التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

کیف ستکون مواقف موریتانیا تجاه القدس بعد قطع العلاقات مع “تل أبیب”؟ 

بعد أن تمكن الكيان الإسرائيلي من عقد اتفاقات سلام مع النظام المصري خلال حقبة حكم «محمد أنور السادات» في نهاية السبعينات من القرن الماضي، وبعد ذلك، مع الاردن والسلطة الفلسطينية في تسعينات القرن المنصرم، زادت مساعي هذا الكيان للتغلغل داخل المجتمعات العربية. موريتانيا كانت إحدى هذه الدول العربية التي تمكنت تل أبيب من الدخول الیها من باب التعاون الإقتصادي المشترك، مستغلة الأزمات التي يعاني منها الشعب الموريتاني في المجال الإقتصادي لبلوغ هذه الغایة، حيث وافقت السلطات الموريتانية في عام ٢٠٠١ علی بدء هذه العلاقات بالرغم من معارضة الشعب الموریتاني لها. لكن بقيت تل أبيب غير مطمئنة علی علاقاتها مع موريتانيا بسبب المعارضة الشعبية منذ الیوم الأول والتي تشكلت فيها هذه العلاقة وحتی الیوم الذي تم خلاله إعلان قطع هذه العلاقة. وفي سياق متصل عقد مؤتمر نصرة القدس یوم الجمعة الماضي وتستمر أنشطته حتی الیوم (الأحد) في نواكشوط العاصمة الموریتانیة، وأراد الشعب الموريتاني من خلاله الاعلان أن القدس ستظل منارة القضية الفلسطينية عبر دعم الشعوب العربیة والإسلامیة لها، رغم التعنت الإسرائيلي. 

 

وفي هذه الاثناء یعتبر إنعقاد مؤتمر القدس الأول بموريتانيا الذي ينظمه «الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني» تحت شعار “شركاء في القضية .. شركاء في التحرير”، الذي حضره العديد من رؤساء الاحزاب السياسية الموريتانية، ونواب في البرلمان عن الاغلبية والمعارضة بالاضافة الی جموع غفيرة من الشعب الموريتاني، یعتبر دلیلاً علی أن القضية الفلسطينية بشكل عام والقدس بشکل خاص تحظی بتاييد كبير داخل المجتمع الموريتاني وأن جميع المساعي التي بذلها الكيان الإسرائيلي لإمحاء القضية الفلسطينية من ذاكرة الشعب الموريتاني باءت بالفشل. 

 

حيث يقول الامين العام لمؤسسة الرباط الوطني للقدس ولنصرة القضية الفلسطينية «محمد غلام ولد الحاج الشيخ» الذي ترعی مؤسسته مؤتمر القدس في موريتانيا: “إن الظاهرة التي تستمر لمدة ثلاثة أيام، تسعى لبناء ثقافة صلبة لدى الموريتانيين حول القضية الفلسطينية، وتعميق الوعي بمخاطر التهويد التي تهدد القدس الشريف”. مضيفا أن تنظيم نشاط بهذا الحجم يترجم ارتباط الشعب الموريتاني بالقضية الفلسطينية، مؤكداً “أن القضية ظلت حاضرة في وجدان الشعب الموريتاني على مدار العقود الأخيرة، والدليل على ذلك تصدّر الشارع الموريتاني لقائمة الحراك المساند للقضية الفلسطينية”. ويتكون برنامج الفعالیات من ندوات وورشات عمل تتناول واقع القضية الفلسطينية والجهود المحلية التي يبذلها الشعب الموريتاني لدعمها .

 

واستطاعت مؤسسة “الرباط الوطني للقدس ولنصرة القضية الفلسطينية” الموريتانية، وهي مؤسسة شعبية أن تساهم خلال السنوات الماضية في خلق تعاطف شعبي مع القضية الفلسطينية، كما أن لجهودها دوراً كبيراً في إنهاء العلاقات الرسمية بين الحكومة الموريتانية والكيان الإسرائيلي عام ٢٠٠٩، بفضل أنشطتها الاحتجاجية التي تعاطف الشعب الموريتاني معها بشكل كبير في دعم القضية الفلسطينية. 

 

وبعد حوالي عشرة أعوام علی إنطلاق العلاقات الإسرائيلية الموريتانية عبر زيارة وزير الخارجية الموريتاني «الداه ولد عبدي» للأراضي المحتلة في أيار ٢٠٠١، اُعلن في كانون الثاني ٢٠٠٩ تجميد العلاقة الموريتانية الإسرائيلية في عهد الرئيس الموريتاني «محمد ولد عبدالعزيز»، حتی تم الاعلان عن قطع العلاقة نهائيا في تاريخ ٢٢ مارس ٢٠١٠ خلال تجمع جماهيري من قبل «الناها بنت حمدي ولد مكناس» وزيرة خارجية موريتانيا حينها، حيث قالت آنذاك: فليعلم العالم من هنا أن موريتانيا قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل بشكل نهائي.   

 

وفي ظل الاهتمام المتزايد الذي تكتسبه القضية الفلسطينية وقضية القدس علی وجه الخصوص في العالم العربي والإسلامي، يصبح من غير الوارد أن يتمكن الكيان الإسرائيلي من الاستمرار في سياساته لتهويد القدس من خلال محو الآثار الإسلامية في هذه المدينة، وسيواجه هذا الكيان موجة غضب جديدة من قبل العالم الإسلامي في ظل الإقتحامات التي تقوم بها قطعان المستوطنين لتدنيس باحات المسجد الاقصی في القدس الشريف. 

 

إذن نظرا لهذه الأهمية التي تكتسبها مدينة القدس في العالم الإسلامي، باتت أحلام الكيان الإسرائيلي التي ظل يغني لزمن طويل أن القدس ستكون العاصمة الأبدية لإسرائيل، مهب الريح، وأن هذه المدينة لا يمكن أن تكون عاصمة إلاّ للشعب الفلسطيني، صاحب الارض، وستظل مدينة القدس ومسجدها الاقصی، عنوان الحضارة الإسلامية وقبلة العالم الإسلامي الاولی.   

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق