لماذا تحاول السعودية استمالة حركة حماس إلى جانبها؟!
بعد فشلها في تشكيل جبهة اقليمية لمواجهة إيران ومحور المقاومة في المنطقة عمدت السعودية مؤخراً إلى انتهاج سياسة جديدة علّها تفلح في استمالة بعض الاطراف المؤثرة إقليمياً ومن بينها حركة حماس مستفيدة من فتورها النسبي في العلاقة مع إيران، ومن ضعفها المادي نتيجة الحصار الذي يفرضه الكيان الاسرائيلي على غزة منذ اكثر من ثماني سنوات والذي أدى إلى تفاقم الاوضاع الانسانية والاقتصادية في القطاع بدرجة كبيرة. إضافة إلى ابتعاد حماس عن جبهة الاخوان المسلمين نتيجة انحسار المد الشعبي الثوري الذي شهدته العديد من الدول العربية في المنطقة خلال السنوات الأخيرة.
هذه الاسباب وغيرها دعت حماس في المقابل للتفكير ببدائل اقليمية علّها تجد السبيل للخروج من ازمتها الحالية لاسيما في الجانب المادي، ففكرت هذه المرة بالتوجه إلى الرياض في وقت تسعى فيه الأخيرة إلى اعادة النظر تجاه هذه الحركة التي وضعتها وزارة الداخلية السعودية ضمن الحركات الارهابية في بيان اصدرته عام ٢٠١٣ إلى جانب حركة الاخوان المسلمين وتنظيم “داعش” وما يسمى “جبهة النصرة”.
وبعد زيارته الأخيرة إلى السعودية وصف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل هذه الزيارة بأنها خطوة في الاتجاه الصحيح، معتبراً إيّاها بأنها تهدف إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين قادة حماس والمسؤولين السعوديين.
واضاف مشعل “ان حماس طرقت وما زالت تطرق كل الأبواب العربية والإسلامية من أجل فلسطين والقدس، موضحاً أن حماس لا تستغني عن أحد، ولكنها لن تخوض لعبة المحاور”.
وانتقد رئيس المكتب السياسي لحماس ما اسماه الصخب والمزايدة والإشاعة التي صاحبت زيارته إلى السعودية، مشيراً إلى ان حماس لا تقاتل إلاّ على أرض فلسطين، ولا تخوض معركة إلاّ في وجه الاحتلال، لكنها تعيش في الوقت نفسه قضايا وهموم الأمة وهي تفعل ذلك لتقول للعرب والمسلمين ان فلسطين أمانة في اعناقهم، متوقعاً ان يأتي اليوم الذي يشعر فيه العالمان العربي والاسلامي بأن فلسطين رافعة لهم وليست عبئاً عليهم.
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قال من جانبه ان زيارة مشعل إلى بلاده كانت لأداء العمرة وليس لها طابع سياسي، مشيراً إلى أن موقف الرياض من حماس لم يتغير.
وزعمت بعض وسائل الاعلام العربية أن حماس سعت إلى اقناع السعودية بالتدخل لتحسين علاقاتها مع القيادة المصرية وهو ما نفته الحركة على لسان القيادي اسماعيل رضوان، مشدداً على أنَّ حماس تتواصل بشكل مباشر مع السلطات المصرية، والعلاقة بينها وبين الجانب المصري جيدة، ولا تحتاج إلى أيّ وساطة في هذا المجال.
كما زعمت بعض وسائل الاعلام بأن حماس ترغب بالالتحاق بالدول والاطراف المعارضة لإيران في المنطقة خصوصاً بعد توقيعها الاتفاق النووي مع مجموعة (٥+١)، في حين أكد مراقبون ان عدداً من القنوات الاعلامية حاول تضخيم دور حماس في الآونة الأخيرة لتبرير حاجة السعودية للاصطفاف معها في مواجهة طهران، فيما يعتقد آخرون بأن التغييرات التي حصلت مؤخراً في المنطقة وفي مقدمتها الاتفاق النووي بين إيران والسداسية الدولية وفشل المحور (السعودي – القطري – التركي) بتنفيذ مشروعه الرامي إلى إسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الاسد والخلافات بين الدول الاعضاء في مجلس التعاون لاسيما بين قطر والسعودية وبروز حركة انصار الله في اليمن كقوة مؤثرة في المنطقة والعدوان السعودي المتواصل على اليمن هي التي دعت الرياض إلى انتهاج سياسة جديدة تجاه حماس بهدف استمالتها إلى جانبها مستفيدة من حاجتها للدعم المادي في الوقت الحاضر.
ويعتقد المتابعون لتطورات المنطقة ان النظام السعودي يسعى لاستمالة حماس لإبعادها عن إيران وسوريا ومحور المقاومة في المنطقة لتصور بأن علاقة حماس لم تعد قوية مع طهران ودمشق كما كانت في السابق.
والسؤال المطروح هو: هل تتمكن السعودية من إبعاد حماس عن محور المقاومة وجذبها إلى جانبها للوقوف ضد إيران وسوريا، أم ان أهداف الشعب الفلسطيني وتطلعاته في التحرر من نير الاحتلال الاسرائيلي هي التي ستملي على حماس تحديد أولوياتها ورسم خارطة علاقاتها مع الدول المؤثرة في المنطقة وفي مقدمتها إيران بإعتبارها الداعم الرئيس للقضية الفلسطينية والمدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني في الارض والوطن.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق