
محمد عبده: ملك البحر
صغيراً كان عندما عاش الطفل محمد عبده الفقر واليتم. فهو، وقبل دخوله عالم الفن، اضطر للعمل بغية إعالة نفسه وعائلته. نشأ فنان العرب يتيماً وعاش طفولته في دار للأيتام. التحق بعدها بالمعهد الصناعي الثانوي في جدة، وحصل على دبلوم في صناعة السفن. وحلم طويلاً بأن تكون له ورشته الخاصة على الشاطئ يصنع فيها المراكب الصغيرة على غرار والده المتوفّى الذي كان سفّاناً. لكن الفن سفنه عن حياة البحر ومراكبه.
وكان لوالدة محمد عبده الأثر الأكبر في حياته، فهي كما صرّح مرة: “كانت الربان الذي عبر بنا أشد العواصف دون أن يسمح للريح أن تحني هامته ولا هامات ركاب السفينة. تعودنا معها على الفقر الكريم، الذي لا يزيد صاحبه إلا كبرياء، فكنا نرسم الحلم في عيوننا المتعبة قبل أن ننام، ولا نبالي بلون الصباح”.
ومع أن مشوار عبده الفني بدأ بهزيمة كادت أن تودي بطموحاته، فإن إصراره جعله يتخطّى خروجه من فشله في مشاركته في مسرح الإذاعة الذي كانت تنظمه إذاعة جدة. يومها استبد اليأس بمحمد عبده، ولعلها المرة الوحيدة التي أوشك أن يقرر فيها ترك الفن والتفرغ لدراسته في قسم صناعة المراكب بالمعهد الصناعي، بعد أن شعر بأن مستقبله الفني أودت به الرياح. لكن إصراره انتشله من الغرق في حالة الإحباط التي انتابته، وكان لقاؤه بالشاعر الغنائي إبراهيم خفاجي المفصل في حياته الفنية. فقد نصحه خفاجي بتطوير قدراته على التعامل المباشر مع الجمهور، والتعرف إلى سيكولوجيته، وذوقه الفني.
يقول محمد عبده: “استفدت من درس الخفاجي، فكنت أحمل عودي في نهاية كل أسبوع لأغني في حفلات الزفاف مجاناً، حتى اكتسبت مفاتيح التعامل المباشر مع الجمهور، ومعرفة شرائحه وأذواقه”.
نجوى كرم: التعليم مهنتي الأولى
ترعرت نجوى كرم فى مدينة زحله وتعلّمت فيها. بعد حصولها على شهادة البكالوريا عملت مدرّسة قرابة العامين في مدينتها الأم. عُرفت نجوى بين الأهل والأصدقاء بجمال صوتها وقوّته، لذا عندما بدأ برنامج الهواة “ليالي لبنان” اقترحت عليها خالتها أن تتقدّم للبرنامج وتجرّب حظّها. لم يكن في حسبانها، ذلك الوقت، احتراف الفن لكنها أعجبت بفكرة خالتها، فذهبت إلى بيروت دون علم أبيها الذي عارض دخولها الفن في البداية. شاركت نجوى في البرنامج وحصلت على المركز الأول والميدالية الذهبية، فعادت منتصرة وقررت أن تترك عملها كمعلمة وتتفرغ للفن بعد أن كان والدها قد اقتنع وأخذ منها عهداً بأن تكون محافظة ومسؤولة في اختياراتها.
وليد توفيق: عبقري المقاولات الكهربائية
كان وليد توفيق في طفولته ولداً محبوباً جداً في الحي الذي تربّى فيه بين أخوته العشرة، لكنه كان مشاغباً جداً في المدرسة ولم يهتمّ كثيراً لدروسه بقدر اهتمامه بالفن وانشغاله بالتفكير في الغناء والتمثيل ومتابعة المسرح والأفلام السينيمائية.
عمل في مجالات عدة لتأمين مصروفه، لأن والده كان يعارض عمله في الفن، لذلك عمل في تصليح الراديو والتلفزيون وتركيب الهوائي والمقاولات الكهربائية، خصوصاً أن معظم أقاربه يعملون في هذا المجال. وكان أول من تعلم تركيب مصباح “الفلوريسان” و”الإنترفون” في طرابلس التي كان أهلها يستقدمون من يعرف تركيب الكهربائيات من بيروت، وكان عمره 15 سنة عندما أنجز أول ورشة وكانت عبارة عن مبنى في شارع “الثقافة” في طرابلس. وتعلّم وليد عمله هذا في عام واحد، لكي يتمكّن من تعلّم الفن وعزف العود والذهاب إلى الحفلات. وهو يفتخر بكل ذلك لأنّه اعتمد على ساعده ليبني نفسه ويقف بجانب والده وعائلته.
بدأ مشواره الفني ببرنامج “هواة”، لكن انطلاقته كانت قوية جداً فخُطف بسرعة من حياته العادية إلى النجومية، ويقول وليد توفيق: “من أول سنة غنّيت فيها مثّلت فيلماً مع حسن الإمام وكرت المسبحة في أفلام تالية. كنت أهوى الغناء والعود منذ البداية وسعدت بالنجومية لكنها تؤثر كثيراً على حياتي وكانت مسؤوليّة كبيرة تقع على كاهلي في سن مبكرة”.
وائل كفوري: مزيّن شعر
درس وائل كفوري في مدرسة العائلة المقدسة في البقاع، كان يغنّي معظم الوقت بطلبٍ من المدرّسات.
كان وائل، أو ميشال يبحث دائماً عن شقق في عمارات لا تزال قيد الإنشاء، ليصعد إليها ويبدأ الغناء فيها ليسمع صدى صوته وكان يصطحب معه أصدقاءه ويسمعهم صوته.
كان وائل يساعد والده في البناء، فوالده كان بنّاء. ثم، قرّر أن يتعلّم مهنة تزيين الشعر. فعمل لدى صالون “آدم” للسيدات في منطقة حوش الأمراء، قرب منزله، بهدف تأمين مصروفه اليومي. لكنه لم يستمر في هذا العمل طويلاً، فقد شارك في برنامج “استوديو الفن” ونال شهرة فاقت التوقعات.
شيرين: غنّيت كورال وراء فنّانين كثر
في سن الثالثة عشرة، كانت شيرين عبد الوهاب تقصد دار الأوبرا المصرية كل نهار جمعة لحضور التمارين تحت إشراف المايسترو سليم سحّاب. وكانت من ضمن مجموعة تحيي حفلات سنوية وشهرية مهمة جداً، إلى أن قدّمت أول أغنية صولو لها في المسرح وكانت “ست الحبايب”.
دخلت شيرين معهد الموسيقى العربية بعد انتهائها من المرحلة الإعدادية، لكي تدرس الموسيقى بالتوازي مع الثانوية العامة، لكنّها لم تستمر في الدراسة إلاّ لمدّة سنتين، لأنّها تخيّلت أن موهبتها ستبنى هناك، وأنّها ستدرس الفن ويكتشفها فنانون كبار وتغنّي على مسارح مهمة، كمسرح سيد درويش.
هكذا قرّرت أن تشقّ الطريق بمفردها، فتعمل في المجال الفنّي وتحيي حفلات لتكتسب خبرة مهمّة. تقول: “قبل أن أصبح مطربة مشهورة غنّيت كورال وراء فنّانين كثر. ثم اختفيت مدّة طويلة وانضممت إلى فرق غنائية صغيرة، إلى أن التقيت عدداً من الشعراء والملحنين الذين جمعوني بالمنتج نصر محروس، وشعرت حينها بأنّ شيئاً غير عادي سيحصل معي. كنت في التاسعة عشرة من عمري في ذلك الوقت، ومن هنا بدأ المشوار”.
إليسا: ممثلة شانسونييه
أول تجربة غنائية لإليسا كانت وهي في سن الثامنة في مهرجان الطفل حين غنّت أغنية “يا جندي يا باني العزّ” للفنانة باسكال صقر، ثم عملت ممثلة في “مسرح الساعة العاشرة” مع الفنان اللبناني الراحل وسيم طبارة. وتقول إليسا إن سبب تمثيلها هو أنها كانت تغنّي أثناء التمثيل. شاركت عام 1992 في برنامج “استوديو الفن” ونالت الميدالية الفضية عن فئة الأغنية الشعبية الشبابية، وكانت تمثّل منطقة البقاع في لبنان.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق