أسباب تأخر عمليات تحرير الفلوجة والرمادي من تنظيم “داعش” الإرهابي
رغم التقدم الكبير والمهم الذي حققته القوات العراقية بإسناد من الحشد الشعبي وأبناء العشائر في إطار عملياتها التي بدأتها قبل نحو اسبوعين لتحرير محافظة الأنبار من عصابات “داعش” الإرهابية لازالت هذه العمليات تواجه سلسلة من التعقيدات الميدانية والسياسية، ما أدى إلى تأخرها لبعض الوقت، حسبما أعلن عدد من كبار العسكريين المشاركين في قيادة هذه العمليات.
فما هي أسباب هذا التأخر من وجهة نظر المحللين والمتابعين لتطورات الشأن العراقي لاسيما ما يتعلق بالشأن العسكري والميداني.
للاجابة عن هذا التساؤل لابد من الاشارة إلى عدة أمور:
١ – وجود عدد كبير من المدنيين المحاصرين في المدن والأقضية التي تعتزم القوات العراقية تطهيرها من عناصر “داعش” والذين اتخذهم الإرهابيون دروعاً بشرية لمنع تقدم هذه القوات. وهذا أدى إلى تلكؤ العمليات وتأخرها لحين إيجاد مخرج لهذه المشكلة حفاظاً على ارواح المدنيين. وتشير بعض التقارير إلى وجود أكثر من ٤٠٠٠ عائلة في الفلوجة وحدها لازالت محاصرة من قبل إرهابيي “داعش”.
٢ – لجوء تنظيم “داعش” إلى الاستفادة من الانتحاريين والسيارات المفخخة في تنفيذ هجمات إرهابية ضد القوات العراقية والمدنيين، اضافة إلى وجود أعداد كبيرة من القناصين التابعين لهذا التنظيم على أسطح البنايات العالية في المدن والقرى التي يعتزم الجيش والحشد الشعبي وأبناء العشائر تحريرها من الإرهابيين.
٣ – الطبيعة الجغرافية لمحافظة الأنبار التي تتميز بأراضٍ صحراوية شاسعة وهو ما يجعل مسك الأرض بعد تحريرها من إرهابيي “داعش” أمراً في غاية الصعوبة لأنه يتطلب أعداداً كبيرة جداً من المقاتلين من الجيش والحشد الشعبي وأبناء العشائر للقيام بهذه المهمة.
٤ – عمليات الشد والجذب التي تحصل بين الحين والآخر من قبل أطراف سياسية محسوبة على المكون السني والمناطق التي يحتلها تنظيم “داعش” الإرهابي في الأنبار حول مشاركة الحشد الشعبي في تحرير مدن وأقضية هذه المحافظة، ما تسبب أيضاً بتأخير العمليات العسكرية في هذه المناطق.
٥ – قيام تنظيم “داعش” الإرهابي بفتح جبهة (مصفى بيجي وقضاء بيجي) شمال محافظة صلاح الدين لتشتيت جهود الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي وإرباك استحضاراتها لإشغالها عن معركة تحرير الأنبار من إرهابيي هذا التنظيم.
٦ – عملية تغيير القادة والآمرين التي حصلت بعد احتلال “داعش” لمدينة الرمادي وتعيين قادة وآمرين جدد أثرت أيضاً في تأخير هذه العمليات التي تتطلب من القادة الجدد إجراء استطلاعات مفصلة لإعداد خططهم وتهيئة قواتهم للقيام بهذه العمليات، وهذه الأمور تستغرق وقتاً طويلاً كما هو معروف لدى الخبراء والمتخصصين العسكريين.
٧- عمليات الإحاطة والتطويق الواسعة للمدن والأقضية والقصبات التي نفذتها قوات الجيش والحشد الشعبي لقطع طرق إمدادات “داعش” وتضييق الخناق على عناصره والتي استغرقت كذلك وقتاً طويلاً وتطلبت قطعات كبيرة مدربة على هذه الواجبات غير القطعات التي ستقوم بالهجوم لاستعادة المدينة.
٨- قيام “داعش” بفتح جبهات أخرى في قاطع عمليات الأنبار وتحديداً في الثرثار وناظم التقسيم والحبانية وعين الأسد والبغدادي والكرمة والخالدية لشغل القوات العراقية عن واجبها الرئيسي وهو استعادة الرمادي، وهذا الأمر أدى أيضاً إلى تأخير تنفيذ الهجوم على الرمادي.
٩- السبب الأخير والذي ربما يعد الأهم بحسب الكثير من المراقبين في تأخر عمليات تحرير الفلوجة والأنبار، هو ممارسة امريكا الضغط على الجيش العراقي والحكومة العراقية لمنع قوات الحشد الشعبي من المشاركة في تحرير الأنبار من عناصر “داعش” الإرهابي، حيث أكد مصدر بوزارة الدفاع العراقية ان العمليات التي بدأها الحشد قبل اسبوعين لتطهير الفلوجة كانت قد اقتربت من تحقيق أهدافها لكن السفير الامريكي في العراق تذرع بعدم وجود تنسيق بين شيوخ عشائر الأنبار والجيش العراقي وطلب من رئيس الوزراء حيدر العبادي تأجيل هذه العمليات.
وأضاف المصدر ان قائد القوات العسكرية الامريكية المستقرة في غربي العراق مارس هو الآخر ضغوطاً على قيادة الجيش العراقي لتأجيل العمليات في الفلوجة، وهدد بأن الجيش الامريكي سيشن غارات على مناطق الاشتباكات بين الحشد الشعبي وعناصر “داعش”.. وهو ما اعتبره الجانب العراقي تهديداً ضمنياً بالتدخل العسكري الامريكي لصالح “داعش”.
وتجدر الاشارة إلى أن القوات الامريكية كانت قد تدخلت مراراً لصالح تنظيم “داعش” الإرهابي في المعارك الجارية بالعراق وألقت السلاح والعتاد جواً على اماكن تواجده لمساعدته في كسر الحصار الذي تفرضه القوات العراقية على عناصره في العديد من مناطق القتال، كما تغاضت القوات الامريكية قبل نحو شهر عن قيام “داعش” بتنظيم استعراض عسكري بالقرب من محل استقرار الوحدات الامريكية في غرب العراق.
ورغم الأسباب التي أشرنا اليها آنفاً لاتزال القوات المسلحة العراقية والحشد الشعبي تواصل الضغط على “داعش” وتحاصر عناصره في مناطق كثيرة من الأنبار لاسيما في الرمادي والفلوجة تمهيداً لتحريرها من هؤلاء الإرهابيين. ويبقى أمر حسم المعركة في الأنبار لصالح القوات العراقية يخضع بحسب المراقبين لحسابات عسكرية معقدة تتعلق بالجوانب القتالية والفنية والتدريبية والتسليحية واللوجستية في ظل الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية الحرجة التي يمر بها العراق في الوقت الحاضر.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق